يصر الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون و"رئيس الظل السابق او الرئيس الفعلي السابق" جبران باسيل على عدم احترام ذاكرة الناس، واستخدام نمط الذاكرة الانتقائية " اللي بتعلّق"مثل اسطوانة قديمة علق عليها الغبار، في زمن الراديو.
فمن تابع مواقف"التفجّع" على صلاحيات رئيس الجمهورية التي اطلقها باسيل بالامس، والفتنة الطائفية المبطنة التي حاول اشعالها بالباسها ثوب الدستور والميثاقية، اعتقد أن اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، كانوا طوال ست سنوات يعيشون في نعيم ما بعده نعيم، فيما واقع الحال أنهم اصبحوا باغلبيتهم الساحقة "عم يشتهو العضّة بالرغيف"، كما يقول المثل الشعبي عن أيام "حرب ال14"، التي استعار "العهد القوي" الكثير من صورها، ليبقيها محفورة في ذاكرة اللبنانيين.
في جلسة مجلس النواب بالامس، كرر الرئيس ميقاتي تأكيد الموقف الذي اعلنه سابقا، وقال:"عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتما يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الامر ينطبق في الايام العادية ، ولكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، ساستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء اذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد احد. سنتشاور في اي موقف ونتخذ القرار المناسب".
على رغم هذا الموقف الواضح، اصر باسيل وفريقه النيابي على الحديث "عن منع حكومة تصريف الاعمال من مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم السماح بعقد جلسات لمجلس الوزراء".
وحتى لا يعتقد"حرتقجي الجمهورية" أن "البهورات" تطغى على الحقيقي نكتفي بايراد الواقعة التالية:
بتاريخ 13-8-2021، دعا عون مجلس الوزراء الى الانعقاد بصورة استثنائية للضرورة القصوى بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، في جلسة تخصص لمعالجة التداعيات والذيول الخطيرة لأسباب أزمة عدم توافر المشتقات النفطية على أنواعها في السوق المحلية وانقطاعها، وذلك استنادا الى الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور".
واعتبر عون يومها في رسالة الدعوة" ان تصريف الاعمال بالمعنى الضيق لا يحول على الاطلاق دون انعقاد مجلس الوزراء عند توافر عناصر الضرورة القصوى".
ولم يكتف" رئيسا العهد القوي" بما حصل في مجلس النواب، بل نفذ عون" أمر عمليات" اطلقه باسيل خلال الجلسة النيابية، فأصدر بيانا ليليا حاول فيه القاء تهمة تعطيل تشكيل الحكومة على ميقاتي، بعدما كشف رئيس الحكومة في كلمته امام النواب تبلغه من عون عندما فاتحه بامر مرسوم الحكومة" انه وصعه في الدرج واقفل عليه ورمى المفتاح.
والخلاصة ان مجلس النواب طوى بالامس آخر ورقة من "عهد بيلاطس البنطي"الذي ذهب ولم يعد" وفق تعبير مقتبس من ببان عون بالامس.
(حاشية: تعبير "عهد بيلاطس البنطي"مقتبس من الانجيل وبيلاطس هو الحاكم الروماني الذي تولى محاكمة السيد المسيح، وأصدر الحكم بصلبه. وتم استخدام التعبير في سياق مقارعة باسيل"بحجّته"بعدما استخدم في تغريدة له تعبير"اليوضاسيين" لوصف خصومه. ويوضاس هو التلميذ الذي خان السيد المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة)