لم يكن كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاخير عابرا، ولم يكن في اطار شد العصب الشعبي داخل البيئة الشيعية كما اعتقد البعض، لا بل ان هذا الحديث تم التمهيد له منذ اشهر طويلة بمعادلة "نحن رح نقتلك" حيث اتخذت سلسلة خطوات تم التشكيك بها في البداية، من استيراد النفط الايراني ونقله الى لبنان وصولا الى الليلة التي كانت ستندلع فيها الحرب بسبب ملف الترسيم لولا التدخلات الديبلوماسية.
في عقل حزب الله، فان همصدر الازمة الاساسي في لبنان هو الولايات المتحدة الاميركية ولا يمكن ايقاف الاستنزاف في الداخل الا من خلال مواجهة واشنطن بطريقة او بأخرى.
في الاشهر الاخيرة شعر حزب الله بأن واشنطن وحلفاؤها يتعاملون معه بأنه الطرف الاضعف، او الاصح انه الطرف الذي تعرض لانتكاسات كبيرة في الداخل منذ اندلاع الحراك الشعبي، وعليه، يجب ان يقدم تنازلات استراتيجية مرتبطة بموقعه السياسي ودوره وحضوره داخل النظام.
ولعل الاجتماع الخماسي الذي حصل في باريس وفشله في الوصول الى خارطة طريق اولية لحل الازمة، زاد من شعور الحزب ان التسوية لن تحصل الا بعد وصول الضغوط الاقتصادية والمالية الى حد لا يمكن للبنان واللبنانيين تحمله، ولعل ما قالته بربارا ليف يمثل الاستراتيجية الاميركية في لبنان.
في الايام الماضية بدأ الانهيار يأخذ منحى تصاعديا كبيرا وباتت سرعته غير قابلة للوقف عبر اي خطوة او معالجة موضعية، وعليه، فإن الحزب كان في حاجة الى ايصال رسالة واضحة توحي بأنه الطرف الاقوى وان سقفه السياسي غير تقليدي في التعامل مع الضغوط الاميركية، وعليه اظهر الحزب من خلال خطاب امينه العام ان التوازن مع خصومه لا يزال موجودا.
يضغط خصوم الحزب عليه بالاقتصاد، فيضغط عليهم هو بالخطوات العسكرية التي قد لا تبدأ في وقت سريع، لكن قد تشهد الحدود الجنوبية في المرحلة المقبلة خطوات ستكون بمثابة رسائل توحي بجدية الحزب، على نسق ارسال المسيّرات خلال مرحلة مفاوضات الترسيم البحري....