الجدل الواسع بشأن إرجاء تقديم الساعة لشهر إضافي، لم يحجب الأضواء عن الشلل السياسي الذي تعانيه البلاد على المستويات كافة، وهو ما سلّط الضوء عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، حيث تحدّث عن العمى السياسيّ "الذي جعل الكتل النيابيّة ومن وراءها من النافذين يمعنون، من دون أيّ وخز ضمير، في عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي لا تنتظم المؤسّسات الدستوريّة، وفي طليعتها المجلس النيابي الفاقد صلاحيّة التشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة الفاقدة صلاحيّة عقد جلساتها لإتخاذ القرارات الإجرائيّة بموجب الدستور".
أمّا الملف الرئاسي، فحضر في كلمة النائب جبران باسيل أمام المؤتمر الثامن للتيار الوطني الحر. وفيما اعتبر أنّه مرشح رئاسي طبيعي ومنطقي لأنه صاحب أكبر كتلة نيابية، قال: "يريدون رئيساً يفصل لبنان عن العالم كما فصلوه عن التوقيت العالمي بقرار "همايوني"، سيأتون بالرئيس الضعيف، ليكون ساقطاً حكماً بين أيديهم، ويريدون رئيساً مجرّداً من برنامج وفكر وشعب، يريدون رئيساً يعيد ساعة البلد بدلا من ان يقدّم ساعة الاصلاح فيه".
وقالت مصادر سياسية ان «تصعيد باسيل ينطلق من شعوره بأن الطبخة ستستوي اقليميا عاجلا او آجلا ولن يكون له حصة فيها» لافتة في حديث لـ «الديار» الى انه قالها اصلا بالفم الملآن بحديثه عن العودة الى «المعارضة الواضحة بالكامل». واضافت المصادر:»يعي باسيل ان اي دور له في الانتخابات الرئاسية لا يتحقق الا بوضع جعجع يده بيده، لكن رئيس «القوات» لن يلدغ من الجحر نفسه مرتين وقراره حاسم في هذا المجال».
غير أنّ عبارة "نحنا بدنا الدولة أوّلاً، والمقاومة من ضمنها حامية لها"، استدعت ردوداً عنيفة على باسيل، حيث توجّه رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات اللبنانية ريشار قيومجيان، اليه بالقول: "كلّ مزايداتك حول التوقيت والسيادة واللاجئين بعيدة عن لبّ الموضوع. نحنا بدنا الدولة والجيش اللبناني وبس. ما في شي اسمو مقاومة لا ضمن الدولة ولا قبلها ولا بعدها، في سلاح ميليشيا حزب الله يا إنت معو أو ضدّو، هون الخلاف معك على الأساسيات المسيحية والوطنية والكيانية وليس على السلطة".
بدوره، ردّ النائب جورج عقيص على باسيل بالقول: "المشكلة عندك فقط مشكلة ترتيب وأولوية "مين بيجي قبل الدولة او المقاومة، ومين بيحمي مين الدولة او المقاومة"! أصدق ما قرأته لك، ولهذا نحن وأنتم خطّان لا يلتقيان. تهاجم بري وميقاتي وتهادن حزب الله. مصالح شخصية ولعبة ابتزاز لا تنتهي. أما نحن فمع الدولة فقط وضد كل من اغتالها وأوّلهم أنت".
وقالت مصادر اطلعت على مضمون لقاء جعجع- البخاري الاخير ان «السعودية ورغم المستجدات في الايام الماضية ليست بصدد الانقلاب على مواقفها في لبنان، وهي لا تزال رافضة للسير بفرنجية او بأي مقايضة يطرحها الفرنسيون بين رئاستي الجمهورية والحكومة»، مضيفة في تصريح لـ «الديار «: «الا ان ذلك لا يعني النوم على حرير باعتبار ان المقايضة قد تحصل على الملف اللبناني بأي وقت بين السعوديين والايرانيين»، وليس معلوما حتى اللحظة ما اذا كان ما سيتفقون عليه سيصب لصالح المعارضة او «الثنائي الشيعي».
وتشير المصادر الى انه ورغم ان معظم القوى تقف اليوم في مربع الانتظار والترقب، الا ان المعارضة مثلا لا تزال تحاول التفاهم على مرشح جديد بديل عن النائب ميشال معوض الذي بات محسوما ان ورقته احترقت نهائيًا مع تخلي جنبلاط عنه، اضف ان حزب الله لا يزال يعول على تراجع باسيل عن مواقفه المتشددة تجاه فرنجية حين يشعر انه سيكون خارج اللعبة في حال اصر الى قراره الرافض لرئيس «المردة»، ولعل هذا ما يفسر تجنب الاخير ومقربين منه توجيه اي كلام لاذع وانتقادات لباسيل رغم اصراره في كل مناسبة على تناول فرنجية بـ«العاطل».