يعيشُ لبنان تحت وطأة أزمة مالية واقتصادية كبيرة، أدّت بشكل أساسي إلى تدهور سعر صرف العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع بشكل كبير.
ومؤخراً، كشفت بيانات رسمية صادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء في لبنان أنّ معدّل التضخم في البلاد خلال العام 2020 بلغ 84.9%، علماً أنه كان في السنوات الماضية أقل بكثير.
وانهارت العملة الوطنية بعد تصاعد الأزمات السياسية والمالية في عام 2019، في حين أن احتياطات المصرف المركزي من العملات الأجنبية تضاءلت بشكل كبير.
وبشكل ظاهر، فإنّ أسعار السلع شهدت قفزة كبيرة خصوصاً مع ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي الذي يرتبط بـ3 أسعار في البلاد: 1515 ليرة السعر الرسمي - 3900 ليرة لدى الصرافين - 8800 ليرة في السوق السوداء، والسعر الأخير يتغير تباعاً إما صعوداً أو هبوطاً بشكل يومي.
وفي ما خصّ أرقام التضخم الرسمية، يقول الخبير الاقتصادي اللبناني باتريك مارديني لـ"أخبار الآن" "إنها غير صحيحة ومغلوطة بشكل كامل"، ويضيف: "عندما تُصدر المؤسسات الرسمية أرقاماً مرتبطة بالتضخم، فإنها تكون مغلوطة وبعيدة عن الحقيقة، وذلك من أجل عدم تشويه صورة الحكومة".
وأردف مارديني: "بحسب الأرقام، فإنه من الممكن جداً أن الإدارة المركزية للإحصاء عمدت إلى قياس التخضم على أساس أسعار السلع المدعومة من قبل المصرف المركزي، علماً أن هذه السلع مفقودة في الأساس وبالتالي فإن المواطن لا يمكنه شراؤها. ولذلك، فإنه بالنظر إلى أسعار تلك السلع، فإنه سيتبين أنه لا فرق شاسع في الأسعار، لكن الحقيقة تشير إلى أن المواطن يشتري السلع بأسعار خيالية لأن تلك المدعومة غير متوفرة".
ويوضح مارديني لـ"أخبار الآن" أنّ "الخبير الاقتصادي الأمريكي ستيف هانكي كشف أن معدل التضخم في لبنان بلغ أكثر من 200% في أواخر العام 2020"، ما يؤكد أن الأرقام الرسمية بهذا الإطار بعيدة عن الواقع.
هل سينخفض سعر الدولار في لبنان؟
وعن آفاق سعر الدولار، أشار مارديني إلى أنّ "العملة الخضراء" ما زالت تُحافظ على سعر في السوق السوداء يتراوح بين 8800 و 8900 ليرة، وما يجعل هذا السعر يثبت عند هذا الحد هو أن المصرف المركزي يقوم بضخّ دولار في السوق من خلال سياسة الدعم. ومع هذا، يضيف مارديني: "فعلياً، فإن الدعم شارف على نهايته، وبالتالي فإن القدرة لدى المصرف المركزي على ضخم الدولار في السوق ستقل كثيراً، وبالتالي فإننا سنشهد انقطاعاً في العملة الصعبة، وبالتالي سيصل سعر الدولار إلى مبالغ خياليّة".
وعن الحلول على صعيد أزمة العملة الوطنية والدولار، يقول مارديني: "الرهان الأكبر هو على تشكيل حكومة تبدأ بإنجاز الإصلاحات، وفي حال جرى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتلقى لبنان مساعدات خارجية، فإن سعر الدولار سيشهد انخفاضاً. إلا أن كل ذلك مرهون بمدى جدية الحكومة على إنجاز اصلاحات فعلية وبارزة، لأن المجتمع الدولي يريدُ أفعالاً واضحة. ولهذا، فإن الأسواق بعد تشكيل الحكومة اللبنانية ستكون في حالة ترقب، وستكون هناك رقابة عما إذا كانت هناك اصلاحات فعلية أم لا".
وشدّد مارديني على أنّ "الحكومة يجب أن تكون متجانسة في مكوناتها، لأن الخلافات داخلها لا تقدم أي نتيجة إيجابية"، كاشفاً في الوقت نفسه أن ما "يساهم في تخفيض سعر الدولار وتثبيته هو انشاء ما يسمى مجلس نقد الذي يستخدم في البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار مثل لبنان".
ويضيف: "هذا المجلس هو عبارة عن قوانين صارمة لإدارة إصدار الليرة، وبالتالي تساهم في منع تدهور سعرف الصرف، وبإمكان مجلس النواب تشريع هذه القوانين، ومن الضروري أن تأخذ الحكومة المقبلة على عاتقها انشاء مجلس نقد".