ما حمية "الكيتو" (Keto Diet)، وكيف تعمل؟ وما فوائدها المحتملة؟ وما أضرارها؟ وهل هي مناسبة للصحة؟ الإجابات في هذا التقرير…
نقدم هنا معلومات حول هذه الحمية، وأيضا محاذيرها، إذ مع أنها قد تخفض الوزن بسرعة، فإنها على المدى البعيد قد تزيد خطر مشاكل القلب، عبر رفع الكوليسترول "الضار" الذي يمكن أن يتراكم في الأوعية الدموية ويؤدي إلى تجلط الدم.
ما حمية الكيتو؟
النظام الغذائي الكيتوني Ketogenic Diet يُعرَّف بأنه نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات مع تقييد معتدل للبروتين للحث على الكيتوزية دون تقييد تناول الدهون. وتعتمد حمية الكيتو على تقليل الكربوهيدرات بشكل كبير ورفع نسبة الدهون في الأطعمة.
وقد تم تطوير مفهوم النظام الغذائي الكيتوني في عام 1921 من قبل الدكتور راسل وايلدر، وذلك وفقا لمراجعة بحثية في مجلة كيوريس (cureus).
لا يحد النظام الغذائي الكيتوني من تناول الدهون، ويتكون بشكل أساسي من الدهون العالية والبروتينات المعتدلة والكربوهيدرات المنخفضة جدا. وتنقسم المغذيات الكبيرة المقدار إلى حوالي 55% إلى 60% من الدهون، 30% إلى 35% من البروتين و5% إلى 10% من الكربوهيدرات. وعلى وجه التحديد، في نظام غذائي من ألفي سعرة حرارية في اليوم، تصل الكربوهيدرات من 20 إلى 50 غراما في اليوم.
التاريخ والأصل
استخدم راسل وايلدر النظام الغذائي الكيتوني لأول مرة لعلاج الصرع في عام 1921. كما صاغ مصطلح "النظام الغذائي الكيتوني". ولما يقرب من عقد من الزمان، تمتعت حمية الكيتو بمكانة في عالم الطب كنظام غذائي علاجي لصرع الأطفال، واستخدمت على نطاق واسع حتى توقفت شعبيتها مع إدخال الأدوية المضادة للصرع.
إن عودة النظام الغذائي الكيتوني إلى الظهور كصيغة سريعة لفقدان الوزن هو مفهوم جديد نسبيا وقد ثبت أنه فعال، على الأقل على المدى القصير، وذلك وفقا لمراجعة بحثية على موقع المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية "إن سي بي آي" (NCBI) في الولايات المتحدة.
كيف تعمل الكيتو دايت؟
في الأساس، الكربوهيدرات هي المصدر الأساسي لإنتاج الطاقة في أنسجة الجسم، وعندما يحرم الجسم من الكربوهيدرات بسبب تقليل تناوله إلى أقل من 50 غراما في اليوم، ينخفض إفراز الإنسولين بشكل كبير ويقوم الجسم باستنفاد مخازن الغلايكوجين (Glycogen)، مما يجبر الجسم على المرور ببعض التغييرات الأيضية.
وعندما ينخفض توافر الغلوكوز لا يكون الإنتاج الداخلي للغلوكوز في الجسم قادرا على مواكبة احتياجات الجسم ويبدأ تكوين الكيتونات من أجل توفير مصدر بديل للطاقة في شكل أجسام كيتونية، وتحل أجسام الكيتون (ketone bodies) محل الغلوكوز كمصدر أساسي للطاقة.
وبسبب نقص مأخوذ الجسم من الكربوهيدرات يقوم الجسم بتكسير الدهون إلى الأحماض الدهنية، ويتم استقلاب الأحماض الدهنية إلى الأجسام الكيتونية التي تتراكم في الجسم مع استمرار النظام الغذائي الكيتوني.
يشار إلى هذه الحالة الأيضية باسم "الحالة الكيتونية الغذائية". وطالما أن الجسم محروم من الكربوهيدرات، يظل التمثيل الغذائي في الحالة الكيتونية.
يمكن استخدام أجسام الكيتون المُصنَّعة في الجسم بسهولة لإنتاج الطاقة عن طريق القلب والأنسجة العضلية والكليتين. ويمكن لأجسام الكيتون أيضًا عبور الحاجز الدموي الدماغي لتوفير مصدر طاقة بديل للدماغ.
