بعد أن لعب في الدوري الإيطالي، ترك كرة القدم جانبا وانضم إلى سلاح الجو وحلق بطائرة حربية في سماء طبرق، حيث أصابته رصاصة، ودخل التاريخ كأول طيار يصاب في الجو.
كانت إيطاليا أول من استخدم سلاحين في تاريخ الحروب الحديثة وهما الدبابات والطيران، وكان ذلك في ليبيا، حيث سقطت أول طائرة وأصيب قائد إحدى الطائرات برصاصة بيعت بمزاد علني.
علاوة على كل ذلك، كان الإيطاليون أول من استخدم الطائرات في عمليات الاستطلاع، والاستطلاع الليلي، وأول من استخدمها في إلقاء القنابل بطريقة يدوية.
من تلك الأحداث خرجت قصة الرصاصة التي حوّلها صاحبها إلى قلادة تيمنا بنجاته من الموت، إلى أن اشتهرت في عام 2014 بعرضها للبيع في مزاد علني بلندن مع مقتنيات هذا الطيار الإيطالي بحوالي 6000 جنيه إسترليني.
الحادثة حصلت فوق مدينة طبرق بأقصى شرق ليبيا. وكان ذلك أثناء تحليق الطيار الإيطالي ولاعب كرة القدم السابق كارلو مونتو في عام 2012 على ارتفاع منخفض فوق تجمعات المقاتلين الليبيين الذين كانوا مصحوبين بضباط وجنود أتراك. وكانت ليبيا في ذلك الوقت ولاية تابعة للسلطنة العثمانية.
واجه المقاتلون الليبيون والأتراك الطائرة برصاص بنادقهم وأصابت إحداها الطيار الإيطالي النقيب كارلو مونتو، إلا أنه تمكن من مواصلة قيادة الطائرة وعاد إلى قاعدته حيث أسعف واستخرجت الرصاصة من جسده وتحولت إلى قلادة على عنق صاحبها، ودخل هذا الطيار الإيطالي بذلك التاريخ باعتباره أول قائد طائرة حربية يصاب في حرب بنيران أرضية.
أرسلت إيطاليا أثناء ما يعرف بالحرب الإيطالية التركية 1911 - 1912 أسطولا على ليبيا من 9 طائرات، طائرتان طراز "بليريوت" و ثلاث "نيوبورت" واثنتان "فارمان" واثنتان "إتريش".
وكان النقيب مونتو أثناء إصابته يقود طائرة خشبية ثنائية المحرك، وكان يحلق على ارتفاع 18 قدما فوق طبرق في مهمة استطلاع لم تكتمل، فيما كان نفذ في السابق عمليات استطلاع وقصف، إلا أن المقاتلين الليبيين والأتراك حينها تأقلموا مع التهديد الجديد وتعلموا كيفية التصدي له بنجاح.
ومن الأحداث الأولى التي سُجلت في التاريخ في هذا المجال، أن النقيب الإيطالي ريكاردو مويزو، كان أول من أصيبت طائرته بأضرار أثناء غارة جوية، فيما دخل الملازم ثاني جوليو جافوتي التاريخ "غير المتكافئ" باعتباره أول طيار يسقط قنابل يدوية على العدو.
وفيما كان الطيار الحربي الإيطالي كارلو مونتو أول طيار يتعرض لإصابات في الجو من الأرض، كان بييرو مانزيني، أول طيار يقتل اثناء تنفيذه غارة جوية.
أما النقيب ريكاردو مويزو، الذي كان قائدا للسرب في تلك الحرب، فكان أسر بعد أن اضطر إلى الهبوط خلف خطوط "المجاهدين الليبيين" في عام 1912 بعد أن أصيبت طائرته بمشكلة في المحرك، ولم يطلق سراحه من الأسر حتى نوفمبر من عام 1913.
بنهاية الحرب، كان مونتو يحمل رتبة رائد طيار، واستمر في الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث تم تكريمه لشجاعته.
وشارك هذا الطيار ولاعب كرة القدم الإيطالي أيضا في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يشارك في القتال، وبدلا من ذلك قدم المشورة للقادة حول أفضل السبل لنشر الطائرات في المعركة.
اللافت في سيرة هذا الطيار الإيطالي الذي ولد في عام 1869 وتوفي في تشرين الاول 1949، أنه متعدد المواهب، فهو كان يلعب كرة قدم، ولعب في الدوري الإيطالي في عام 1898، وشغل مناصب إدارية رياضية، بل ودخل البرلمان، وكان كرُم على "بسالته في القتال" بثلاث ميداليات فضية وبروزنزيتين.
ولاحقا قام كارلو مونتو بنشاط كبير في صفوف الحركة الأولمبية في بلاده، وتولى إدارتها لمدة عام، ورأس في سنوات لاحقة اتحادات رياضية إيطالية، وأصبح عضوا في اللجنة الأولمبية الدولية من عام 1913 إلى عام 1939.