سيطر الارتفاع المتسارع والهبوط الأسرع لسعر صرف الدولار بنسبة 25% خلال ساعات، على المشهد السياسي، منتقلاً من 110 آلاف ليرة إلى 145 ألف ليرة، وعكساً من 145 ألف ليرة الى 105 آلاف ليرة، وقد رسم الفارق بين الحالتين ما سبق وتكرر مع كل مرة مشابهة، حيث أن مصرف لبنان يعلن رفع سعر صيرفة ويفتح الباب لبيع الدولارات بالسعر الجديد، ويتكرس السعر الجديد بانتظار ارتفاع جديد، بينما قررت جمعية المصارف ما كان متوقعاً مع الارتفاع الجديد والسعر الجديد لمنصة صيرفة من تعليق للإضراب، على أبواب بدايات شهر جديد يترافق مع دفع الرواتب، بانتظار العودة للإضراب مطلع الشهر المقبل.
وبحسب مصادر معنية فأنّ قرار تعليق الاضراب يهدف فعلاً إلى "اقتناص المصارف فرص العمولات الهائلة المنتظرة من تطبيق قرار مصرف لبنان وألا تترك تلك العمولات للصرافين، علماً بأن المصارف كانت ستجبر على فتح أبوابها قبل نهاية الشهر للسماح للموظفين بقبض رواتبهم والتي تحصد المصارف منها العمولات أيضاً".
وسجلت امس دعوة الى جميع اللبنانيين والعسكريين المتقاعدين عبر رسالة صوتية للمشاركة اليوم الاربعاء في اعتصام في ساحة رياض الصلح، عند الحادية عشرة من قبل الظهر للمطالبة بحقوقهم والتعبير عن معاناتهم.
ولفت صاحب الدعوة النائب السابق والعميد المتقاعد شامل روكز في اتصال مع " الديار"الى المعاناة التي يعيشها المواطنون بشكل عام في ظل الظروف الكارثية ، مذكّراً بالفترة التي صدرت فيها الموازنة وكان الدولار حينئذ بـ 28500 الف ليرة، واليوم وصل الى 140 الف ليرة، ما ادى الى التضخّم وانهيار رواتب القطاع العام، وانزلاق الدولة الى هذا الدرك الخطر بعد نهب الوطن والشعب، اذا بات لبنان مغارة لصوص وعصابات، وضمن سياسة توافقية منافقة.
واشار الى انّ طبابة المتقاعدين وخصوصا قوى الامن الداخلي، وحقوقهم من المساعدات المتعلقة بالمدارس والمحروقات، إضافة الى حقوق عائلات الشهداء التي تعتبر مقدسة باتت كلها في الهواء. ومن ثم توجّه روكز الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالقول:» دولة الرئيس انت مسؤول، والوضع لم يعد يُحتمل، والناس لم يعد باستطاعتها تحمّل المزيد من الكوارث اليومية، لذا نحملّكم المسؤولية لتدارك الامور، وهذا هو النداء الاخير، وختم:» خلينا نكون كتار بالاعتصام دفاعاً عن كرامتنا وكرامة شعبنا وبلدنا وتكون بداية الصحوة».
وكتبت" النهار": اقل ما يمكن ان يقال في وصف وضع السوق المالية امس، انها حفلة جنون، لا تفسير منطقيا لها، لكنها تنذر بانفلات كبير ستكون ارتداداته سلبية على مجمل الوضع. اذ بلغ سعر صرف الدولار نحو 145 الف ليرة نهارا، قبل ان يتهاوى ليستقر مساء عند عتبة الـ 110 الاف ليرة. والتلاعب في سعر الصرف، الهب معه الشارع، فتحرك المحتجون في غير منطقة، واقفلوا الطرق، وسط دعوات الى اعتصامات واضرابات بدءا من اليوم، قابلها كلام نيابي عن مساءلة الحكومة . وقد ترافق تحليق سعر الصرف مع اطلاق ستة من المضاربين على الليرة بعدما توقيفهم مدة شهر، وخرجوا بكفالات مالية ووساطات سياسية. وكان هؤلاء طالبوا بتسريع احالتهم الى القضاء بعد التحقيق الاولي معهم لدى الاجهزة الامنية، واسمعوا المحققين انهم يضمنون اطلاق سراحهم لدى مثولهم امام القضاء.
