لم يكن تسريب كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال لقاء سياسي مع المعنيين بالملف الحكومي خارجا عن نطاق الاشتباك السياسي مع "التيار الوطني الحر"ورئيسه جبران باسيل، او اقله هو جزء من عملية ايصال الرسائل السياسية لباسيل في اطار التمايز الكبير بين الطرفين في اكثر من ملف اساسي.
في الاسابيع القليلة الماضية وضع "حزب الله" اوراقه على طاولة البحث وقام بما يشبه المراجعة لعلاقته مع "التيار الوطني الحر"تنطلق من قاعدة اساسية هي ان حارة حريك لا تريد انتهاء الحلف الاستراتيجي مع ميرنا الشالوحي لكنها في الوقت نفسه لن تجعل هذا التفاهم يقيدها سياسيا ويضعها امام حواجز في العمل العام خصوصا ان رئيس "التيار "جبران باسيل يتمايز في الكثير من القضايا.
لا يتصرف باسيل مع حزب الله كما يريد ان يتصرف الحزب معه، اي انه يسمح لنفسه بالتمايز في قضايا يعتبرها الحزب اساسية، فعقد تحالفا جديا مع "القوات اللبنانية"قبل سنوات ،وهي الخصم الاساسي لحزب الله،ولم يعترض الحزب، وها هو "التيار"يرفض السير برئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً ويكاد يقطع الطريق نهائيا عليه مع ما يعنيه ذلك بالنسبة للحزب..
لم يعلن الحزب الطلاق مع باسيل بالرغم من كل هذه التمايزات في حين ان باسيل يقوم بالتلويح بفك التحالف مع حارة حريك عند اول تمايز للحزب في القضايا الداخلية، وهذا ما بات يزعج الحزب بشكل جدي في الاونة الاخيرة، لذلك فإن تصريحات نصرالله التي سربت امس بدت حازمة في مضمونها بالرغم من ليونتها في الشكل.
في الخلاف الاخير لم يقدم الحزب اي تنازل للتيار بل على العكس حاول توضيح موقفه فقط لا غير وترك الحرية للتيار بأخذ الموقف المناسب حتى ان قيادات الحزب لم تسارع الى فتح باب التواصل البعيد عن الاعلام من اجل احتواء التصعيد بين الحلفاء. اظهر الحزب انزعاجه من ادارة التيار للعلاقة معه ما دفع باسيل للتنازل تدريجياً خلال مقابلته الاخيرة.
من دون ادنى شك يفضل الحزب بقاء التفاهم مع التيار وهو مستعد لتقديم الكثير من التنازلات لصالح حليفه لكن هذه التنازلات لا تكون بالإبتزاز السياسي، فالحزب اليوم لا يسبه الحزب عام ٢٠٠٥، اذ لم يعد بحاجة ماسة للتحالف مع العونيين او اقله بات اقل حاجة اليه، لذلك فإن الكرة اليوم في ملعب التيار وباسيل ومن المرجح ان يعودوا الى الود مع حليفهم.
خلال الايام المقبلة سيعود التواصل بشكل جدي بين التيار الوطني الحر وحزب الله خصوصا ان الحزب حريص ان يكون باسيل جزءاً من التسوية الرئاسية المقبلة وهذا الامر لن يكون سهلاً خصوصا في ظل اصرار الحزب على ترشيح سليمان فرنجية ورفض باسيل الكامل له..