Advertisement

ضيوف لبنان 24

بينما تعمل الولايات المتحدة للتوجه نحو اسيا.. السعودية تسبقها بخطوات في هذا الاتجاه

Lebanon 24
05-09-2024 | 12:19
A-
A+
Doc-P-1243244-638611618566302415.jpg
Doc-P-1243244-638611618566302415.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
Messenger
في مقالة نشرها موقع transatlantic leadership network من العاصمة الأميركية واشنطن تحدث الخبير النفطي رودي بارودي عن تطور العلاقات في مجال النفط بين المملكة العربية وكل من الولايات المتحدة والصين وجاء في المقالة:
Advertisement

شهد قطاع الطاقة الأسبوع الماضي خبرا بارزا مفاده ان شركة صينية حكومية انهت أعمال بناء منصة بحرية ضخمة للنفط والغاز لصالح شركة أرامكو السعودية،من دون أن ننسى حجم الاستثمارات الصينية الضخمة في مصافي البترول ومصانع البتروكيميائيات السعودية،وما يقابلها من استثمارات سعودية ضخمة في الصين في هذا المجال أيضا.

ونشرت وسائل الإعلام تقارير مثيرة للإعجاب حول حجم المنشأة،وقدرتها الإنتاجية القياسية، ووصفها البعض بأنها رهان كبير على استمرار الطلب القوي على الوقود الأحفوري في ظلّ الارتفاع الهائل لمصادر الطاقة المتجددة.

إن الأهمية الحقيقية لهذه الأخبار لا تكمن في قاعدة تشينغداو البحرية حيث تم تصنيع المنصة في المقر الرئيسي لشركة هندسة النفط البحرية الصينية او في حقل المرجان قبالة الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية حيث سيتم تركيبها وتشغيلها. 

في الواقع،ومن أجل تقدير الآثار المترتبة على ذلك، نعود بالزمن إلى ما يزيد قليلاً عن 50 عامًا.ففي 8 حزيران 1974، توصلت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى اتفاق تاريخي ربط البلدين منذ ذلك الحين حيث قام وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر ووزير الداخلية السابق الأمير فهد بن عبد العزيز بتوقيع اتفاقية لإنشاء لجنتين مشتركتين مهمتهما، على التوالي، زيادة التعاون الاقتصادي الثنائي وتحديد الاحتياجات العسكرية للمملكة.  

كما أنشأت فرق عمل مشتركة مسؤولة عن عناصر محددة لدعم التطور والتنمية، بما في ذلك الجهود المبذولة من أجل:
 أ- توسيع وتنويع القاعدة الصناعية في المملكة العربية السعودية، بدءاً بتصنيع الأسمدة وغيرها من جوانب قطاع البتروكيماويات
ب-زيادة عدد العلماء والفنيين المؤهلين المتاحين لتحقيق الاستفادة القصوى من نقل التكنولوجيا
ج-إستطلاع فرص الشراكة في مجالات عدة كالطاقة الشمسية وتحلية المياه
د-إيجاد سبل التعاون في مجال الزراعة وخاصة في الصحراء.
 
وخلافاً للمفاهيم الخاطئة المنتشرة على نطاق واسع، لم تنص الاتفاقية على أي شيء متعلق بتسعير النفط الخام السعودي والتعامل به حصريًا بالدولار الأمريكي،إلا أنه و في صفقة جانبية ظلت سرية حتى عام 2016، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري الكامل للمملكة في جميع الظروف تقريباً،كما تعهدت المملكة العربية السعودية في المقابل باستثمار حصة ضخمة من عائداتها النفطية في سندات الخزينة الأميركية.وعلى الرغم من عدم وجود أي مقايضة علنية فقد انتهى الأمر بأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم إلى إنفاق مئات مليارات الدولارات على الديون الأميركية والأسلحة المصنوعة في أميركا، مما جعل اكبر كمٍ من مبيعاتها من النفط الخام بالدولار الأميركي،بالتالي فإن الثقل الهائل للنفط السعودي في الأسواق العالمية وخاصة داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول،ضمن عملياً أن يصبح الدولار العملة الافتراضية الفعلية لتلك الأسواق،أي البترودولار. 

و بينما كانت مصر وسوريا تحاولان استعادة الأراضي التي احتلتها القوات الإسرائيلية منذ حرب 1967، أصدر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في السنة التي سبقت،تصريحًا غير مسبوق بإقامة جسر جوي للأسلحة من دبابات ومدفعية و ذخيرة و مروحيات و رادارات وصواريخ جو-جو إلى إسرائيل،فردت الدول العربية المنتجة للنفط باستخدام أقوى أوراقها،فأعلنت فرض حظر نفطي على الدول التي دعمت المجهود الحربي الإسرائيلي ما أدى مباشرةً إلى نقص الإمدادات، ارتفاع الأسعار والطوابير الطويلة في محطات الوقود في مختلف أنحاء الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى،كما أدى إلى سنوات عدة من التضخم المرتفع و رغم رفع الحظر في آذار 1974 عملت واشنطن على منع حدوث صدمات مماثلة في المستقبل. 

