شهدت الأسواق تحولاً ملحوظاً في توجهاتها عقب فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، إذ أثار هذا الفوز توقعات بمرحلة جديدة من التشدد في السياسة النقدية، إلى جانب انحسار المخاوف من تصاعد التوترات الجيوسياسية. وقد دفع هذا التحول الأسواق نحو الأصول عالية المخاطر وأعاد ترتيب خريطة الاستثمارات، وكان المعدن الأصفر من أبرز المتأثرين بهذه التغيرات، إذ هبطت أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها في أكثر من شهرين.
وتمثل أطول سلسلة خسائر يومية للمعدن النفيس منذ منتصف شباط تحولا كبيرا في توقعات الذهب، الذي تم تداوله عند مستويات قياسية مرتفعة قبل أسبوعين فقط، بحسب ما ذكره موقع "Markt Watch" واطلعت عليه "العربية Business".
قال محلل السوق في "سيتي إندكس و"فوركس.كوم"، فؤاد رزاق زادة، إن ضعف الذهب يعكس عاملين رئيسيين. الأول هو إمكانية بقاء السياسة النقدية الأميركية تقيدية للغاية في عام 2025 تحت ولاية ترامب.
وتعليقاً على اقتراب العائدات على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات من 4.5% على خلفية إعادة التسعير المتشددة لأسعار الفائدة الأميركية للعام المقبل، قال المحلل إن هذا يعني أن تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالأصول ذات العائد المنخفض والصفري، مثل الذهب، من المرجح أن ترتفع. كما أن إعادة التسعير المتشددة لأسعار الفائدة الأميركية تعمل أيضًا على تقويض مؤشر الدولار الأميركي "DXY" والذهب المقوم بالدولار.
وأضاف رزاق زادة أن العامل الرئيسي الثاني الذي يؤثر على الذهب مرتبط بتسعير المستثمرين للمخاطر الجيوسياسية. إذ فاز ترامب في الانتخابات "بفارق مريح للغاية"، مما أعطى الأسواق الأمل في أن تنتهي الصراعات في الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا عندما يتولى ترامب رئاسته العام المقبل.
قال كبير مسؤولي الاستثمار في "زاي كابيتال ماركتس"، نعيم أسلم، لموقع "Market Watch"، إن المعدن النفيس بحاجة لحركة تصحيحية وهذا ما يحدث حاليًا.
وأضاف أن بيانات التضخم الأميركية الأخيرة تظهر عدم التغلب على التضخم بعد، ما دفع المتداولين إلى الاعتقاد بأن مسار خفض أسعار الفائدة الذي تبناه بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون "تدريجي أكثر".
وتابع أسلم: "هذا يؤثر بشكل كبير على سعر الذهب"، مرجحاً ملامسة المعدن الأصفر 2,500 دولار للأوقية. ويُشار إلى أن الذهب لم يُتداول عند هذا المستوى المنخفض منذ منتصف آب.
قال كبير محللي السوق في "XS.com"، سامر حسن، إن استمرار تدفق بيانات التضخم وسوق العمل في الولايات المتحدة من المرجح أن يضعف احتمال خفض أسعار الفائدة العام المقبل.
ومع ذلك، لم تغير البيانات الصادرة الأسبوع الماضي بشكل كبير من توقعات السوق بشأن الخطوات التالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن الآمال في خفض أسعار الفائدة في الشهر الأول من العام الجديد تضاءلت، ما قد يبرر خسائر الذهب المستمرة.
وأضاف حسن أنه من المتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في 18 كانون الأول، لكن احتمالية خفض الفائدة بالقدر ذاته في اجتماع 29 كانون الثاني تراجعت دون 26% مقابل أكثر من 60% الشهرالماضي، وفقًا لأداة "فيدووتش" الصادرة عن "CME".
في الوقت نفسه، يرى المؤسس المشارك والشريك الإداري في شركة "ألتافيست"، مايكل أرمبروستر، أن إدارة ترامب، بمساعدة وزارة جديدة تخطط لإنشائها تسمى وزارة الكفاءة الحكومية، والتي تستهدف الحد من الإنفاق الحكومي والعجز الفيدرالي هي أساس الارتفاع الهائل في مؤشر الدولار الأميركي وضعف الذهب.