Advertisement

أخبار عاجلة

"داعش" يرحب بكم: أهلاً وسهلاً بالجحيم

Lebanon 24
12-02-2015 | 06:12
A-
A+
Default-Document-Picture.jpg
Default-Document-Picture.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تناول الباحث المشارك في برنامج الأمن الدولي ومساعد التحرير الرقمي في معهد لوي للسياسة الدولية، بريندان توماس نون، في مقال تحليلي نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية نقلاً عن موقع "The Interpreter" التابع للمعهد البحثي الذي يتخذ من سيدني في أستراليا مقراً له، أسلوب حكم داعش في سوريا، مسلطاً الضوء على الظروف المعيشية الصعبة التي يكابدها السكان في ظل حكم التنظيم الإرهابي. وقال نون إنه بالنسبة للثوريين والجماعات الأصولية على حد سواء، لا بد لك أن تظهر بمظهر من يحكم (تضع السياسات، ترسي المعايير، تسنّ اللوائح التنظيمية) كي ترسّخ شرعيتك في عيون السكان الذين تسعى إلى حكمهم. وأضاف "فخلال سنوات حكمها السبع في أفغانستان، فرضت حركة طالبان قواعد اجتماعية وتعليمية على السكان. وفي الصومال، كانت حركة الشباب معروفة بشدتها في حفظ الأمن وجباية الضرائب، وقد استمدت شرعية محلية كبيرة من وراء ذلك. وهناك الآن مخاوف من أن بوكو حرام ربما توشك على بدء الانتقال من التمرد إلى الإدارة هي أيضاً، حيث تُتداول تقارير تفيد بأن الجماعة تبسط الأمن كي تتسنى إقامة الأسواق الأسبوعية في مدينة موبي النيجيرية. وفي العام الماضي، تم إعلان مدينة بنغازي الليبية "إمارة إسلامية" على أيدي المسلحين أنفسهم الذين هاجموا القنصلية الأمريكية في عام 2012". مالي.. المثال الأكثر إثارة للاهتمام وأكمل نون في مقاله "وثمة واحد من الأمثلة الأشد إثارة للاهتمام رأيناه في مالي. ففي عام 2013، وبعد التدخل الفرنسي، تم العثور على خطاب من زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يلوم المسلحين المحليين على تسرعهم في تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية، ثم يمضي الخطاب ليذكر أن الهدف بعيد المدى هو تفادي عزلة المتطرفين في المجتمع وتحقيق اندماجهم مع مختلف الفصائل، بما فيها القبائل الكبيرة وأبرز حركات التمرد وزعماء العشائر. وبالطبع فقد أعلن تنظيم داعش هو أيضاً نفسه "دولة" وأفصح عن طموحاته في إقامة خلافة إسلامية متكاملة الأركان، لكنه بدأ يعيد صياغة النسيج الاجتماعي والسياسي والعرقي المحلي بأساليب أكثر جذرية". نموذج "داعش" في الرقة وتُلقي ساره بيرك - في مقال لها نشرته "نيويورك ريفيو أف بوكس" هذا الشهر - نظرة أدق على الطريقة التي حاول بها تنظيم داعش أن يحكم مدينة الرقة السورية، حيث تول إدارة كل شيء هناك بداية من التعليم والصحة إلى توفير "حماية المستهلك" بتنظيم أسعار المنتجات وجودتها. بل إن هناك من يتحدث عن استحداث التنظيم عملة خاصة به. وكما تصف بيرك، فإن تفاصيل هذه الإدارة ونطاقها جديران بالملاحظة نوعاً ما. وسمح للمدرسين بمواصلة التدريس في المدارس، لكن بعد تعديل المنهج الدراسي حيث تم حذف مقرريْ الكيمياء واللغة الفرنسية منه وأضيف إليه مقرر الدراسات الإسلامية. وهناك طبيبة صغيرة في العشرينيات من عمرها رحلت إلى المنفى في أيلول الماضي حكت لي عن تولي رجال داعش مناصب رؤساء الأقسام في مستشفاها في الرقة، حيث صاروا يحملون ألقاباً مثل "أمير الطب العام". وقد مُنعت الطبيبات الآن من علاج الذكور كما فُرض عليهن ارتداء النقاب الكامل. ثم قالت لي الطبيبة متسائلة: "هل المطلوب مني أن أعمل مرتدية قفازين أسودين ولا يظهر مني إلا عينيّ؟". الرقة.. ساحة الجحيم وقال نون إنه لا يمكن فرض الحكم الديني الصارم من دون تفكيك ما جاء قبله. فأعمال العنف التي تمارَس ضد السكان المحليين مصممة لتعزيز سلطة تنظيم داعش وإظهار قوته من خلال