كان الاقتصاد الأميركي معرضاً بشكل خاص للتداعيات طويلة الامد بسبب عدة عوامل، بما في ذلك التباطؤ العام الناجم عن حربه الطويلة، المكلفة وغير المجدية في فيتنام؛ لكن المشكلة الحقيقية تكمن في مسألة أخرى،ففي عام 1971، مع استمرار الدولار في خسارة قيمته مقابل العملات الأوروبية الرئيسية، أخرج نيكسون الولايات المتحدة من معيار الذهب، مما أدى إلى نسف ترتيبات بريتون وودز التي وضعت بعد الحرب العالمية الثانية وابقاء أسواق الصرف الأجنبي في حالة من الفوضى.

وفي ظل الحرب الباردة، بدا الأمر وكأن أميركا تخسر الأرضية في منافستها الاستراتيجية مع الاتحاد السوفييتي.

كانت "الصفقة الجانبية" في الواقع أكثر أهمية من الاتفاقية العلنية لأنها من شأنها أن تعيد للدولار صدارته في الأسواق الدولية، مما يجعله مرة أخرى العملة الاحتياطية الاكثر تداولاً في العالم،و تعمل في الوقت نفسه على تقليص احتمالات فرض حظر نفطي عربي في المستقبل.

 لقد عمل النظام الجديد بشكل جيد جداً لفترة طويلة: استعاد الاقتصاد الأميركي استقراره وباشرت المملكة العربية السعودية العمل على برنامج مستدام للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لا زال حتى يومنا هذا،ورغم سعي الأميركيين إلى مزيد من الحماية من خلال تقليص اعتمادهم على النفط الخام السعودي وغيره من الدول الأعضاء في أوبك، فإن شراكتهم الثنائية وسيطرة الدولار بشكل عام في قطاع النفط استمرا على الرغم من كل أشكال الخلافات الدبلوماسية، الأزمات وغيرها من العقبات. 

في الوقت الحاضر، لم يعد للاتحاد السوفييتي وجود وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تواجه منافساً استراتيجياً أكثر قوة في الصين، فإن هذه المنافسة لا تشكل عبئا ولا حتمية الكارثة النووية التي ولدتها الحرب الباردة،فضلاً عن ذلك فإن الولايات المتحدة تنتج الآن كميات من النفط الخام تفوق ما أنتجته أي دولة أخرى على الإطلاق ما يعزز تحصين اقتصادها من الصدمات الخارجية، في حين جعل التوسع السريع من الصين  أكبر مستورد للطاقة في العالم. 

في الآونة الاخيرة تتجه انظار واشنطن نحو آسيا مما يؤدي حتماً الى تقليص الاهتمام بالشرق الاوسط ولكن  المملكة العربية السعودية أصبحت حالياً بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان وهو حاكمٌ شاب وطموح أظهر استعداده التام على العمل بعيداً عن الرغبات والمطالب الأمريكية و عليه لا يجب أن يتفاجئ احد بأن المنشأة العملاقة التي يتم نقلها الآن إلى مرجان ليست سوى تجسيدا واضحا للتعاون الصيني السعودي؛ حيث تربطهما علاقة قوية تميزها مصالح مشتركة، مما يؤدي الى الاستثمار المتبادل في اقتصاد كل منهما والتعاون في مشاريع الطاقة والصناعة على نطاق واسع. 

ولكن من المبكر للغاية أن نعلن نهاية عصر. حتى لو ثبتت صحة الشائعات التي تفيد بأن السعوديين سيبدأون قريبا في بيع عقود النفط الآجلة باليوان أو بعملات أخرى مما يؤدي الى تراجع قيمة الدولار، فإن العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والسعودية لا زالت قائمة، اضافةً الى العلاقات الدفاعية كالمشتريات، الصيانة والتدريبات المشتركة، ناهيك عن ان حوالي 60 ألف طالب سعودي يدرسون في الجامعات الأميركية كل عام اضافة الى العلاقات التجارية و الشخصية العديدة التي نشأت على مدى عقود من الزمن. 
 

ومع ذلك، يمكننا القول إن عصراجديدا بدأ بالتأكيد فكما فتح الأميركيون سبلاً أخرى لتأمين احتياجاتهم من الطاقة، يتحرك السعوديون الآن بشكل حاسم لتنويع شراكاتهم الخارجية وقد فعلوا ذلك لسنوات عديدة و لا شك أن مركز ثقل الاقتصاد العالمي في مجال النفط والغاز سوف يتحول شرقاً، لكن كيف يمكن أن يكون الأمر على عكس ذلك في ظل تحول الصين والعديد من الاقتصادات الآسيوية الأخرى إلى مثل هذه القوى العظمى؟ 
من المؤكد تقريبا أن مسار التنوع سيتضمن فترات حيث يتعين على الرياض اتخاذ قرارات حاسمة، لكن هذا أيضا يعكس الثقة التي يتمتع بها محمد بن سلمان في قدرة بلاده على تحديد مصيرها.
 
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك