كتبت زينب حمود في "الأخبار":
26.5% هي نسبة الطلاق في العام المنصرم، من ضمنها عدد من حالات انفصال الخطوبة، وخلفها طلاقات مقنّعة لزوجين لا يفصلهما عن الطلاق غير طفل ونظرة مجتمعية تصِمُ المطلقات، أو عجز عن تحمّل تكاليف الخلع. أرقام الطلاق مقلقة، ومثله عدد النزاعات الأسرية التي يؤجّل المعنيون بها معالجتها، ما يفاقمها مع مرور الوقت
تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، العجز عن الإنفاق على مؤسسة الزواج وتأمين الاحتياجات الأساسية للعائلة، عدم القدرة على تحمّل الضغوطات الحياتية، العصبية المفرطة بعد موجة كورونا وما رافقها من قلق وخوف وعزلة اجتماعية... غيض من فيض الأسباب التي تعزّز التفكك الأسري وتدفع المتزوجين إلى أبغض الحلال، قاطعة سبل حماية العلاقة الزوجية.
تشير مراقبة أعداد معاملات الزواج والطلاق التي تصدر دورياً عن دائرة الإحصاء في المديرية العامة للأحوال الشخصية إلى قفزتين في المؤشر العام لنسب الطلاق من أصل الزيجات المعقودة، والذي يرتفع بشكل طفيف على مدار الـ11 سنة الأخيرة. القفزة الأولى عام 2020 عندما ارتفعت نسبة الطلاق إلى 23.03% بعدما كانت 20.08% عام 2019. والثانية عندما قفزت عام 2022 إلى 26.5% بعدما استقرّت على 23.03% عام 2021.
أرقام مقلقة
نسبة الطلاق في العام الأخير (26.5%) مقلقة، وخاصة إذا جرت مقارنتها بمتوسط نسب الطلاق خلال الـ11 سنة الأخيرة والذي بلغ 20.54%، وتستدعي، وبحسب مديرة الدراسات في مركز أمان للإرشاد السلوكي والاجتماعي سحر مصطفى، «دقّ ناقوس الخطر، وخاصة عندما نلحظ تراجع القدرة على ضبط الانفعالات في حالات النزاعات الأسرية التي نعالجها في المركز، والتي تشبه قنبلة موقوتة ستنفجر إذا لم يُصر إلى معالجة الأزمات ومساندة الأسر وتخفيف الأعباء عن كاهلها».
وإذ ترى مصطفى مؤشرات القلق مضبوطة إلى الآن، تحذّر من أن نشهد في السنوات المقبلة «أرقاماً مخيفة لأن الظواهر الاجتماعية، مثل الطلاق، لا تتغيّر بين ليلة وضحاها، كذلك تحتاج تدعيات الأزمات التي مررنا ولا نزال نمرّ بها إلى وقت لتظهر. فاللبنانيون اليوم يعيشون حالة إنكار ويؤمنون أن الأمور ستتحسّن قريباً».
كيف نتفادى الطلاق؟
توصّلت الدراسات والتقارير التي يطلقها مركز أمان حول الطلاق إلى أن متوسط عمر الزواج قبل الطلاق يُراوح بين الـ5 والـ6 سنوات، وهو «العمر الشائع عالمياً. فمنذ السنة الأولى للزواج تظهر المشاكل، ثم نتيجة تجاهلها ورفض الحوار أو طلب المساعدة، تتراكم لتنفجر بعد بضع سنوات».
لا يعني ذلك كلّه أن الطلاق هو نتيجة حتمية للعلاقات في زمن الأزمات أو حل وحيد للنزاعات الزوجية. ففي كثير من الأحيان يمكن تفادي الطلاق. كيف؟ تجيب مصطفى: «ضرورة طلب المساعدة من اختصاصيين ومرشدين اجتماعيين إذا انقطعت السبل، وعدم مراكمة المشكلات، كذلك تعلّم مهارات المرونة العائلية والتواصل الإيجابي والصبر والتحمّل». وإذا كانت الظروف السيئة المحيطة تصعّب المهمة على المرشدين، تشدّد على «أهمية التكافل الاجتماعي ودور العائلتين في إنقاذ الزواج بدلاً من تأجيج النزاع»، متأسّفة من أن «دورهم يكون في كثير من الأحيان سلبياً، فنسمعهم يقولون للزوجة: «ارمِ له الأولاد»، وللزوج: «سنزوّجك ست ستها».
ين المدينة والقرية
بالعودة إلى أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية، تتصدّر محافظة بيروت أعلى نسب طلاق على مدار الـ11 سنة الأخيرة، بلغ متوسطها 31.4%، ووصلت إلى 34.47% عام 2022. أما أدنى متوسط فسجّلته محافظتا عكار وبعلبك الهرمل (14.22%، و14.49%)، ارتفعت أيضاً النسب في المحافظتين لتصل عام 2022 إلى 23.85% و23.41%. واحتل البقاع أدنى نسبة طلاق عام 2022 (22.55%). المفارقة كانت في نسب الطلاق المرتفعة في محافظة الجنوب، والتي بلغت 30.45% عام 2022.