Advertisement

أخبار عاجلة

هل يتمّ حذف الإعراب وإلغاء الحركات في اللغة العربية؟

Lebanon 24
26-04-2016 | 01:22
A-
A+
Doc-P-144671-6367053809626277811280x960.jpg
Doc-P-144671-6367053809626277811280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
قامت الأكاديمية الفرنسية بطرح جريء تمَّ بموجبه إلغاء accent circonflexe [^] وقد رحّب به قسم من الفرنسيّين ودحضَه قسم آخر، وهذا أمر طبيعي في بلد التعدّدية الفكريّة والغنى الحضاري، والتمسّك بكلّ ما هو قديم يصوّر التّراث والرقيّ في بلد متطوّر قابل للتجديد والاجتهاد. ولكن هل ستمتدّ تلك الموجة لتطال لغتَنا العربية الكثيفة المصطلحات فيتمّ التقليد ويُحذف الاعراب وتُلغى الحركات؟ وفي ظلّ التكنولوجيا المتطوّرة وفي ظلّ اللغات الطارئة على لغتنا العربية ما البديل؟ بدأت الأسئلة تُطرح خصوصاً بعد الإعلان عن تشكيل لجان تعيد النظر في المناهج التربوية، وبعد إعلان وزير التربية في مقابلة تلفزيونية عن عدم حاجتنا لبعض المصطلحات اللغويّة التي ترهق الطلاب من دون حاجة ماسّة إليها، والغاية من كلّ هذا تبسيط اللغة العربية وتقريبها من أذهان الطلّاب، فنقضي على نفور بعضهم منها ولجوئهم إلى لغات طارئة غريبة عن لغتنا الأمّ. اللغويّ لا يخطئ في لغته لقد أشرتُ في مقال سابق في "الجمهورية" إلى المصطلحات نفسها التي يتمّ تداول حذفِها اليوم، والمقالة كانت تحت عنوان: "أريحونا من المصطلحات النحويّة". وكانت المقالة صرخةً أطلقها الدكتور إميل يعقوب، في محاضرة ألقاها في المعهد العالي للدكتوراه، نَقلتها بأمانة وموضوعية. واليوم أكمِل في الاتجاه نفسه لأنّ الغاية على حدّ قول الدكتور إميل من إلغاء بعض المصطلحات والحركات هي التسهيل، ومن منطلق لغتنا الصامدة عبر العصور نحن لا نفرّط بها. وقد لا نؤيّد الفرنسيين في طرحهم ان مسَّ هذا الطّرح جوهر اللغة. وإن انطلَقنا من منطلق التّغيير ومن معالجتنا لأيّ أمر يجب أن نكون حضاريّين علميّين ونضع العاطفة جانباً ونعالج المسألة علميّاً وإن أخطَأنا نتراجع. ويضيف بأنّ ما نقرأه في النحو العربيّ معظمه كذِب وغير صحيح، رواياته مختلقة ولا نستطيع أن نبيّن مدى صحّتها كلّها ولكنّنا إن أثبتنا عدم مصداقيّة بعضها نكون استوفَينا وقتنا وجهدنا. يركّز الدارسون على عبارة: "الإعراب هو الذي يميّز المعنى" فلو عُدنا إلى الجملة التي أنطقوها لابنة أبي الأسود الدؤلي في قولها لأبيها: "ما أجملَ السماء" أجابها: "نجومها". قالت: "إنّي أتعجّب". أردف: إذا قولي كذا وكذا... من هنا، إنّ تكذيبَ هذه الرّواية سهلٌ لأنّ تكذيبها يرتكز على أنّ اللغويّ لا يخطئ في لغته ويعني هذا أنّنا عندما نتكلّم في مجتمعنا لا نخطئ في لغتنا، وإن أخطأنا، تلعثماً أو قلّة انتباه أو غيره نصحّح مباشرةً. فهل يخطئ أحدنا حين يتكلّم بالعامّية؟ هل تكلّمت ابنة أبي الأسود الدّؤلي بالفصحى؟ نعم، ولكنّها تكلّمت بلغتها، لذا الخطأ مستبعَد. هناك بونٌ شاسع في النّطق، في التنغيم بين الاستفهام والتعجّب، وما يميّز بينهما هو النّبرة الكلاميّة لا الإعراب. وهل اختلفَت "ما" و"أجمل" و "السماء" بين التعجّب والاستفهام؟ طبعاً لا. إذاً، على المستوى الشّفهي أثبتنا خطأ الرّواية لأنّ اللفظ واحد والرّواية والحركة الإعرابيّة واحدة، والتّسكين واجبٌ في القراءة عند الوقف، ولا نفصل عندما نتكلّم. أمّا على المستوى الكتابيّ فنَضع العلامات، وما يميّز هو سياق الكلام، فالجملة لا تأتي وحدها في الهواء بل يَسبقها كلام ويأتي بعدها كلام. فلمَ لا نحذف الحركات؟ الأصل إيصال المعنى ووجَد الدكتور أنّ الحركة تدلّنا على الفاعل في حالة واحدة نادرة من مليار حالة، وهي إذا أردنا أن نقدّم المفعول به وليس هناك أيّ قرينة تدلّ على الفاعل، عندها تنفعنا الحركة. هذه الحالة من مليار حالة نادراً جداً ما نستعملها أو نجدها. وأحياناً يتقدّم المفعول به على الفاعل لإبرازه أو للتأكيد عليه، ولكن في هذه الحالة هناك قرائن لغويّة تدلّنا عليه مثلاً: "أكل الكوسى موسى": (موسى طبعاً هو الفاعل فالقرينة منطقيّة وقد تقدّم المفعول به على الفاعل). وعرضَ الدكتور أمثلة مفصّلة داعماً قوله هذا، مثبتاً رأيَه فيه بحجَج وأمثلة لبعض القراءات. من هنا التأكيد على فكرة أنّ تغيير الحركات أو تسكين الكلمات ليس جوهرَ اللغة العربية، فالمهمّ والأصل إيصال المعنى الى المتلقّي بشكل سليم، وهذا أمر حاصل، والإعراب لا يفيد المعنى، فالحركة وضِعت على أساس المعنى لا على أساس الحركة، فإن كنّا نستطيع أن نعرف المعنى إذا فالإعراب لا داعي له. ويكمِل الدكتور بأنّه عملَ سَنة كاملة وبحثَ ونقّبَ في نحو اللغة ووجد أنه من أصل مئة حالة، نعرف خمساً وتسعين حالة من المعنى والإسناد، داحضاً كلامَ ابن فارس: "لولا الإعراب ما عرف فاعل من مفعول به". وأكّد وجود ألف أسلوب وأسلوب نعرف فيه الفاعل من المفعول به، ولذلك الحركة طردناها من كلامنا العامّي. نحن لا ندعو إلى العامّية، يضيف دكتور إميل، نحن ندافع عن الفصحى ونقول: "لو لم تكن موجودة لأوجَدناها"، إنّها اللغة التي توَحّد العرب. وعندما كان الأدباء والشعَراء خصوصاً يتكلّمون، كان النحاة يراقبونهم وكانوا ينتقدونهم، وكان الشعَراء يتبرّأون منهم. ولكن في العامّية هل هناك من ينتقدنا؟ ليس هناك رقابة، وعندما غابت الرّقابة تحلّلوا من الإعراب، وهل كانوا يستطيعون التَحلّل منه لو كان ضروريّاً لنقلِ المعنى أو لإظهار المعاني؟ في "بغداد" أو "مسقط" لا نتفاهم بلهجاتنا بل باللغة الفصحى المسكَّنة، نهرب من التحريك، نتحدّث كي نتحدّث بالكلام أي بالتّسكين، وهذا ما يسمّى "لغة المثققّفين العرب"، أي اللغة التي يتفاهم بها المثقّفون عندما يتكلّمون. وهذا خير دليل على أنّ اللغة العربية الفصحى إذا أسقطنا منها الإعراب تبقى فصحى. رسم لغة مبسّطة "أنا أهدم النّحوَ العربيّ"، قولٌ حاولَ أن يختم به كلامه، وأضاف: "يا مجمعَ اللغة العربية أرِحنا من هذا النّحو". باختصار، ينهي الدكتور: الإعراب نير من ورق، لا علاقة له بالمعنى ولا يدلّ على الفاعل كما قيل في الكتب، ولا يفرّق بين التعجّب والاستفهام كما قال "أحمد بن فارس"، ولا يعين المعنى. وليتنا نرتاح، فكلّما كانت المصطلحات سهلة، كان العِلم سهلاً، فليتنا نلغي نظريّة العامل، ونعيد تبويبَ النحوِ مستبعِدين هذه النظريّة، فنعفي طلّابَنا من الكثير من المصطلحات النحويّة التي أوجدَتها هذه النظريّة والتي لا فائدة منها. لذا دعا بعض اللغويين إلى إصلاح النحو وتبسيطه، وقد تضمّنَت دعواتهم الإصلاحيّة تغييراً لمصطلحاته، واقتراحات لمصطلحات جديدة منها دعوةُ "ابراهيم مصطفى" و"يوسف السودا" ولجنة المعارف المصريّة، فهل يتحقّق حلم النحاة والباحثين أم يبقى الكلام حبراً على ورق؟ في الحقيقة تمَّ حذفُ نائب الفاعل وبعض المصطلحات الأخرى. وفي انتظار أن يتحقّق الأمل وتصبح اللغة العربية أسهلَ وأخفّ ثقلاً على طلّابنا، نترك للأيام المقبلة مهمّة إثبات صوابيّة هذا الأمر أم نفيه، آملين أن يحقّق لنا المستقبل على أيدي المجتهدين في أمور النحو أمراً فيه منفعة لنا ولطلّابنا وللعرب، علّنا نتوصّل إلى رسم لغة محبَّبة مبسَّطة بعيدة عن تعقيدات النحو وحشوِه، فيرغَب طلّابنا بتعلّم اللّغةِ العربيّة في المدارس والجامعات، فيطالعون ويتثقّفون ويقرؤون بسهولة من دون خوف من حركة أو انتظار لنَقد، فيستريح النقّاد والمتربّصون للشعَراء، وتغرّد اللغة في فضاء يلوّنه الأدب وتزيّنه البلاغة وتزَركشه الصّور... (نوال مونّس - الجمهورية)
Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك