دعا "حراك العسكريين المتقاعدين" الى الاعتصام غدا الخميس في ساحة رياض الصلح، اعتبارا من الحادية عشرة قبل الظهر، في حال فشل هذه المشاورات التي يجريها "لتحقيق المطالب المستعجلة لرواتب هذا الشهر، ثم إعداد مشروع عادل لزيادة الأجور يلبي حاجة المتقاعدين".
ودعا "جميع العسكريين المتقاعدين ومتقاعدي روابط القطاع العام في مختلف المناطق إلى الاستعداد لتنفيذ أوسع مشاركة، في حال فشل المشاورات"، مشيرا إلى أن "هذا الاعتصام ستليه سلسلة اعتصامات يعلن عنها لاحقا ولا رجوع عنها حتى تحقيق المطالب كافة".
وكتبت" اللواء": تحضرت الساحة لاشتباك، ربما على الارض، ودامٍ هذه المرة، بين موظفي ومتقاعدي القطاع العام، الذين اعدت المالية تحويلات رواتبهم عبر المصرف المركزي، الى المصارف التجارية، التي ما زالت تقفل ابوابها، على الرغم من تعليق الاضراب، من دون رفعه نهائياً، على ان تصرف اليوم على سعر صيرفة المعتمد في اليوم ذاته، اي 90٫000 ل.ل. لكل دولار أميركي.
قوبل هذا التطور، بردود فعل غاضبة من حراك العسكريين المتقاعدين، والمجلس التنسيقي لقدامى موظفي الدولة، وسط دعوات لرفض قبض الرواتب والمعاشات على سعر صيرفة 90 ألفاً، والتي لم تعد تعادل شراء شيء ناهيك عن الخدمات من كهرباء وماء وبعض من محروقات، مع تأكيد العسكريين على النزول الى الشارع غداً للاعتصام والتظاهر وسط بيروت وقبالة السراي الكبير.
وأعلن المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام النزول الى الشارع لإيصال رسالة واضحة، من زاوية ان الحلول ليست قريبة للأزمة، للمطالبة بسعر صيرفة للدولار على 28500 ل.ل. لمعاشات المتقاعدين والعاملين في الخدمة، ودعم تعاونية موظفي الدولة وصندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية، والتأكيد على التمسك بالحقوق «ولن نترك عائلاتنا تجوع، ومرضانا يموتون على أبواب المستشفيات».
وكتبت" الديار": يستمر موظفو «اوجيرو» في الاضراب، على وقع تهاوي شبكة الانترنت والأعطال في مختلف المناطق، وإنقطاع خدمة الانترنت في بعض مناطق العاصمة وجبل لبنان، مع تصعيد على الارض عبر قطع بعض الطرقات في الشمال بصورة خاصة، وفي هذا الاطار اشارت مصادر مطلعة على أزمة الانترنت لـ»الديار» من إحتمال توقف معظم شبكات «أوجيرو» خلال ايام قليلة، وهذا يعني انّ لبنان سيكون في عزلة عن العالم. فيما ووفق المصادر المذكورة، فإن وزير الاتصالات جوني القرم، رّد على مطالب الموظفين بالقول: «رواتبكم عالقة لدى وزارة المال».
الشامي يحذر
صدر عن نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي بيان جاءفيه:حذَّرت بعثةُ صندوق النقد الدولي إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنيا لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكرارا ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً.
لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة، إذ في ذلك استخفاف بأمور ذات أهمية بالغة وتداعيات على مسيرة الإصلاح، بل على مصير البلد.
أصاف: توصّل لبنان إلى اتفاق مع الصندوق قبل سنة، ولم ينجز إلا القليل من الإجراءات المُتفق عليها. إن عدم القيام بهذه الإصلاحات من قبل المسؤولين أينما وجدوا يقوّضّ صدقية لبنان ويزيد صندوقَ النقد تصلّباً في مواقفه ورفضا لقبول أفكار جديدة، حتى لو لم تكن متعارضة بشكل جوهري مع مذكرة التفاهم. لبنان بحاجة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي لنكسب بعضا من المرونة بالتعامل مع لبنان. المرونة من قبل الغير تتطلب صدقية من قبلنا.
في ضوء التعثّر الحاصل، أسهبَ البعضُ بالاستنتاج أن الصندوق سينسحب من الاتفاق مع لبنان، وها هو الصندوق يؤكد انه ملتزم بمساعدتنا، ولكن الخوف، كل الخوف، هو أن ننسحب نحن من الاتفاق فعلياً بحكم التلكؤ الحاصل في تنفيذ الإجراءات.
بعض السياسيين، قدامى وجدد، يندفعون في تأييدهم لبرنامج الصندوق مُطالبين بتبنّيه لأنه السبيل الوحيد على طريق الخلاص. والمفارقة أنه في الوقت ذاته ينتقدون برنامج الحكومة الذي هو ركيزة الاتفاق مع الصندوق. ربما لأن البعض لا يريد أن يبدو بموقع المدافع عن "المنظومة" رغم يقينهم أن هناك أشخاصاً خارج الطبقة السياسية يعملون حصراً بهدف الخروج من الأزمة ووضع البلاد على سكة التعافي.
في هذا الصدد أودُّ الإشارة أن مهمتي الأساسية في الحكومة هي تحضير برنامج إصلاح اقتصادي متكامل وإنجاز اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي. لقد أُنجزت المهمة أما التنفيذ فهو في مكان آخر. الحلول ممكنة إذا وجدت الإرادة السياسية، خاصة وأن الناس تعاني من ألم وجوع ومآسٍ لا مثيل لها في تاريخنا الحديث. لكن المراوغة في تطبيق الإصلاحات قد يؤدي بنا إلى مزيد من المأسوية. فالضوء في نهاية هذا النفق الطويل يخفت شيئا فشيئا ويكاد ينطفئ.
في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وعنما يُفقد الأمل، قد يضطر المسؤول الى الانكفاء بعدما قدَّم كل ما في حوزته وينتقل إلى الظل حتى لا يكون شاهد زور على الانهيار الحاصل.