ومع أنه تم الإبلاغ عن تأثيرات قصيرة المدى للنظام الغذائي الكيتوني بشكل جيد، فإن الآثار الصحية طويلة المدى ليست معروفة جيدا.
تشمل الآثار الجانبية قصيرة الأمد والأكثر شيوعا نسبيا للنظام الغذائي الكيتوني مجموعة من الأعراض مثل:
الغثيان
القيء
الصداع
الإرهاق
الدوخة
الأرق
صعوبة تحمل التمارين
الإمساك
يشار إلى هذه الأعراض تسمى أحيانا باسم إنفلونزا الكيتو (keto flu)، وتختفي في غضون أيام قليلة إلى بضعة أسابيع، ويمكن أن يساعد ضمان تناول كمية كافية من السوائل والكهارل في مواجهة بعض هذه الأعراض.
تشمل الآثار الضارة طويلة المدى لحمية الكيتو:
التنكس الدهني الكبدي (hepatic steatosis)
نقص بروتينات الدم
حصوات الكلى
نقص الفيتامينات والمعادن
وقال طبيب العائلة المختص رامي أيوب أوغلو، في تصريح للأناضول، إن "الكيتوجانيك" نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات تستخدم فيه الأطعمة الغنية بالدهون، والتي تحتوي على بروتين كاف في المقام الأول، والاسم الآخر له هو حمية "كيتو". مضيفا أن نظام "الكيتو" الغذائي يساعد في إنقاص الوزن.
أساس النظام الغذائي هو تقليل تناول الكربوهيدرات بشكل كبير، إذ إن عدم تناولها يخدع الجسم في العملية الاستقلابية فيقوم بحرق الدهون، أي حرق الكيتونات (وهي مواد كيميائية يفرزها الكبد في جسم الإنسان، ويتمّ إفرازها كمصدر بديل لإنتاج الطاقة).
في هذه العملية، يتم تحويل الدهون إلى كيتونات في الكبد، والتي يمكن استخدامها لتوفير الطاقة للدماغ.
تشمل أغذية الكيتو:
اللحوم
الأسماك
البيض
الزبدة
المكسرات، مثل الجوز واللوز والبندق ولكن بكميات محدودة
الدهون الصحية
الأفوكادو والفراولة بكميات محدودة
الخضروات المنخفضة الكربوهيدرات مثل الفلفل الرومي والخيار والطماطم والملفوف والقرنبيط
الأجبان بجميع أنواعها
الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون.
بالنسبة إلى التوابل، فيمكن استخدام تلك التي يمكن الحصول عليها من الأعشاب والخضروات الورقية المنخفضة الكربوهيدرات، كالسبانخ والبقدونس وغيرها.
الأطعمة التي يجب تجنبها هي:
البقوليات
الإضافات مثل المايونيز
الصلصات لاحتوائها على السكر
الخضروات الجذرية مثل الجزر والشمندر
الفواكه والعصائر بجميع أنواعها.
لا ضرر بممارسة الرياضة أثناء نظام "الكيتو"، ويمكن المشي أو الركض أو ممارسة تمارين منخفضة السرعة.
محاذير ومشاكل
حذر الطبيب أيوب أوغلو من أنه يمكن أن تسبب الأنظمة الغذائية الكيتونية انخفاضا كبيرا في مستوى السكر بالدم لدى كل من يعانون من مرض السكري.
وتغيير التمثيل الغذائي قد يسبب بعض المشكلات الطبية، وعند الأطفال يؤدي استمرارها إلى تباطؤ النمو، ولوحظ تشكل حصوات في الكلى أحيانا.
يمكن الشعور بنقص الطاقة والتعب والضعف ومشكلات النوم واضطرابات الجهاز الهضمي في بداية النظام، وانخفاض الأداء أثناء ممارسة الرياضة.
لتقليل الآثار الجانبية، يمكن تقليل الكربوهيدرات تدريجيا على مدار أسابيع قبل بدء نظام "الكيتو"، ما يعلّم الجسد حرق مزيد من الدهون قبل التخلص من الكربوهيدرات.
