"يسوع أنا بدي انو الماما ما بقى تبكي كل ليلي ليأن ما معا مصاري تعملنا عروس جبنة انا واخوتي على المدرسة". هي عبارة كتبها "الطفل جو" ووضعها في صندوق أمنيات على باب إحدى الكنائس في زوق مصبح، وقد اجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي، وحرّكت الجمعيات الخيرية بحثاً عن طفل يسعى الى مسح دمعة أمه في هذا العيد.
هذه الأم التي دمرها الإنهيار، وجعل أبسط أمنياتها بعض مكعبات من الجبنة، لسد جوع أولادها في المدرسة.
حال هذه الأم يشبه حال الكثير من الأمهات في لبنان التي أثرت الأزمة الاقتصادية بشكل سيء على وضعهم الإقتصادي والإجتماعي، وجعلتهم يحاربون من أجل كسرة خبز.
هذا الوضع الأليم الذي وصله لبنان، دفع بالعديد من الجمعيات إلى التحرك بزخم أكثر في فترة العيد، وزيادة حجم الأسر التي تعمل على مساعدتها، وزيادة حجم المساعدة أيضاً، خصوصاً وأن الحاجة قد تفاقمت هذا العام في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية، والجنون في أسعار الدولار في السوق الموازية.
الاب عبود: كنا وسنبقى الى جانب الانسان
لعل اول ما يتبادر إلى أذهاننا عند الحديث عن المساعدات هو "جمعية كاريتاس" الرائدة منذ ما قبل الأزمة في تقديم يد العون إلى جميع المحتاجين.
وفي هذا الاطار، يشير الأب ميشال عبود رئيس رابطة كاريتاس لبنان، إلى أن هذه الجمعية أنشئت منذ أكثر من 50 سنة، من قلب الأزمات وهي مستمرة حتى اليوم، الى جانب الجميع، سواء في فترة العيد أو الفترات العادية من السنة، ونحن نقدم الخدمات الكاملة سواء اكانت طبية او اجتماعية، وهو الأهم سواء من خلال تقديم المواد الغذائية أو الأموال ، إضافة إلى العمل التربوي ضمن مراكزنا لذوي الإحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن خدمات كاريتاس هذا العام تخطت المليون خدمة إجتماعية.
واكد الاب عبود ، ان صعوبات كثيرة واجهت كاريتاس هذا العام، لعل أبرزها زيادة أعداد المحتاجين، حيث بات هناك "الفقراء الجدد" الذين يحتاجون إلى مواد غذائية ومساعدات استشفائية،او ما يعرف بفروقات فواتير المستشفى، وهذه التكاليف تقدر بمليارات الليرات ، وكل ذلك نؤمنه بفضل الميسورين الذين ساعدوا كاريتاس، مشدداً على أن المراكز الصحية التي كانت في الماضي تستقبل 100 شخص باتت اليوم تستقبل 1000 شخص.
وتابع: "المساعدات الدولية وصلت الى لبنان وهي تتوزع عبر الجمعيات، إلا أن هذه الجمعيات غير معروفة من اللبنانيين، على عكس كاريتاس التي هي مقصد من الجميع، ومن هنا فإن قوة كاريتاس أنها متواجدة على كل الأراضي اللبنانية، وبالتالي فهي تلامس وجع الناس على الرغم من انها في كثير من الاحيان ، غير قادرة على تلبية كل المطالب، لأن المعطيات الموجودة بين يديها لم تعد على المستوى المطلوب والحاجة الكبيرة لدى الناس"، مشدداً على أن هذا الأمر لم يسمح لكاريتاس بتأمين كل المتطلبات من الناس، فعلى الرغم من ان المساعدات زادت إلا انها لم تعد قادرة على تليبة الحاجات الكثيرة التي يطلبها اللبنانيون.
ولفت الأب عبود في حديث عبر "لبنان 24" إلى أن الطلبات لم تعد مقتصرة فقط على المأكولات، بل هناك من يطلب المساعدة في قسط المدارس، أو في بدل إيجار المنزل، إضافة الى الطبابة والادوية، لا سيما في ظل تراجع الخدمات الصحية للضمان الاجتماعي وارتفاع كلفة الشركات الضامنة، وهذه المطالب لم تكن موجودة في الأعوام السابقة.
الأب عبود وجه رسالة إلى اللبنانيين أكد فيها أن الأزمة التي تمر على لبنان لن تطول، والمطلوب اليوم أن نكون أقوياء لمواجهتها عبر التضامن بين الجميع، موجهاً الشكر لجميع المغتربين الذين يساعدون من خلال إرسال الأموال، ومتمنياً على الجمعيات الأخرى العمل على التنسيق في ما بينها لتأمين كل الحاجات المطلوبة.
"انا حدك": تجميع الأموال كان صعباً
في مقابل عمل كاريتاس، كان هناك العديد من المبادرات الفردية التي رسمت الضحكة على وجوه المحتاجين في هذه الفترة، ولعل مبادرة "أنا حدك" برئاسة نادين سقيم واحدة منها، حيث أشارت في حديث عبر "لبنان 24" إلى أن هذا العام كان موضوع تأمين الأموال والمواد الغذائية وألعاب الأولاد ، للمساعدة من أصعب الأمور التي واجهت أي جمعية او اي مبادرة فردية في فترة العيد، خصوصاً وان الإحتياجات كانت هذه السنة كبيرة، وتخطت المواد الغذائية الى تأمين الحليب والحفاضات للأطفال، او حتى العاب الأولاد، حتى ان بعض الطلبات وصلت الى حد المساعدة في دفع فاتورة الكهرباء لكي لا يمر العيد على العتمة، وقد حاولنا قدر المستطاع تأمين هذه الطلبات ، لكننا هذا العام لم نتمكن من ذلك، وتم الإعتذار من العديد من الاشخاص.
وشكرت سقيم الشركات، التي ساعدت في تأمين الحاجيات المطلوبة من ماكولات او ملابس او احذية، مشددة على ان الأموال التي كانت تصل الى الجمعيات كانت معدومة هذه السنة، خصوصاً وان المغترب بات يفضل ان يعطي الأموال لعائلته بدل أن يتم التبرع بها للجمعيات.
وكما هو واضح، فقد بات واقع الجمعيات يشبه كثيراً وضع لبنان، لناحية الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد وأثرت عليهم، إضافة الى ارتفاع الطلب على المساعدات، ويبقى الأمل بعطاء أصحاب الايادي البيضاء لمساعدة اخوانهم في الانسانية أقله في فترة الأعياد.