تتخذ استعدادات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لزيارة الفاتيكان منتصف آذار المقبل ابعادا مهمة تتصل بالاستحقاق الرئاسي وبكل ما يتصل بالواقع الاجتماعي والسياسي والحكومي الذي يعيشه لبنان في ظل الشغور الرئاسي والضرورة المتعاظمة لاستعجال انهاء هذه الحالة بانتخاب رئيس للجمهورية.
وبحسب " النهار" فان هذه الزيارة تلاقي الجهود الكثيفة المتصاعدة لاستعجال انتخاب رئيس الجمهورية منذ انعقاد الاجتماع الخماسي التشاوري حول لبنان في باريس قبل أسابيع.
وفي اطار التحركات الديبلوماسية المتواصلة في اطار الاستحقاق الرئاسي التقى امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا. وخلال اللقاء، كان عرض لآخر المستجدات على الساحة المحلية وتشديد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
كما ان رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، التقى بعد الظهر في معراب، السفيرة شيا وكان بحث في المستجدات المتعلقة بالساحة اللبنانية - الاقليمية، ولا سيما اجواء اجتماع باريس الخماسي الاخير، وملف انتخابات رئاسة الجمهورية حيث أكد جعجع امام شيا "ان المدخل الاساسي لأي اصلاح فعلي وتغيير في اداء الحكم يبدأ من رأس الهرم أي أن تتبوأ شخصية اصلاحية سيادية نزيهة سدّة الرئاسة لتنعكس ورشة اصلاح متسارعة على المستويات كافة".
وكتبت" اللواء": وإذا كان لا غرو في ان انتخاب رئيس للجمهورية هو حجر الزاوية للحفاظ على مؤسسات الدولة، وعودة الثقة الدولية للبلد (حسب ما نقل عن الرئيس نبيه بري) فإن سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دورثي شيا بقيت وحدها، تستأثر بالمشهد الدبلوماسي على ساحة الاستحقاق الذي تأخر لتاريخه عن موعده 5 أشهر، وهو مفتوح على مزيد من التأخير، ما لم تحدث المفاجأة الكبرى.
وبانتظار نضوج ما يطبخ للمنطقة، بدا ان الملف الرئاسي المرشح لحراك جديد، ما يزال الى اليوم في دائرة الجمود.
ووفقا لمعلومات» الديار»، ثمة تغيير واضح قد طرأ على مقاربة واشنطن للاستحقاق الرئاسي اقله في الشكل بعدما بلغ الغليان حدود الدخول في فوضى قد تخرج عن السيطرة، وقد تظهر ذلك من خلال استفسارات شيا امام جعجع عن اسباب رفض «القوات» للحوار حول الرئاسة الاولى، مبدية خشيتها من حالة الاستعصاء الراهنة على الوضع العام في البلاد، وكان لافتا نصيحتها بضرورة عدم قطع «جسور» الحوار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري!
هذا المقاربة الاميركية، لا تستغربها مصادر دبلوماسية، اكدت ان ما تريده واشنطن في هذه المرحلة عدم انفلات الامور على الساحة اللبنانية لان الادارة الاميركية لديها انشغالات اكثر اهمية في المنطقة حيث تقترب الامور في الاراضي الفلسطينية المحتلة من ساعة الانفجار، ولا تحتاج في هذه المرحلة الى اي بؤرة متفجرة جديدة.
ووفقا للمعلومات، فان شيا لم تقدم اي مؤشر واضح حول دعم بلادها لأي مرشح، كما لم تتحدث عن اي «فيتو» على أحد، لكنها تحدثت عن ضرورة ايجاد آلية لفتح قنوات الحوار الداخلي كيلا تبقى الامور في حالة من الشلل، وكان لافتا تاكيدها على ضرورة عدم قطع خطوط التواصل مع الرئيس بري للخروج من الجمود القائم راهنا. لم تحصل السفيرة الاميركية على اي وعد بتغيير «معراب» لمقاربتها الحالية، ولم تقدم اي اجوبة واضحة حيال استفسارات جعجع حول خلفية هذه «الليونة» المستجدة. لكن ما تم استنتاجه ان الاميركيين يتحركون دون خطط واضحة ولم ينسقوا مواقفهم مع الرياض، وجل همهم عدم خروج الامور عن السيطرة. الاجتماع الذي استمر على مدى ساعة و نصف الساعة تطرق بحسب «معراب» الى ملف انتخابات رئاسة الجمهورية حيث أكد جعجع امامها ان المدخل الاساسي لأي اصلاح فعلي وتغيير في اداء الحكم يبدأ من رأس الهرم، أي أن تتبوأ شخصية اصلاحية سيادية نزيهة سدّة الرئاسة لتنعكس ورشة اصلاح متسارعة على المستويات كافة. تجدر الاشارة الى ان شيا زارت بكركي ايضا وكررت خلال لقاء البطريرك بشارة الراعي وجهة نظر بلادها حول اهمية الحوار.
ووفقا لمصادر نيابية، كان اللقاء الاخير بين الرئيس بري والسفيرة الاميركية شفافا جدا حيث طرح سلسلة من الاسئلة حول حقيقة ما تريده الادارة الحالية من الساحة اللبنانية ومدى تشجيعها على دخول البلاد في الفوضى الشاملة. فكان نفي من شيا للامر. ولفت بري الى ان البعض، وخصوصا القوى السياسية المسيحية، ترفض الحوار دون اسباب موجبة وتمارس سياسة التعطيل لكل المؤسسات الدستورية، ولا تقدم اي حلول معقولة على المستوى الرئاسي. وهذا يدفع البلاد نحو المجهول، خصوصا ان الخارج بما فيها واشنطن غير معنية بالعمل بالزخم الكافي لابعاد لبنان عن ساحات المنطقة المتفجرة، محذرا من ان غياب لغة العقل سيعني حكما تسيد العصبيات وانهيار كامل للمؤسسات، وعندئذ «لن تجدوا من تتحدثون معه في الداخل»، قال بري لشيا التي «زعمت» ان بلادها لا تؤيد عدم التواصل وتشجع على الحوار، وليس لديها اي فيتو على احد رئاسيا، عندئذ سألها عن اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فقالت «لأ احد». طبعا لا تراهن تلك الاوساط كثيرا على هذه «الاستدارة» الاميركية في «كسر» الجمود رئاسيا لانها لا تزال في اطار حراك خجول لا «يغني ولا يثمن عن جوع» الا اذا تحول الى عملية متكاملة تشمل تسوية تنضم اليها السعودية التي لا تزال تملك تاثيرا كبيرا في الكثير من القوى السياسية.