طالب الأطباء، على أثر تعرّض أحد المرضى لنزيف المثانة وخضوعه لجراحة مستعجلة، بضرورة نقل الدم له. فأطلق بنك الدم التابع للمستشفى، نداءً يستحثّ فيه أصحاب النخوة للتبرّع بكمية من دمائهم. وحين هرعت إناث عائلة المريض للتبرّع، قال لهنّ المسؤول عن بنك الدم إنه يُفضَّل عدم سحب الدم من العنصر النسائي ويُستحسن الإتصال بالشبان والرجال. فاستهجنت فتيات العائلة الأمر، وتساءلن لمَ لا يمكنهن التبرُّع بدمائهن أسوة بالرجال؟ عن تساؤلاتهن أجاب رئيس قسم الأورام وأمراض الدم في مستشفى جبل لبنان، الدكتور فادي نصر.
• د. فادي ما هي أهمية التبرُّع بالدم؟
التبرُّع بالدم، يُعتبر أحد الإجراءات الطبّية التي نلجأ إليها بهدف مساعدة المرضى في التغلّب على حالات فقر الدم وإنقاذ حياتهم. وطبعاً يكون ذلك عن طريق نقل الدم للمريض، من شخص آخر يتبرّع بوحدة من دمه بقرار شخصي منه.
• ما هي الشروط المطلوبة من المتبرّعين بدمائهم؟
من البديهي لكي يُسمح للشخص بالتبرّع بالدم، أن تكون نسبة الهيموغلوبين عالية لديه. وبناءً عليه يتمّ تحديد هل هو مؤهَّل للتبرُّع بدمه أو لا. كذلك يقيس الطبيب بالإضافة إلى نسبة الهيموغلوبين، درجة الحرارة وضغط الدم، إضافة إلى ذلك يتوجب على المتبرِّع بالدم أن يكون قد تناول كميات كافية من الطعام والشراب قبل أن يتبرَّع بدمه، للحؤول دون حدوث اختلالات في الدورة الدموية.
كما أنه يتوجب عليه أن يظلّ مستلقياً لفترة بعد تبرّعه بالدم، ثمّ يجب عليه أن يأكل وجبة خفيفة بحيث يكون المتبرِّع هذا قادراً على مغادرة مكان التبرُّع بعد فترة من الزمن تقدّر بـ 40 دقيقة. ويُستحسن ألّا يمارس نشاطاً رياضياً عنيفاً فوراً بل يتعيَّن عليه أن ينتظر فترة من الزمن حتى يستعيد الدم الذي فقده.
• ما هي الأسباب المانعة للتبرُّع بالدم؟
من أهمّ الأسباب التي قد تمنع الإنسان من التبرّع بدمه، هو ضرورة أن تمرّ فترة تُقدر بـ 3 أشهر بعد تبرّعه السابق. وفي حال أحسّ بأعراض التعب كالأنيميا فضلاً عن الأمراض القلبية وارتفاع ضغط الدم المزمن وتضخُّم الكبد والحمل ونزف الدم ووجود اضطرابات في الغدة الدرقية والفشل الكلوي والبول السكري والتهاب الكبد الفيروسي والأمراض الصدرية المزمنة. إضافة إلى ذلك قيام المتبرِّع بأيّ عمل جراحي قبل فترة تقلّ عن 3 أشهر من وقت تبرّعه بالدم أو في حال ارتفاع حرارته في الليل مصحوباً بالتعرّق.
• يُقال إنّ ثقب الجسم لرسم الأوشام، يجعل المرء أيضاً غير مؤهّل للتبرّع بدمه. هل هذا صحيح؟
قد يحول ثقب الجسم لوضع الأوشام دون عملية التبرّع بالدم وذلك بسبب الخوف من انتقال الجراثيم.
• كيف تتمّ عملية التبرّع وما هي كمية الدم التي تُسحب عادة؟
يُجمع الدم المسحوب من الإنسان السليم المعافى ويوضع في كيس مانع للتجلُّط موصول بإبرة معقَّمة. تستغرق العملية ما بين الخمس إلى العشر دقائق. لا تتجاوز كمية وحدة الدم المسحوبة الـ 450 ملم.
• لمَ يفضّل أن يكون المتبرّعون رجالاً؟
في الواقع، ليس هناك فارق بين الجنس اللطيف وبين الرجال. ولكن، غالباً ما تعاني ذوات الجنس اللطيف من فقر دم خفيف او على حافة الإصابة بفقر الدم وذلك بسبب فقدانهن كمية من دمائهنّ بسبب دوراتهن الشهرية. ويجب أن نعلم أنّ أيّ كائن مهما كان جنسه يستطيع التبرّع بدمه، طالما أنه متعافٍ وموفور الصحة.
• هل هناك فوائد للتبرّع بالدم؟
أولاً يكون الشخص المتبرِّع بدمه، قد تأكّد من خلوّه من الأمراض ما يطمئنه على صحته. فضلاً عن ذلك يحفّز التبرّع بالدم خلايا النخاع العظمي وينشّطها لإنتاج خلايا دم جديدة تكون قادرة على حمل كميات كبيرة جداً من الأوكسجين وإنعاش أعضاء معيّنة في الجسم مثل الدماغ.
• يتردّد على مسامعنا أنّ مَن أصيب بداء "الصفيرة" أو الإلتهاب الكبدي الوبائي، يُمنع من التبرّع بدمه حتى بعد مرور سنوات على شفائه؟
قديماً لم تكن وسائل "فَلترة" الدم متطوّرة بعد. لذا كان الأطباء يخشون انتقال عدوى Hepatitis B او C، الى المريض الذي يُنقل الدم له، من أجل هذا السبب كان يُفضل أن تُسحب العيِّنة من أشخاص متعافين كلياً.
• هناك أشخاص يرفضون أن تنقل لهم دماء الآخرين ويفضلون "الموت" على أن تجري في عروقهم قطرة دم غريبة، ماذا تقول دكتور لهؤلاء؟
أطمئنهم الى أنّ التقنيات ووسائل المراقبة مضمونة ولا خوف إطلاقاً، لأنّ نقل الدم لهم يُنقذ حياتهم.
(تيري رومانوس - الجمهورية)