ذكرت صحيفة "الأخبار" أن لعام، أصدرت
محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، برئاسة القاضية جانيت حنا، قراراً يسمح لمطاحن "لبنان الحديثة" ببيع القمح الموجود فيها "كعلف حيواني". هكذا، بعد معركة دامت أكثر من ثمانية أشهر، تكاد الخاتمة تكون غير سعيدة.
فبعد تقدم
مجموعة من الناشطين والمحامين (ومنهم جمعية فرح العطاء والمفكرة القانونية وجمعية
حماية المستهلك) بدعوى
أمام القضاء في الشهر الرابع من العام الماضي، ضد مطاحن "لبنان الحديثة" لمنعها من بيع القمح والطحين الموجود في صوامعها المجبول بالشوائب الحيوانية، وبعد إثبات ذلك بتقارير الخبراء القضائيين، جاءت
محكمة الاستئناف لتختم الملف بالسماح للمطاحن المذكورة ببيع شوائبها. ولئن كانت القاضية قد أشارت في قرارها الصادر "باسم الشعب اللبناني" في السابع العشرين من
كانون الأول الماضي، إلى بيع القمح الذي يحتوي على الشوائب كعلف حيواني، إلا أنّ تقارير الفحوص العديدة التي تابعتها الخبيرة القضائية، كارول السخن، تشير إلى أنها تحتوي على نسبٍ عالية من مادة "الأوكراتوكسين" المسرطنة، وبالتالي فهي "لا تستوفي شروط السلامة والصحة العامة (…) ولا تصلح للاستهلاك البشري ولا الحيواني". هذا ما قالته السخن في أكثر من مكان. ولمزيد من التأكيد على ما تقوله تلك التقارير، يشير أحد المحامين المتابعين لملف الدعوى إلى أنه "جرى قبل أيام فحص القمح مرة جديدة، وتبين وجود شوائب في غالبية العينات".
مع ذلك، قرر
القضاء السماح ببيعها، وهذا إن ذكّر بشيء، فإنما يذكّر بقرار سابق كان قد صدر عن قضاء العجلة وقضى بإخراج القمح الذي يحتوي على مادة "الأوكراتوكسين" المسرطنة إلى خارج البلاد، على اعتبار أن هذه المادة يختلف مفعولها على البشر من مكانٍ إلى آخر.
أما في ما يخص "وجهة" التصريف هذه المرة، أي بيعه كعلفٍ للحيوانات، فمن المفيد إعادة التذكير بالقرارين 159/1 و160/1 الصادرين عن وزارة الزراعة العام الماضي، واللذين ينصّان على "ضرورة تأمين أعلى مستوى من الحماية للصحة الحيوانية والصحة العامة". وهذا يعني "وجوب خلوّ المواد العلفية من الشوائب الحيوانية والنباتية وفق نسب معينة (...)".
وعطفاً على هذين القرارين، وبما أن القمح لا يستوفي حتى شروط أن يكون "علفاً حيوانياً"، فذلك "يفترض إتلافه بشكلٍ لا يسمح بإعادة استعماله أو تصنيعه"، حسبما تشير المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي الرقم 71.
لكن يبدو أن
القضاء قرر العكس، وإن كانت الجهة المدعية تتجه، بلا حماسة، نحو تمييز الحكم. فهل سينصف القضاء؟ أم ستكون قضية مطاحن
لبنان الحديثة مجرد درس آخر سيعلمنا بأن مكافحة الفساد غير مجدية؟
(الأخبار)