كتب عبدالله قمح في" الاخبار": «العاصفة» التي أثارها خروج ميشال دويهي من تكتل النواب الـ13 مستمرة. أمس، تبعه وضاح الصادق. «القلوب المليانة» انفجرت بذريعة الإخفاق في التوافق على اسم مرشح رئاسي، فيما صلب المشكلة يتجاوز الأسماء، ويعود إلى النزاع حول آليات التنسيق واتخاذ القرار، وصولاً إلى اتهامات النواب لبعضهم بعضاً بـ«ضعف الثقافة السياسية».
لكن، لم تأت حسابات الحقل وفق حسابات البيدر. الخلاف الراهن عنوانه العجز عن الاتفاق على اسم مرشح رئاسي «يتمتع بالمعايير التي وضعها النواب التغييريون». فيما لا تخفي أكثريتهم أن الخلاف في جوهره عنوانه «تقني» ومضمونه «سباق على القيادة». يقول النائب وضاح الصادق لـ«الأخبار» إن «ورقة المعايير» جعلت من الدستوري صلاح حنين يحتل رأس قائمة المرشحين، فيما يشير زميل له إلى «جلسات وخلوات عقدت مع حنين قبيل الإعلان عن بدء جلسات الانتخاب، وتم التفاهم معه خلالها على عدد من النقاط، قبل أن تنقلب مجموعة تتألف من إبراهيم منيمنة وفراس حمدان وحليمة قعقور وسينتيا زرازير ويطرحوا اسم الوزير السابق ناصيف حتي، على قاعدة أن حنين اشتراكي، متناسين أن حتي سماه رئيس الجمهورية ميشال عون وزيراً للخارجية من حصته»! وبعدما أكد الأخير لمن تواصلوا معه عدم رغبته في الترشح، «ذهبوا نحو التفتيش عن اسمٍ آخر من خارج اللائحة لا يتوافق مع ورقة المعايير. هذا التخبط أدى إلى تزكية اسم الدكتور عصام خليفة من منطلق النكاية. ورغم أن الأخير أبلغ من تواصل معه من النواب أن لا قدرة لديه على الترشح، استمر البعض في تداول اسمه وصولاً للاقتراع له عنوة».
إذاً رئاسة الجمهورية هي النقطة التي أفاضت الكأس، فيما هناك أسباب كثيرة أدت إلى تصدع الهيكل، أبرزها النزاع على آلية التنسيق والتصويت والانتخاب وأمانة السر. فعلى رغم أن خلوة «التغييريين» الصيف الماضي حفلت بأطروحات حول هذه الآلية، غير أن قرار إنشائها بقيَ خارج المتناول بفعل اعتراض «التريو» منيمنة - قعقور - حمدان.
الصادق خلال إعلانه الخروج عن التكتل، تحدث عن تكتل بديل سيأتي حكماً بمثابة الند للتكتل الأصلي، يتشكل من النواب دويهي، ضو، نجاة عون ورامي فنج، فيما ليس بعيداً إقناع النائبين الياس جرادي وياسين ياسين بالانضمام إليه، لكون الأول ثبت منذ اللحظات الأولى أنه غير منسجم مع المجموعة ويفضل عدم الاستمرار في التموضع الحالي، فيما الميول السياسية للثاني تجعله أقرب إلى الصادق والنواب السنة المستقلين منه إلى منيمنة - قعقور. علماً أن ضو أكّد لـ« الأخبار» أنه وعون ليسا في وارد الخروج من التكتل حالياً.
وكتب طوني كرم في" نداء الوطن"؛ووفق مصادر «نداء الوطن»، عمدت مجموعات «اليسار المتطرف» التي واكبت حراك «17 تشرين» إلى ممارسة حملات من الترهيب على بعض نواب «التكتل» بعد سلسلة إتصالات دفعتهم إلى حسم خيارهم الرئاسي لمصلحة النائب السابق صلاح حنين عشيّة الجلسة الرئاسيّة الرابعة، ناقلين الممارسات التعطيلية التي يعتمدها «حزب الله» وحلفائه في مجلس النواب إلى داخل «التكتل»، رافضين في الوقت ذاته إعتماد آليات ديمقراطية كفيلة بحسم القرارات المطروحة، والتي أعادت إلى الأذهان الخلافات التي رافقت إنطلاق «الثورة» في 17 تشرين 2019، وحالت دون التقارب مع العديد من القوى السيادية، أو التحالف معها إنتخابياً.ومع التأكيد على أن أهمية الإستحقاق الرئاسي تكمن في القدرة على اختيار رئيسٍ قادر أن يشكل بداية حلّ في البلد، توقفت المصادر عند آلية اختيار وانتقاء الأسماء قبل دقائق من الجلسة، مسجلين إعتراضهم على هذا التوجه، مؤكدين أنه تم اختيار حنين لأنه الأقرب إلى «بروفيل» معوض، ولديهما الخلفية السيادية ذاتها، كما الرؤية السياسية القادرة على التوفيق بين خيارات النواب في الطرفين، قبل أن يأتي الرفض الأول أو «الفيتو» من داخل المجموعة.وفي السياق، تؤكد النائبة حليمة قعقور لـ»نداء الوطن» أن ما حصل اليوم خير دليل على وجود اختلاف سياسي واضح بين أعضاء «التكتل»، مشيرة إلى وجود من يريد التقارب مع «14 آذار»، والعمل بطريقة براغماتيّة وعملانيّة، ومن يؤيدها في التمسك بشعار «كلن يعني كلن»، (ابراهيم منيمنة، سينتيا زرازير وفراس حمدان)، ومن يريد التقارب مع الأطراف الأخرى حول ملفات واضحة، بعيداً عن الإنحياز سياسياً لأي محور من المحاور. وإذ تضع قعقور «حزب الله» الذي يملك السلاح ويقاتل على شتى الجبهات خارج الحدود في الخانة نفسها مع أيًّ من الأحزاب الممثلة في البرلمان، تشدد على أن مشروعها يهدف إلى خدمة الناس، بعيداً عن الإنقسام العمودي الذي قسم البلد إلى طرفين.وعن الإعتراض على غياب آلية لإتخاذ القرار في «التكتل»، تجدد قعقور رفضها التصويت لغياب المشروع الواحد بين الأعضاء الـ13، الذين يختلفون على المقاربة الإقتصادية كما بعض الملفات السياسية المطروحة، مشيرة إلى أنّ اعتماد التصويت سيدفع النواب الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على الإلتحاق بمشروع خارج عن قناعاتهم، إلى الخروج من «التكتل»، عوضاً عن العمل على إنجاز المشاريع المشتركة الكثيرة بينهم، خصوصاً وأنّ الإختلاف مع «الزملاء» أقل بكثير من الخلاف مع أحزاب السلطة، لعدم إنغماسهم في الحرب وسرقة المال العام والطائفيّة، ما يدفع إلى إعادة تنظيم الإختلافات بين الـ13 في إطار صحي، والعمل على «القطعة» مع الآخرين.وعما إذا كان حسم المرشح الرئاسي أدى إلى تفكك «التكتل»، أكدت النائب حليمة قعقور عدم رفضهم لأي من الأسماء الثلاثة المتداولة، وفي طليعتهم حنين، في حين تم إختيار الدكتور خليفة بعد تجاهل قوى 8 و 14 آذار لأي من الأسماء الثلاثة التي تبناها «التكتل»، لتختم مؤكدة أنّ تسميّة الدكتور خليفة جديّة وسيتم التصويت له أيضاً في الجلسة المقبلة.