كتب نذير رضا في "الشرق الاوسط":عامان مرا على اغتيال المفكر والباحث السياسي لقمان سليم، الذي كان معروفاً بمعارضته لـ«حزب الله»، من غير أن يصدر أي قرار اتهامي من القضاء اللبناني.
وتحيي عائلة سليم وأصدقاؤه ومؤسساته، اليوم الجمعة، الذكرى السنوية الثانية لاغتياله ضمن فعاليات تُقام على مدار ثلاثة أيام مصحوبة بنشاطات وطنية وثقافية من وحي هذه المناسبة، تحت شعار «العدالة ولو سقطت السّماوات». ويتحدث أفراد من عائلته ودبلوماسيون وأصدقاء في اليوم الأول في الاحتفال الذي يُقام في دارته في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتوزع خلالها أربع جوائز تحمل اسمه، تماماً مثل العام الماضي، تليها زيارة مؤسّسات لقمان: «دار الجديد»، و«أمم للتوثيق والأبحاث»، و«الهنغار»، و«هيا بنا»، و«مؤسسة لقمان سليم». وتستضيف «خيمة لقمان» التي تقع قرب المرفأ، السبت والأحد، لقاءات فكرية وسياسية.
تتحدث شقيقته رشا الأمير بحسرة عن مآل المشهد القضائي في البلاد، لكنها مصرّة على أن العدالة ستأتي. طوال الأشهر الماضية، ورغم الإضرابات القضائية: «كان القاضي شربل أبو سمرا الموكل بالملف يحضر إلى مكتبه، ونراه بشكل شهري»، وتؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القاضي «شجاع»، و«لم يتوانَ عن القضية»، لكن القضاء في لبنان «محكوم بعشرات الخطوط الحمر»، مستعرضة عشرات عمليات الاغتيال السياسي في لبنان خلال العقود الماضية، ولم يتوصل القضاء في نتائجه إلا لـ3 منها (اغتيال كامل مروة في الستينات، والرئيس بشير الجميل في الثمانينات، والرئيس رفيق الحريري في 2005). ورغم ذلك «بقي الجناة خارج القضبان»، بسبب «الخطوط الحمر»، فيما يتزايد «الإفلات من العقاب» في ظل «العفو العام» الذي تصدره القوى السياسية اللبنانية، بينها العفو العام عن جرائم الحرب اللبنانية، والاقتراحات المتوقعة ليفلت مرتكبو الفساد والجرائم المالية أخيراً، من العقاب.
وكتبت بولا اسطيح في " الشرق الاوسط":
والدة لقمان السيدة سلمى مرشاق التي أبت أن تغادر منزلها الواقع في قلب الضاحية، تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ألم فقدان الولد لا تشفيه الأيام والسنوات، وهو يختلف عن ألم فقدان الأم والأب»، لافتة إلى أن «الحزن تحوّل لرفيق أيامها وسيرافقها إلى الآخرة».
تتأسف الأديبة الأم سلمى مرشاق سليم؛ لعدم توصل القضاء للكشف عن قتلة ابنها، وللحالة التي وصل إليها القضاء اللبناني، «حيث الكلمة الفصل لم تعد للقانونـ إنما للقاتل الذي يصور نفسه بطلاً»، متسائلة: «أية همجية هذه؟!». وتتذكر سلمى ما أخبرها به زوجها الراحل محسن سليم حين كسب دعوى قضائية ضد الحكومة اللبنانية في زمن الاستقلال في أربعينات القرن الماضي، معتبرة أن «ما كان بوقتها من استقلالية في القضاء لم يعد قائماً اليوم». ولدى سؤالها عما إذا كانت قد وصلت لقناعة بخصوص من اغتال ولدها، تقول سليم: «من يملكون السلاح يعرفون. أنا سلاحي الكلمة والفكر. لا أعرف من قتله، ولا يمكن أن أتهم أحداً؛ لأنني بذلك قد أؤذي نفسي وأؤدي لأذية أفراد عائلتي».
ولا ترى سليم سبباً لاغتيال ابنها إلا أنه «كان صريحاً ويقول الحقيقة... أما هم فيحبون المنافقين». وعما كان ليقوله لقمان عن أحوال لبنان الراهنة، تؤكد والدته أنه «كان ليكون حزيناً لأقصى درجات الحزن؛ لأن البلد يشبه شخصاً يقف عند رأس الجبل ويتدحرج إلى الهاوية».