وفيما ان خضوع حاكم مصرف لبنان للتحقيق الاوروبي الاسبوع الماضي، دفع خصومه الى الترويج بخسارته المعركة وبالتالي عدم توافر هامش اضافي لديه للتحرك، بل فقدانه المبادرة، وتخويف الناس من مرحلة مقبلة، تدخل مصرف لبنان بعد الظهر، معيداً تفعيل منصة " صيرفة"، ومعلنا عن "إمكان الجمهور إجراء عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الأوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر "صيرفة" الذي حدده بـ 90 الف ليرة مقابل كل دولار بدءا من يوم أمس.
وشدد مصرف لبنان على أن "الهدف من هذه العملية هو الحد من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي". وأكد الحاكم أن "القرار الذي اتخذناه جاء لسحب كل الليرات اللبنانية من السوق ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك". ولفت إلى أن "بالإمكان تسليم الليرة النقدية إلى الصرافين من الفئة "أ" وإلى المصارف العاملة، على أن يتسلم صاحب العملية الدولار بعد ثلاثة أيام".
وفي حين استغرب البعض توقيت القرار فيما المصارف مستمرة في اضرابها، كشفت مصادر مصرف لبنان أن ثمة مصارف أبدت رغبتها في المشاركة في العملية وفتح ابوابها أمام الزبائن لإجراء العمليات المالية، بدليل أنها استوضحت مصرف لبنان عن بعض الامور، ومن ثم أكدت أنها ستفتح أبوابها على غرار بنك "الموارد".
وجاء في جريدة "الاخبار":شهدت بيروت والمناطق عودة للاحتجاجات الفوضوية على الواقع المعيشي، وقطعت الطرقات في أكثر من منطقة، وسط الإقفال القائم لدى المصارف من جهة، وتوقف محال تجارية عن العمل لعدم قدرتها على مواكبة التغيير الكبير في سعر صرف العملة، وهو ما لاحظه الناس في محطات الوقود التي باتت هي الأخرى تطالب بأن تعتمد التسعير بالدولار. فيما تتكشف يوماً بعد يوم، فشل محاولات إقناع الناس بأن صغار المضاربين هم وراء الانهيار، مع العلم أن القضاء أخلى أمس سبيل عشرين صرافاً كانت القوى الأمنية أوقفتهم على خلفية اتهامهم بالمضاربة وإضعاف العملة الوطنية.
وتتزايَد مظاهر الخراب في لبنان الذي يترنّح وسطَ ريح الدولار الذي حلّق على حافة الـ 140 ألف ليرة. وكان لافتاً الارتفاع الصاروخي للدولار بما تجاوز 10 آلاف ليرة في يوم واحد قبلَ أن يسجّل تراجعاً طفيفاً من دون استبعاد أن يعود ليسجّل مستويات أكثر إيلاماً في الأيام المقبلة. وعلى إثر هذه الخضّة، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إجراء «عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الأوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة»، محدّداً سعر صيرفة بـ 90 ألف ليرة مقابل كل دولار ابتداءً من 21 آذار 2023. وقال، في بيان، إنّه «يمكن للجمهور أن يسلّم الليرة النقدية إلى الصرافين من فئة «أ» أو إلى المصارف العاملة ويتسلّم الدولار بعد ثلاثة أيام»، مشيراً إلى أنّ كلّ العمليات تُسجّل على منصة صيرفة، و«يمكن للمصارف التي تعود عن إضرابها المشاركة في هذه العملية». وأشار إلى أنّ «الهدف من هذه العملية هو الحدّ من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي». ومع إعلان مصرف لبنان عن إمكان الجمهور إجراء عملية مفتوحة ومستمرة في هذا الإطار، أبدت المصارف رغبتها في المشاركة في عمليات الشراء واستعدادها لفتح أبوابها أمام الزبائن لإجراء عمليات «صيرفة» بدءاً من اليوم.
