"ستعيد بعض الدول العربية النظر في سياساتها مدركةً أنّ إضعاف سوريا يعني إضعاف العالم العربي كله"، هكذا علّقت مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، على انعكاس الانتخابات الرئاسية السورية على العلاقات في المنطقة. يأتي كلام شعبان هذا بعد ساعات على إغلاق صناديق الاقتراع (منتصف ليل الأربعاء-الخميس) في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في ثاني انتخابات رئاسية سورية منذ اندلاع الحرب في العام 2011.
الانتخابات السورية المحسومة عملياً لصالح الرئيس السوري بشار الأسد تتزامن مع ظروف سياسية مختلفة هذه المرة، إذ تأتي بعد انفتاح عربي وخليجي محدود على دمشق مع تطبيع العلاقات الإماراتية-السورية ومع وصول إدارة أميركية جديدة أكّدت أنّها لا تضع دمشق ضمن أولوياتها.
الموقف الأميركي المشكّك بالانتخابات جاء في بيان غربي فرنسي-ألماني-إيطالي-بريطاني أميركي مشترك، فيوم الثلاثاء، ندّدت الدول أعلاه بالانتخابات، معتبرة أنها "لن تكون حرة ولا نزيهة". بالتزامن، كان وزير السياحة السوري محمد رامي رضوان مارتيني قد وصل إلى السعودية، في أوّل زيارة منذ 10 سنوات، لحضور فعاليات سياحية على مدار 3 أيام، وذلك بعد تقارير تحدّثت عن زيارة رئيس الاستخبارات السعودية إلى دمشق الشهر الماضي في خطوة تطبيع العلاقات بين البلديْن.
هذا التباين بين المساريْن الغربي والعربي يشي بتطورات قد لا ننتظر ترجمتها العملية طويلاً، لا سيما بعد اللقاءات السعودية-الإيرانية الأخيرة.
واشنطن تتلقف الانفتاح العربي على دمشق
في وقت تنشط فيه الدول العربية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية وسط انتقاد إماراتي صريح لقانون قيصر، حذّر مسؤول كبير في الخارجية الأميركية أمس من تطبيع العلاقات مع دمشق.
واستبعد المسؤول- بحسب ما نقلت عنه قناة
"العربية"- احتمال اتجاه بلاده إلى تليين موقفها من الأسد، متوقعاً بقاء قانون قيصر نافذاً.
ويوضح المسؤول أنّ القانون يهدف إلى تقييد قدرة الأسد وغيره من المسؤولين في الحكومة السورية من الاستفادة من النزاع وإعادة الإعمار، قائلاً: "لذلك، سيظل القانون نافذاً ما لم يقرر الكونغرس إبطاله". إشارةً إلى أنّه سبق للخارجية الأميركية أنّ ردّت على وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، بعدما أكّد في آذار الماضي أنّ "عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل، والتحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر". وآنذاك، قال الوزير الإماراتي: "لا بد من وجود مجالات تفتح سبل العمل المشترك مع سوريا، قانون قيصر يعقد عودة سوريا إلى محيطها العربي وعودتها إلى الجامعة العربية".
وفي تصريح يعكس الانزعاج الأميركي من الانفتاح العربي على دمشق وثبات موقف واشطن من الأسد، قال المسؤول: "ليست لدينا أي نية بتاتاً لتطبيع علاقاتنا مع الأسد". وفي تحذير ليس بجديد لحلفاء واشنطن، قال المسؤول: "وأعتقد أننا بالتأكيد ندعو جميع الحكومات الأخرى التي تنظر في ذلك (التطبيع مع الأسد) إلى التفكير ملياً بكيفية تعامل الرئيس السوري مع شعبه".
ولدى سؤاله عما إذا سيؤثر قرار الدول العربية التطبيع مع الأسد على صفقات السلاح الأميركية، أجاب المسؤول الأميركي ملمحاً إلى إمكانية فرض عقوبات قائلاً: "نذكر حلفاءنا وشركاءنا بالتفكير ملياً حول احتمال تعرّضهم لعقوبات بتعاملهم مع هذا النظام". وأضاف: "أعتقد أنّه يجب التركيز على مساءلة النظام أكثر من التفكير بإعادة العلاقات الديبلوماسية معه"؛ إشارة إلى أنّ بادين عمد إلى تجميد صفقات سلاح للإمارات والسعودية مؤقتاً بعد أيام على تنصيبه.
فورد يؤكد: تأثير الولايات المتحدة محدود والأسد باقٍ
في تعليق على البيان الغربي المندد بشرعية الانتخابات السورية، رأى السفير الأميركي السابق في سوريا،
روبرت فورد، أنّ الانتخابات الرئاسية السورية تعكس "فشل" الديبلوماسية المدعومة أميركياً والهادفة إلى نقل الحكم من عائلة الأسد عبر مسار سلام ترعاه الولايات المتحدة في جنيف، على حدّ تعبيره.
وفي حديث مع صحيفة "واشنطن بوست"، تناول فورد، الذي شغل منصب آخر سفير أميركي في دمشق قبل اندلاع النزاع، بروز روسيا وإيران وتركيا كلاعبين أساسيين في سوريا، معتبراً أنّ قدرة بلاده على التأثير على مسار الأحداث "ليست واضحة". وقال فورد: "تظهر هذه الانتخابات أنّ الأميركيين لا يملكون نفوذاً. فلو كانوا يتمتعون بنفوذ، لما كان الأسد قادراً على إجراء حملة مماثلة في ظل دعم جهازه العسكري والاستخباراتي". وعليه، خلص فورد إلى القول: "لا تستطيع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة على إزاحة هذا الرجل".