وقع حزب الكتائب اللبنانية في مأزق اعلامي وسياسي جدي قد يؤثر على خطابه خلال المرحلة المقبلة وذلك بعد التسريب الاعلامي الذي تحدث عن لقاء جمع الامين العام للحزب سيرج داغر بعضو المكتب السياسي في حزب الله محمد الخنسا في الضاحية الجنوبية.
اداء الكتائب وطريقة تعامله مع التسريب كان مليئاً بالارباك الامر الذي ساهم في زيادة الضرر الذي تعرض له من التسريب نفسه، اذ ان النفي المتكرر للكتائب لحصول اللقاء ومن ثم تراجعه وتأكيد حصول الاجتماع مستعيناً بعدد كبير من التبريرات والحجج ساهم في احداث تشقق في الصدقية السياسية للصيفي التي عملت القيادة الحالية على تكريسها في السنوات الماضية.
اصل حصول اللقاء مع الحزب من دون الاعلان عنه، يفتح المجال امام خصوم الكتائب للتصويب عليه، خصوصا انه يتناقض مع الخطاب السياسي للصيفي والذي يهاجم "حزب الله" بشكل حاد، اذ ان الكتائب تخوض معركة سياسية واعلامية مع التيار الوطني الحر بإعتباره متساهلاً مع حارة حريك ومتحالفا معها في حين تفتح هي باب التواصل الجدي معها.
كما ان الجمهور المسيحي المحايد، بات في السنوات الاخيرة يميل لمن يخاصم "حزب الله" ويحمله مسؤولية الانهيار باعتباره يحمي المنظومة وشريكاً فيها، وهذا ما استفادت منه الصيفي واحزاب اخرى لتعزيز واقعها الشعبي في الشارع المسيحي وهذا هو الامر نفسه الذي ساهم في تراجع التيار الوطني الحر في الانتخابات الاخيرة.
اما التلاقي مع الحزب، او محاولة التفاهم معه، بغض النظر عن حججه فيعطي هدية سياسية للتيار الوطني الحر الذي سيقول انه دعا الى مثل هذه الخطوة منذ سنوات، لان حل الخلافات لا يتم الا بالتفاهم بين القوى السياسية وليس بالقطيعة.
حتى القوات اللبنانية ستظهر انها الحزب المسيحي الوحيد الذي لا يزال في خطوط المواجهة الحاسمة مع الحزب ولا يرغب بعقد تسويات معه، وهذا الخطاب ستروجه معراب في الايام المقبلة لاثبات انها صادقة مع خطابها الانتخابي ولا تلتف عليه. هذا كله بمعزل عن الاضرار الاقليمية الناتجة عن خطوة الصيفي في ظل مواقف حاسمة من قبل للمملكة العربية السعودية من فكرة تطبيع العلاقة مع الضاحية الجنوبية.
قدمت الكتائب خدمة كبيرة لخصومها السياسيين ولعلها ستكون مضطرة ان تقوم بجهود اعلامية كبيرة للخروج من هذا الموقف بأقل خسائر ممكنة في ظل وجود حالة مسيحية عامة منزعجة وممتعضة من حزب الله ولا ترغب بالتهدئة معه...