لا تبدو غريبة او غير منطقية الخطوة الرئاسية الأخيرة التي أقدم عليها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، فمنذ بداية الجلسات النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية،ومنذ انطلاق الحراك الرئاسي الخاص بالقوى السياسية التي تطلق على نفسها تسمية المعارضة، ومنذ اعلان ترشيح رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض لخوض المعترك الرئاسي، بدا جنبلاط من خلال اطلالاته الاعلامية،كما من خلال نشاطه السياسي، غير مقتنع او غير أكيد من امكانية ايصال معوض الى بعبدا.
وانطلاقا من هنا، ردد جنبلاط أكثر من مرة وفي غير اطلالة اعلامية ان "ميشال معوض هو مرشحنا حتى الساعة"، اي انه لم يجزم الاستمرار في الوقوف الى جانب ترشيح معوض او بخوض معركته بكل ما أوتي من حنكة سياسية وقدرة على التواصل مع مختلف الافرقاء في لبنان.
كما ان انتقال جنبلاط الى مرحلة جديدة في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، لا يبدو ايضا مستغربا او غير منطقي، فمن يراقب حركة زعيم المختارة، يدرك تماما ان الرجل لا يهوى الغوص في المستنقعات انما يبحث دائما عن ما يمكن ان يخلق ديناميكية معينة ويؤدي الى طرح الحلول وتحقيقها.
وفي هذا الاطار، أكد مصدر مطلع لـ "لبنان 24" ان " المرحلة الجديدة التي انتقل اليها رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي) لم تتضح معالمها حتى الساعة، لا بل يمكن القول انها ما زالت ضبابية ولا مكان فيها للوضوح او للأجوبة النهائية والأكيدة.
والأسماء التي نُقل ان جنبلاط سبق وطرحها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري او مع سواه يمكن ان تكون صحيحة لكنها لا تعّبر طبعا عن لائحة الأسماء الكاملة التي خطها وليد بك، اذ انه يعلم تماما ان لعبة طرح الأسماء في الاعلام وجعلها متداولة غالبا ما يؤدي الى حرقها او تراجع حظوظها.
وبالتالي يمكن القول ان وليد جنبلاط و(الحزب التقدمي الاشتراكي) لا يملكان اليوم اجابة واضحة ونهائية حول خيارهما الانتخابي، وكل ما في جعبتهما هو رغبة للتوافق ما يؤدي الى انتشال البلاد من مستنقع الأزمات المتتالية التي تخنق المواطنين وتكبلهم من كل حدب وصوب".
ويرى المصدر عينه ان " النائب ميشال معوض لا يحق له ان يعتب على جنبلاط، اذ ان الاخير صوّت له على مدار 11 جلسة متتالية، وعندما وجد انه لا امكانية للوصول الى توافق ولو بحده الادنى حول معوض، قرر بكل وعيّ ومسؤولية ان ينتقل الى مرحلة جديدة قد تساعد في انتاج سيناريو انتخابي أكثر جدية من سيناريو جلسات الخميس التي أمست شبه فلوكلورية.
والحراك الجديد الذي يقوم به جنبلاط يمكن وصفه بالحراك الانتقالي، فعبره يحاول جنبلاط البحث عن شخصية مارونية تشكل عنوانا جامعا ما بين (قوى الرابع عشر من أذار) و(الثامن من أذار)، وهنا يطرح السؤال نفسه حول امكانية لعب جنبلاط هذا الدور، اذ انه وعلى الرغم من كونه "بيضة قبان" في الحياة السياسية اللبنانية، الا ان مواقفه غالبا ما تكون واضحة ومتشابهة مع النفس الذي تتمسك به مختلف القوى السياسية التي تجمعت يوما تحت سقف (14 اذار".
لذلك قد يكون اقناع (حزب الله) بأي مرشح توافقي او تسوويّ يطرحه جنبلاط صعب الى حدّ كبير".
ويؤكد المصدر ان " تخلي جنبلاط عن المرحلة الحالية التي يقودها لن يكون سهلاً، لاسيما ان البحث عن اسم توافقي هو مطلب يطرحه نجله النائب تيمور جنبلاط ويدفع للوصول اليه بشتى الطرق الممكنة.
وبالتالي يبدو الحديث عن انتقال جنبلاطيّ سلس نحو تبني ترشيح رئيس "تيار المرده" سليمان فرنجيه، غير واقعي وفيه الكثير من التبسيط لمجريات الأمور، فانتقال كهذا سيتطلب بطبيعة الأحوال المزيد من الوقت والمزيد من التواصل المباشر بين بنشعي والمختارة".