بإنسيابية عزفها على تلك الآلة الكثيرة الأوتار، وبرشاقة شابة إختارت القانون طريقة للتعبير عن الفن الراقي بالإحساس، تألقت غنوى نمنم في بعلبك. صدحت بأوتار آلة القانون، لتخرق جدار السوداوية، أما حدودها فالسماء، هناك حيث شمس بعلبك حياة، ومغيبها رسالة بغد مشرق.
توليفة إستطاعت عازفة القانون غنوى إبنة الفنان مارون نمنم، أن تترجمها رسالة بأوتار آلتها، بعد مشاركتها في الحفل الغنائي الشبابي تحت عنوان "شمس لبنان ما بتغيب" ضمن مهرجانات بعلبك الدولية التي أُقيمت مساء الجمعة الفائت. تألقت غنوى التي شاركت بإحدى الحفلات العشرة لموسيقيين لبنانيين شباب صُوّرت في مواقع أثرية مختلفة غير معروفة، على الرغم من مساحة الإنتقاد الكبيرة التي طالت مهرجان الموسيقى هذا العام، بخروجه عن المألوف وبصورة لا تشبه أو تليق ببعلبك وتاريخ مهرجاناتها.
علمت نمنم مسبقاً أنّ المهرجان بنسخته هذا العام، سيتعرض الى كثير من الانتقاد، صورة بعلبك التي أرادها الجمهور أتت "مخيبة" على عكس التوقعات، ربما لو كنّا في ظروف أفضل، لكان على لجنة مهرجانات بعلبك أن تعيد حساباتها بتقييم لتقدّم العام المقبل ما هو أفضل، ولكن مساحة أمل وتحدٍ كانت جيدة في هذه الوضع العصيب على لبنان.
في حديث لـ"لبنان 24" تؤكد نمنم أنّ مشاركتها في مهرجانات بعلبك شكل اليها تحدياً كبيراً، "عندما نقول اسم بعلبك، كان هذا الحلم بالنسبة اليّ"، مشيرة الى أنّه وفي أول إجتماع مع لجنة التنظيم "كنّا نعلّم أننا أمام هذا التحدي، مع تقديم فنانين غير معروفين الى الجمهور، على الرغم من أنّ كُثر من الفرق الفنية التي شاركت معروفة حتى على نطاق عالمي".
معرفتها بحملة الإنتقاد التي ستطال المهرجان مسبقاً، شكل بالنسبة اليها رافعة لتقديم الافضل، ورغبة بأداء فني يناسب الأذواق كافة. تقول نمنم: "لقد أخذت إسم بعلبك على محمل الجد، وعملت كثيراً على إرضاء الجمهور من خلال الموسيقى، أتفهم الناس الذين يملكون تصوراً معيناً عن حدث فني في بعلبك، حيث ينتظرون اسماء كبيرة لإحياء الحفلات، ولكن عنوان هذا العام كان مختلفاً، والحمدالله أنا راضية عما قدمته وخصوصاً أنّ الموسيقى التي أعمل عليها، أحاول أن تكون مقبولة بالنسبة الى كثيرين".
إنتقادات
وفي جولة سريعة على الإنتقادات التي طالت الفنانين المشاركين في "شمس لبنان ما بتغيب"، يتضح أنّ نمنم لعلّها من القلائل الذين لم تطالهم عبارات الانتقاد الجارحة، ولعلّ ذلك يعود الى إعتبارات عدة، منها وبحسب عازفة القانون أنّ "القانون يليق ببعلبك". تقول نمنم: "كانت ردود الفعل ايجابية ومميزة، فعلى الرغم من إدخال الجو الحديث على الموسيقى التي أعمل عليها، الا أنّ الجمهور أحب ما قدمته، وشعر أنّ ذلك يشبه جو بعلبك أكثر". تعليقات إيجابية وصلت لحد تشبيه مسيرة نمنم بعازفة القانون اللبنانية الشهيرة الراحلة ايمان حمصي، صاحبة الأنمال السحرية في عالم العزف على القانون. تقول نمنم: "أسعد عن سماع هذا التشبيه، وخصوصاً اننا اليوم نفتقد لهذه الآلات التراثية الشرقية، فقلائل ممن درسوا القانون وتابعوا العزف عليه. اليوم نحن 3 شابات نعزف القانون في لبنان، وأنا فخورة جداً أنّ ثمة شابات كُثر يتواصلن معي ويسألن فيما اذا كنت أقدم دروس في تعليم العزف على القانون وهو ما يجعلني أرغب بشغف بمتابعة عملي وتشجيع الشباب على العزف على القانون".
ونمنم بدأت العزف على القانون من عمر الثامنة، حيث أعطاها والدها الفنان مارون نمنم شغف حب الموسيقى، تقول: "أحببت الموسيقى بسبب والدي، كما أحببت القانون، وعندما سافرت الى الخارج، عملت على تطوير موهبتي وتنمية هذا الشغف. وطورّت أسلوبي بالعمل من خلال مزج الموسيقى العربية والغربية لإرضاء كافة الأذواق".
بالنسبة الى غنوى نمنم فإنّها لن تتردد ابداً في التفكير بالمشاركة مرة جديدة في مهرجانات بعلبك، تقول: "أكيد سأشارك ولي الشرف والفخر بذلك، ولكن تجربة هذا العام أعطتني درساً لمعرفة ما يجب تقديمه في العام المقبل، حيث سأعمل على دمج او عزف موسيقى شهيرة تليق ببعلبك من خلال القانون وبأسلوب حديث محبب الى الجمهور".
هي توليفة تشبه الهالة والحضور الساطع للقانون، وتستحق التجارب الشبابية أن تُعطى الفرصة لإثبات قدرات ومواهب تنقل اسم لبنان الفني والعريق للعالم أجمع.