ختاما حذر أيوب أوغلو من أن الاستمرار دون انقطاع بحمية الكيتو لفترة طويلة يمكن أن يؤدي لعواقب صحية وخيمة، لذلك يوصى بالبدء بنظام غذائي والاستمرار به بعناية من خلال استشارة متخصص في التغذية.
ما رأي خبير في مايو كلينيك بحمية الكيتو؟
يحذر جيسون إيوالت، وهو اختصاصي حمية وتغذية مسجل ومرخص، واختصاصي تغذية في برنامج مايو كلينيك للحياة الصحية، قائلا عن حمية الكيتو: "هذه حمية مقيدة جدا ويصعب اتباعها. ولن يستمر الشخص العادي في اتباعها على المدى الطويل".
ويتابع "أيضا، نظرا لأن كمية الدهون المشبعة فيها عالية، فضلا عن احتوائها كميات محدودة فقط من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، فهي ليست مثالية للصحة".
أمراض القلب
ووفقا لتوصيات أصدرتها الجمعية الوطنية للدهون في الولايات المتحدة في 2019 ونقلتها رويترز، فإنه رغم أن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات -مثل الكيتو- قد تساعد في فقدان الوزن بسرعة، فإن لها تأثيرات متفاوتة على المؤشرات الصحية، التي يمكن أن تسهم في خطر الإصابة بأمراض القلب.
ومع أنه قد يكون هناك بعض مزايا لنظام الكيتو الغذائي، بما في ذلك كبح الشهية وخفض مستويات الدهون والسكر في الدم لدى المصابين بداء السكري، لكنه يرتبط أيضا بارتفاع الكوليسترول "الضار" الذي يمكن أن يتراكم في الأوعية الدموية ويؤدي إلى تجلط الدم.
ونشرت التوصيات في دورية (كلينيكال ليبيدولوجي)، ووجدت أنه على مدار 6 أشهر قد يفقد الناس وزنا أكبر مع الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات مثل أتكينز والكيتو وساوث بيتش، ولكن بعد عام يماثل فقدان الوزن مع هذه الوجبات ما يمكن أن يحققه الأشخاص من خلال الأنظمة الغذائية التي تسمح بتناول مزيد من الكربوهيدرات.
وأكدت التوصيات أن الالتزام بالحميات منخفضة الكربوهيدرات قد يكون صعبا للغاية مع مرور الوقت، وقد يستبعد الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية التي تفيد القلب والأوعية الدموية.
ولا يبدو أن هناك فرقا كبيرا بين الحميات قليلة الكربوهيدرات وغيرها من أنواع الحميات في ما يتعلق بمؤشرات أخرى على صحة القلب والأوعية الدموية مثل ضغط الدم.
وقالت كارول كيركباتريك التي قادت الفريق الذي أعد التوصيات، وهي باحثة في جامعة ولاية أيداهو في بوكاتيلو "بينما يفضل بعض المرضى نمط الطعام منخفض الكربوهيدرات الذي قد يكون معقولا لفترات قصيرة من الوقت، فإن الالتزام طويل الأجل يمثل تحديا، والفوائد والمخاطر طويلة الأجل ليست مفهومة تماما، خاصة مع نظام الكيتو".
دهون
ووجدت أبحاث سابقة أن الأشخاص في نظام الكيتو يتناولون عادة القليل من الكربوهيدرات ويستهلكون الكثير من الدهون، مما يضع الجسم في حالة استقلابية تعرف باسم الحالة الكيتوزية، التي تجعل الجسم أكثر كفاءة في حرق الدهون وتؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم.
ويفقد بعض من يتبعون حمية الكيتو وزنا أكثر مرتين أو ثلاث مرات ممن يتبعون عادات غذائية مختلفة، لكن الكثير من هذا يعتمد على نتائج قصيرة الأجل.
وأفادت التوصيات بأن الأشخاص الذين قد يستفيدون من اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات لمدة تتراوح بين شهرين و6 أشهر، يشملون المصابين بداء السكري، الذين يعانون من مستويات عالية من الدهون الثلاثية في الدم.
وحذرت التوصيات المرضى الذين لديهم تاريخ مع ارتفاع مستويات الكوليسترول بشكل خطير من اتباع حمية الكيتو والأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات.