مع كل مناسبة أو عيد يهودي، تشتد وتيره اقتحامات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى، وهو ما يحقق توثيقاً لعلاقتهم التهويدية بالأقصى على مدار أيام السنة، بحسب مختصين بالشأن المقدسي، وبذلك يتقدم الاحتلال
الإسرائيلي نحو بسط سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
ختان الأطفال
وأكد رئيس مركز "القدس" الدولي حسن خاطر، أن الاحتلال يسخر "المناسبات الدينية اليهودية للتقدم في مخططه الرامي إلى السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى؛ وربطه بالتفاصيل اليومية للحياة اليهودية".
وقال إن "الاحتلال يعمل من خلال الزيارات للأقصى؛ على توثيق علاقته مع الحاضر، بعدما فشل في إيجاد ما يسعف مخططاته في الماضي (البحث عن الآثار أسفل وفي محيط الأقصى)؛ حيث زعم أن الأقصى بكاملة هو (جبل الهيكل)".
وأضاف: "يحاول الاحتلال أن يوسع طريقة احتفاله بالأعياد الدينية والوطنية داخل الأقصى؛ هم يقومون أحيانا بممارسة شعائرهم الدينية، وعقد القران بداخله؛ كما حدث مؤخرا، أو عند أبوابه وعلى أسطح البنيات المحيطة به؛ إضافة لختان الأطفال بالقرب من الأقصى".
ولفت خاطر، أن الاحتلال ومن خلال أذرعه المختلفة؛ "يأخذ من الأعياد اليهودية مناسبة لحشد همم اليهود، وتجديد عزيمتهم لبسط سيطرتهم الكاملة على الأقصى"، منوها أن "لدى اليهود أعياد كثيرة جدا؛ هناك أكثر من 50 مناسبة دينية ووطنية على مدار العام؛ بمعدل عيد أو مناسبة اسبوعياً".
وشدد على خطورة الربط بين الأقصى والمناسبات اليهودية؛ والتي "تمتد لمعظم أيام السنة"، موضحا أن كل عام "يشهد تطويرا لأشكال هذه العلاقة، وطريقة الاحتفال بتلك المناسبات؛ وعملوا هذا العام في "عيد الفصح"
الحالي، بالتدريب على تقديم القرابين وذبحها على أسطح بنيات تطل على الأقصى؛ وهذا تمهيدا لذبحها بداخله "الفصح" القادم".
سياسات ناعمة
من جانبه، أوضح المحامي المختص في قضايا القدس، خالد زبارقة، أن الاحتلال، "حاول من خلال سياسات ناعمة
تغيير الطابع الديمغرافي لمدينة القدس المحتلة والديني للمسجد الأقصى، إضافة لعزل المسلمين عن الأقصى؛ وبذلك منح الفرصة للمضي قدما في مخططاته التهويدية؛ الرامية لهدم الأقصى وبناء هيكلا مزعوماً مكانه".
وعندما علم الاحتلال؛ أن "قضية الأقصى هي قضية مفصلية في حياة الأمة، وهو المحرك الأساس لانتفاضة الجماهير الفلسطينية وثوراتها المختلفة؛ منذ ثورة البراق عام 1929 وحتى يومنا"؛ شرع الاحتلال - بحسب زبارقة – في "التفكير بطريقة أخرى؛ حيث استعمل الجمعيات والجماعات الدينية اليهودية المتطرفة؛ كرأس حربة في حربه على المسجد الأقصى؛ عبر خطط ممنهجة ترعاها الحكومات
الإسرائيلية المتعاقبة".
وبناء على ما سبق، أكد المختص في قضايا القدس لـ"عربي21"، أن الاحتلال ومن أجل تحقيق مبتغاه "يستعمل الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية المختلفة؛ وخاصة "عيد الفصح" و"عيد العرش"، لفرض وجودا تهويديا دينيا على المسجد الأقصى".
وأضاف: "بذلك انتقلت المسألة من زيارة سياحية بريئة للأقصى إلى زيارة دينية ثم إلى حق ديني؛ بكل ما تحمل هذه الكملة من صلوات وحركات تلمودية وغيرها، وهو ما يحقق لهم
تغيير طابع الأقصى؛ من مكان مقدس إسلامي حصري، إلى مكان مقدس ديني يهودي".
وبين زبارقة، أن الاحتلال، "يعمل على إحداث تغيير في الذهنية العالمية؛ أن الأقصى هو (جبل الهيكل)؛ بمعنى أنه مكان مقدس لليهود؛ ولذلك يكثر الاعتداء على الأقصى من طرف الجمعيات اليهودية في المناسبات والأعياد الدينية الخاصة بهم".
منسوب اهتمام
وحول رؤيته للموقف العربي حيال ما يجري، أكد أنه "موقف هزيل جدا؛ لا يرقى لمستوى الاعتداء المتكرر على الأقصى"، مشيرا إلى أن "قناعات بدأت تتكون لدى الشارع الفلسطيني، بأن الموقف الرسمي العربي يتساوق مع المشروع الصهيوني بما يخص المسجد الأقصى".
وقال: "ما بقى الأن من تحرك؛ هو التحرك الجماهيري لإحياء هذه القضية في قلوب الأمة"، مؤكدا أن ما قام به الاحتلال من اعتداءات وإجراءات بحق المسجد الأقصى في السنوات الأخيرة، "ساهم بشكل كبير في تعميق إحياء هذه القضية في قلوب الملايين".
ورأي زبارقة، أن قضية الأقصى والقدس، "عندما شهدت ارتفاعا في منسوب اهتمام الرأي العام الإسلامي، بدأنا نلحظ تراجعا في الخطاب الصهيوني تجاه الأقصى، وأصبحنا نسمع مفردات من قبيل تهدئة الأوضاع"، لافتا أن الاحتلال "لا يريد أن تصبح قضية الأقصى هي القضية الشخصية الأولى في سلم أولويات الأمتين؛ الإسلامية والعربية؛ والتي وحينها يصبح تحرير الأقصى مسألة وقت".
ويأتي تكثيف اقتحام المستوطنين للأقصى؛ تلبية لدعوات أطلقتها ما يسمى بـ"منظمات الهيكل"، بمناسبة "عيد الفصح" اليهودي، حيث قرر الاحتلال منتصف الليلة الماضية، فرض طوقا أمنيا على الضفة الغربية وقطاع غزة، عشية حلول آخر أيام "الفصح".
(عربي 21)