كتب ابراهيم بيرم في" النهار": زعيم تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري أنهى، كما صار معلوماً، قبل أيام، زيارته النوعية اللافتة لبيروت وعاد الى مقر إقامته في أبو ظبي، لكن تداعيات هذه الزيارة وارتداداتها ما انفكت حاضرة تتردّد في عمق الأوساط السياسية اللبنانية التي لا يمكن أحداً أن ينكر أنها في حال من الشلل والمراوحة والحاجة الى عنصر جديد يكسر الرتابة ويحرك مياه بحيرتها الراكدة.
النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي يقول لـ"النهار": "لا إفرط إذا قلت إن زيارة الرئيس الحريري ترقى بحدّ ذاتها الى مرتبة الحدث المدوّي والمحطة المفصلية، إن من حيث الشكل أو من حيث المحتوى والمضمون، وهذا الاستنتاج ليس لسان حالي وحسب بل هو بشهادة كل الذين رصدوا الزيارة وتابعوا محطاتها وقيّض لهم الاطلاع على نتائجها".
أضاف الفرزلي: "في لقائي معه وجدت أن الأمور عنده واضحة والرؤى ناضجة، وأنه استتباعاً محيط بكل شاردة وواردة وكأنه لم يغادر المسرح إلا لساعة".
واللافت، يضيف الرئيس الفرزلي "أن ما يستاثر بالحيّز الأكبر من رؤية الرئيس الحريري وما يشكل الهمّ الأساس هو مسألة عودته الى ساح الفعل في لبنان ليأخذ موقعه ودوره الطبيعي. فمع يقينه وإدراكه أن ثمة حاجة وطنية بامتياز لاتخاذ مثل هذه القرار والتصدّي للمهمّات المنوطة به، فإنه لا يخفي (الحريري) أن همّه الأساسي هو أين الشريك المستعد لملاقاته في نقطة ثابتة معيّنة ومن ثم يقبل مرافقته بكل نيّة مخلصة في الرحلة الأصعب جنباً الى جنب".
"وعلى حدّ علمي ، يستطرد الفرزلي، لقد استأثر النقاش في هذه المسألة المحورية بالحيّز الأكبر من مروحة اللقاءات المكثفة التي عقدها طوال أيام إقامته في بيروت".
ويضيف الفرزلي "طرح هذا السؤال عند الحريري وزواره، ليس أمراً آتياً من فراغ وليس لتبرير الغياب وقرار الانكفاء بل بناءً على تجارب غير موفقة لكي لا نقول تجارب خائبة لم يمرّ عليها الزمن. فليس خافياً أنه سبق للرئيس الحريري أن خاض تجربة شراكة سياسية مع حزب القوات اللبنانية ولكنها انتهت نهاية درامية موجعة له. ولا يمكن بطبيعة الحال نسيان تجربة شراكته المرة مع التيار العوني التي أيضاً لم يمر عليها الزمن ولقد تبيّن بالملموس له ولسواه أن هذا الفريق لم يكن بالأصل يريد شراكة بمواصفات الشراكة بل يريد استتباعاً واستثماراً.
أما على المستوى الشيعي فلا أحد يجهل ما يثقل العلاقة ويكتنفها من حسابات ضيّقة وهواجس وتعقيدات. والرئيس نبيه بري معروف حجم الرغبة عنده بالتعاون والتنسيق مع الحريري ولكنه لا يمثل وحده كل الحالة الشيعية".
وما يتعدّى الزيارة وأبعادها فإن السؤال للفرزلي هو عن رؤيته للأوضاع حالياً في ظل هذا الاستعصاء والانسداد؟ فأجاب "ما زلت عند رأيي السابق ومفاده أن البلد يعيش الآن مرحلة شبيهة الى حد بعيد بالمرحلة التي سبقت مباشرة دخول الرئيس الشهيد رفيق الحريري ساح الفعل في مطلع تسعينيات القرن الماضي، إذ إن ذاك الدخول عهدذاك كان إنجازاً بيّناً لصفقة بين معسكرين أساسيين في المنطقة من خلال تسمية الرئيس الراحل الياس الهراوي للرئاسة الاولى ومن خلال تسمية الرئيس الشهيد الحريري لرئاسة الحكومة. واليوم ننتظر استيلاد مثل هذه الصفقة، إذ لا أظن أن ثمة عاقلاً يطمح الى الاستئثار بكل شيء وألا يترك شيئاً لسواه فتلك وصفة لأزمة مفتوحة واشتباك مستمر".