الخوف. وأحد الأمثلة على ذلك هو الساحة العامة في الرقة التي تحولت إلى "ساحة الجحيم". يقول السكان إنهم يشعرون بالرعب من العقوبات المروّعة التي تفرضها الجماعة. ففي أحد الميادين المركزية في مدينة الرقة، تُرفع الرؤوس المقطوعة فوق أوتاد وتحمل لافتات تبيّن الجرم الذي ارتكبه صاحبها. كانت الساحة تسمى من قبل "ساحة النعيم"، لكنها تسمى الآن "ساحة الجحيم". وقد حدثتني الطبيبة التي التقيتها عن اضطرارها لسلوك طريق يستغرق منها ثلاثة أضعاف الوقت اللازم للوصول إلى عملها لا لشيء إلا لتجنب هذه الساحة. لكن كما نوهت بيرك فإن تنظيم داعش يقوم بأفعال أكثر جذرية لتدمير النسيج الاجتماعي والسياسي والإثنوغرافي للرقة وجعلها شيئاً آخر مختلفاً اختلافاً واضحاً: وبدأ الناس في الرقة، منذ شهور مضت، يصفون كيف أن الإرهابيين الأجانب يجلبون عائلاتهم أو يتزوجون من نساء سوريات أو أجنبيات، وقد اجتُذب هؤلاء النساء - مثلهن مثل الرجال - إلى تنظيم "داعش" بأعداد أكبر منهن إلى أية حركة مسلحة سابقة. كثيرات منهن أثارت إعجابهن الإقامة الفعلية لدولة "خلافة" وبعض المنافع المترتبة على العيش هناك. ويوزع تنظيم "داعش" المساكن على المقاتلين، وبحسب بعض الروايات، فإن الأرامل يحصلن على إعانات اجتماعية استناداً إلى عدد ما يَعلْن من أطفال. ويرى تنظيم "داعش" الأطفال شيئاً مهماً لضمان مستقبلها. وعلى الرغم من أن آباء أخبروني أن تنظيم داعش لا يُرغم الأطفال على الذهاب إلى المدرسة، فإنه يجنِّد الشباب تحت سن 18 سنة في صفوفه، ويُنظم دروساً في القرآن وفعاليات للأطفال، وتحرص - كما قال لي آباء - على أن يشهد الأطفال عمليات قطع الرؤوس والعنف كي يعتادوا عليها. جماعات الإسلام السياسي تفرض الراديكالية في حين أن جماعات الإسلام السياسي الأخرى حاولت فرض صيغها الراديكالية والصارمة من الحكم الإسلامي على السكان المحليين، يحاول تنظيم داعش إعادة هيكلة المجتمع من القاعدة إلى القمة. فنذكر على سبيل المثال أن تنظيم داعش يشجع مسلحيه على إنجاب أطفال بالجملة من خلال نكاح "الزوجات المناسبات"، كما يتم قتل رجال الأقليات العرقية والدينية، وأما النساء والأطفال من هذه الفئات فيتم استرقاقهم. ويصف تقرير لمنظمة العفو الدولية مقاتلي تنظيم داعش بأنهم يستهدفون بشكل ممنهج النساء من الأقليات غير العربية والمسلمات غير السنيات بالاغتصاب والاسترقاق الجنسي. وتظهر الطبيعة الممنهجة لهذا الاغتصاب والاسترقاق والقتل أن تنظيم داعش يهدف إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي والثقافي والعرقي للمجتمعات التي تفتحها. إذاً فعلى الرغم من وحشية الأسلوب وما ينطوي عليه من رعب، فإن هناك منهجاً من ورائه. وفي الرقة، فيما لاذ المزيد من السكان السوريين بالفرار من المدينة، تدفق عليها المقاتلون الأجانب وعائلاتهم، مما جعل أحد السكان يقول: "بحلول الوقت الذي رحلت فيه عن الرقة، كنت لم أعد أميزها كبلدة سورية"، وذلك حسبما نقلت عنه بيرك. وهذا مجرد جزء واحد صغير من الحركة السكانية الجماعية التي تحدث في عموم المنطقة، وواحدة من التبعات التي لا توفّيها التقارير حقها والمترتبة على الصراعات التي تمخض عنها الربيع العربي. العنف في سوريا والحرب البوسنية وهناك نظير في التاريخ للتطهير العرقي والهجرة القسرية والاعتداء الجنسي الجماعي والعنف الجاري في سوريا تحت مظلة تنظيم داعش، وهو الحرب البوسنية، حيث سعت الأطراف المتصارعة إلى إعادة تنظيم النسيج العرقي والديني والثقافي للمناطق الواقعة تحت سيطرتها. ومن المهم أن نتذكر أنه بعد مرور عشرين سنة على تلك الحرب، ما زالت البوسنة والهرسك تتعافى مما جرى، ولم يستعد البلد قط ما كان عليه من قبل من تماسك سياسي أو اجتماعي. (24)
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك