تأتي هجمات الشتاء على الإنسان بشكل مباغت، من برد وأمراض وفيروسات، وتستمر وقتاً طويلاً، ويتعامل معها الجسم بصعوبة، محاولاً أن يتحسّن بمختلف الطرق.
تغييرات كثيرة يحدثها هذا الفصل في الجسد، وقد لا يعيها كثيرون.
وفي تقرير نشره موقع "ديلي ميرور"، في فبراير الماضي، أوضح الدكتور دانييل أتكينسون، السر وراء التغيرات التي تشهدها أجسامنا.
أول هذه التغييرات تكون في الدماغ، إذ إن هناك نوعاً من الغدد موجوداً بمنطقة مهاد المخ، تستجيب تلك الغدد للإشارات من النهايات العصبية، وتطلق الهرمونات في محاولة لتنظيم درجة حرارة الجسم، والحفاظ على الأجهزة الحيوية دافئة، ومع زيادة نشاطها يتسبب ذلك في ضيق الأوعية الدموية، وهذا بدوره يؤثر على عملية التركيز والتفكير بوضوح.
أما التغيير الثاني فيكون في القلب، ويحتاج الجسم إلى استهلاك المزيد من الأوكسجين، وضخ المزيد من الدم بالأعضاء الحيوية؛ للحفاظ على الدفء، ومن ثم فإن القلب يسرع من أجل تلبية هذا الطلب، وحينها ستشعر بزيادة في معدل ضرباته.
وتتأثر الأطراف وأصابع القدمين واليدين بشكل كبير، إذ إنها من آخر الأعضاء التي تصل إليها الدورة الدموية، حيث إن القلب يستقبل إشارات من المخ لتغذيه الأعضاء الأكثر حيوية فالأقل، لذا فهي أكثر مناطق الجسم التي تتأثر بفقدان تدفق الدم؛ مما قد يؤدي إلى تغير لونها إلى اللون الأبيض أو الأزرق.
وفي حالات نادرة يفشل الدم في التدفق إلى الأطراف مما قد يقتل الأنسجة بها، ويتسبب في موتها وبترها أحياناً.
وفي فصل الشتاء، تحدث تغيرات في الشعر، ومصدرها الهرمونات التي تصدرها منطقة ما تحت "المهاد"، إذ تعطي أوامر إلى البشرة بتكوين عازل حراري من خلال شعر الجسم، لذا يكون الشعر ثابتاً في هذا الفصل بشكل أكبر من باقي أوقات العام.
وقد يكون تنفس البعض في هذا الفصل غير منتظم، أو يتأثر بشكل سلبي، أو يصابون بالسعال، وهذا يعود إلى عمل الأنف والفم اللذين يدفئان الهواء قبل وصوله إلى الرئتين.
وفي حال كان الهواء بارداً جداً يمكن أن تتشنج الأنسجة العضلية داخل الجهاز التنفسي؛ مما يؤدي إلى صعوبة التنفس والسعال.
ويصاب الجلد أيضاً بالجفاف، وخصوصاً الشفاه، التي تصبح أكثر عرضة للتقشير.
وقد يشعر الإنسان بالارتجاف؛ ذلك أن العضلات تنقبض في محاولة لتوليد الطاقة وتسهيل عملية تدفق الدم، وهو ما يؤدي إلى هذا الارتجاف.
والبعض يشعر بحاجة كبيرة إلى التبول بفترات قصيرة، فيذهب للمرحاض كثيراً، وهذا يعود إلى زيادة ضغط الدم، والذي يسبب المزيد من عملية تصفيته من السوائل عن طريق الكلى، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى التبول.
ومن المشكلات الشائعة في فصل الشتاء، التي ذكرها موقع نيو وومن (new woman)، ألم الأسنان، إذ يتسبب هواء هذا الفصل البارد في حساسية بالأسنان، خاصة إذا كنت بالفعل تعاني بعض المشكلات أو تعرضت لعلاج من قبل، مثل الحشوات، ويتطلب الأمر زيارة الطبيب لإيجاد حل للأسنان الحساسة.
إضافة إلى ذلك فإن هذا الطقس البارد يحرق مزيداً من السعرات الحرارية للحفاظ على درجة حرارة الجسم، ومن ثم تتم عملية الأيض بشكل أسرع.
وفي الشتاء يكون الإنسان أكثر عرضة للصداع النصفي، ومن أحد أسبابه عدم تعرض الجسم لأشعة الشمس، ما قد يتسبب في انخفاض فيتامين دال، كما أن جفاف الجسم بسبب تناول كمية أقل من الماء، هو سبب آخر للإصابة بالصداع.
ويؤدي أيضاً الانتقال من مكان بارد إلى دافئ فجأة، والعكس، آلاماً في الرأس.
وتتعرض العضلات في الشتاء إلى بعض التصلب وصعوبة الحركة بسبب البرد، وتؤدي أي حركة مفاجئة أو نشاط ثقيل، دون استعداد، إلى الشد العضلي، الذي يستمر وقتاً غير قليل.
وتميل العيون في هذا الفصل إلى الجفاف، تماماً مثل البشرة، إذ في العادة يتغطى سطح العين بطبقة رقيقة من الدموع تساعد على تنظيف عينيك من الأتربة والغبار، كما أنها تساعد على الرؤية وتحمي أعيننا من الالتهابات، لكن انخفاض درجات الحرارة تجعل عينيك تجف بسرعة، لذلك ينصح بارتداء النظارات لحمايتها من الهواء البارد والجاف، أو استخدام قطرات العين المرطبة، لكن تحت إشراف الطبيب.
ويتأثر الجهاز المناعي في فصل الشتاء بشكل أكبر، فهو يتعرض لهجمات فيروسات الإنفلونزا، وبعض الأمراض الأخرى مثل الزكام والبرد.
وفي هذا الفصل يشعر البعض بالكآبة لقلّة الحركة ولبقائهم في أماكن مغلقة لوقت طويل؛ ما يجعل الطعام متنفّساً لهم ومصدر تسلية ومتعة، ويُقبل الكثيرون على الطعام في هذا الفصل، ما يؤدي إلى السمنة بكثير من الحالات.