الثامن من اذار، يوم المرأة العالمي. استحقت النساء في العالم اجمع وبجدارة هذا اليوم، لانتزاع تاريخ تجبر فيه النساء، الجميع على سماعهن للمطالبة بتعزيز حقوقهن والمساواة وابعد من ذلك، ربما الاحترام والتقدير، والتأكيد على انّ المرأة شريك أساسي في المجتمع وليس مجرد نصف بالتوازي غير المستحق أحيانا.
أمّا كلارا زيتكن، المناضلة والناشطة الألمانية التي عرضت فكرة يوم عالمي للمرأة في مؤتمر دولي للمرأة العاملة عُقد في مدينة كوبنهاغن الدنماركية في العام 1910، فلو عرفت حينها أي أوضاع ستعيشها المرأة اللبنانية في ظل التحديات القديمة والمستجدة التي تمر بها اليوم، لكانت حتما طالبت بيوم خصيصا للاحتفال بقدرة المرأة اللبنانية على تجاوز كل الصعاب.
مراكز ومناصب
لربما في الامر بعض من المبالغة حتما، فنساء كثر استطعن ان يحققن إنجازات مهمة في مجالات مختلفة، وكذلك استحققن مراكز قيادية او مناصب قيادية وإدارية مهمة، وبرعن في صناعة الاقتصاد والصناعات، كما لمعت أسماء البعض منهن في مجال الأبحاث في العالم. باختصار استطاعت المرأة ان تحصل على التقدير على جهود تستطيع القيام بها كما الرجل تماما، فلا تحتاج الى تهنئة بل إعادة تأكيد على امكانياتها والتذكير ببعض حقوقها المسلوبة.
وفي مقابل كل هذا، لا تزال نساء كُثر تُنهى حياتهن خلف تلك الأبواب الاسرية المقفلة، فتُنتهك حرمة منزلهن بعنف قاتل مدمي او ضربة قاتلة حد الموت، فتنقطع انفاسهن لتبدأ رحلة من نوع اخر بضياع حقوقهن في أروقة بعض المحاكم.
اعدامات
ونساء اخريات تُسطر بحقهن قرارات سريعة بإعدام من نوع اخر، حيث تنتزع منهن حضانة ابنائهن، فتنسلخ ارواحهن عن اجسامهن، حتى ينلن شرف اللقاء او الحضانة لساعات معدودة، بعد جهد جهيد مع قضاة المحاكم الدينية.
وأكثر من ذلك، فهل نتساءل عن وضع المرأة اللبنانية في ظل التمييز الجندري، والوضع الاقتصادي، والبطالة، والقوانين المجحفة.. فللأسف واقع المرأة في لبنان يرتبط باستحقاقات كثيرة منها ما هو تشريعي، ومنها اقتصادي مادي، ومنها سياسي، وبعضها ثقافي في أحيانا كثيرة بتوارث موروثات وعادات في بعض المجتمعات التي تمارس ممارسات خاطئة بحق المرأة، اقل ما فيها التعامل بدونية مع افكارها او وجهة نظر فقط لأنها بعقل "غير مكتمل" كما يدعون.
تشريع الاغتصاب
ولنمر أيضا على تزويج القاصرات، وتشريع الاغتصاب، وعدم تجريم التحرش، واللامساواة في الرواتب، والهيمنة الذكورية، والتسلط الابوي، والعمل السياسي الضيق، ونظام الأحزاب، والى ما تطول السبحة.
امّا اليوم، فتحديات جديدة اُضيفت على هموم المرأة السابقة، فصارت في تحد يومي مع تأمين طعام العائلة والشراب، في ظل غلاء متوحش يسيطر على جيوب اللبنانيين، وعالم اسود من الأسواق الموازية جعلت اللبناني مرتهن للدولار، وجعلت المرأة اللبنانية تعاني من جديد على الطوابير، وتضطر اليوم الى استخدام وسائل بدائية في الطبخ والغسيل للتوفير، وتراها تشجع أولادها على الهجرة، فتستحق يوما عالميا على مدار السنة لقدرتها على التحمل والصمود.
وللمرأة في يومها، الف تحية.
تاريخ نشأة هذا اليوم
تعود نشأة يوم المرأة العالمي إلى العام 1909 حين ارتفعت أصوات النساء الرافضة للتمييز في العمل والمطالبة بحق التصويت. أما النسخة الأولى من يوم المرأة العالمي فتعود إلى 19 آذار 1911، ويومها تظاهر أكثر من مليون شخص من أجل حقوق النساء في النمسا والدانمارك وألمانيا وسويسرا.
وفي العام 1914، تجمّعت نساء اشتراكيات في الثامن من آذار للمطالبة خصوصاً بحق الاقتراع للنساء. وشهد هذا التاريخ أول تظاهرة فعلية ليوم الثامن من آذار. وأصبح الأمر رسمياً عام 1975 عندما بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم واختيار موضوع مختلف له لكل عام؛ وكان أول موضوع للاحتفال تبنته المنظمة الدولية عام 1996 يدور حول "الاحتفاء بالماضي، والتخطيط للمستقبل".