وكتبت" نداء الوطن": وبعد عودة الدولار للصعود مساء أمس عاد سلامة وسرب ان الهدف هو "سحب كل الليرات من السوق، ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك"، مضيفاً أن بين الأهداف أيضاً "المحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي"! ومع ذلك بقي سعر الدولار عند 120 ألف ليرة. وبالتالي فإن عبارة "سحب كل الليرات" لم تفعل فعلها لأن المتعاملين وجدوا فيها "مجرد تهويل نظري مع صعوبة لوجستية بالغة وعبثية نقدية غير مسبوقة في جمع كل الليرات واستبدالها بدولارات"، وسط إشارة أوساط مالية إلى أنّ عملية "لمّ الليرات" على تسعيرة 90 ألفاً للدولار الواحد ستكّلف ما بين 750 مليون دولار ومليار دولار. أما الاستغراب الأكبر فكان من عبارة "المحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي"، إذ أكدت المصادر النقدية والمصرفية أن "ذلك قمة الاستخفاف بحقيقة أن ما سيصرفه مصرف لبنان من الاحتياطي لكبح سعر الدولار هو مما تبقى من حقوق المودعين، فكيف يحافظ على تلك الحقوق وهو يبددها أكثر؟!"، كما توقفت المصادر أيضاً عند توكيد سلامة في بيانه أنّ "تنفيذ هذا القرار هو لمصلحة القدرة الشرائية للمواطنين"، متسائلة عما تبقى من تلك القدرة الشرائية وهو يثبت سعر صيرفة عند 90 ألف ليرة، أي أن متوسط راتب موظف حكومي لن يتجاوز 130 دولاراً، ما يوازي قيمة اشتراك بمولد كهرباء"!.
ولفت مصدر سياسي ومالي مطلع على الشأن الحكومي لـ»البناء» إلى أن «لجم سعر صرف الدولار ليس كبسة زر بل يحتاج الى توافق سياسي على كافة الصعد، ولا تقتصر الأمور على إجراء من هناك وقرار من هناك، بل هناك سلة قرارات مالية واقتصادية تحتاج الى أرض سياسية صلبة تبدأ بصناعة تسوية بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وإقرار الإصلاحات المطلوبة واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، محذّرة من أن «النظام المؤسسيّ لم يعُد قادراً على التجاوب مع الوضع القائم من الانهيار وتفلت العملة».وعن التسوية القضائية – المصرفية كشف المصدر أن الأزمة تتعلق بجوانب عدة ولا تنحصر بجانب واحد، وهناك تشريعات وقوانين وقرارات مالية ونقدية وقانونية يجب أن تتخذ بين المصارف والقضاء والمجلس النيابي لحل الإشكالية، مؤكداً أن الرئيس ميقاتي يحاول التوسط بين هذه الأطراف لتهدئة واحتواء الوضع قبل أن نصل الى الانفجار الكبير، ولا زلنا في مرحلة بإمكاننا النهوض». ولفت الى أن «هناك مصارف متعثرة وقد يعلن بعضها الإفلاس بسبب ضغط الأزمة والدعاوى القضائية لكن لن نصل الى مرحلة إفلاس النظام المصرفي اللبناني».ولفت المصدر الى أن الحكومة قامت بما عليها، وأحالت مشروع قانون الكابيتال كونترول الى المجلس النيابي واللجان أنجزته وأدخلت التعديلات اللازمة وأحالته على الهيئة العامة وينتظر جلسة تشريعية لإقراره، مرجحاً أن يضعه رئيس المجلس على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع أن يدعو اليها الإثنين المقبل بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس.