في الاسابيع الاخيرة، ولاسباب متعددة، تزايدت المبادرات والاتصالات التي تقودها دول غربية او اقليمية من اجل الوصول الى حل ينهي الازمة الرئاسية في لبنان ويضع حدا للفراغ المستمر منذ اشهر، ولعل الانطباع الاساسي الذي خرج به كل من التقى القوى السياسية الفاعلة، هو ان الحلول الداخلية متعذرة، وانه يجب الوصول الى تسوية خارجية واسقاطها على الواقع اللبناني.
انطباع آخر لا يقل اهمية عن الاول تكوّن بعد لقاء المبعوثين الديبلوماسيين مع المعنيين في "حزب الله"، اذ كان واضحا ان الحزب لا يريد الدخول في اي نقاش جدي حول مرشح رئاسي غير رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بمعنى اخر فإن حارة حريك لن تساوم على دعم حليفها للرئاسة.
وتعتقد مصادر مطلعة ان حزب الله بات اكثر وضوحا في الايام الماضية، اذ يعمل بشكل لافت على استبعاد الاسماء التي كان يتواصل مع بعضها مثل الوزير السابق جهاد ازعور، والتي كانت مطروحة عليه مثل قائد الجيش جوزيف عون. يريد الحزب القول انه جاهز لمناقشة السلة السياسية المتكاملة على قاعدة وصول فرنجية للرئاسة.
وتشير المصادر الى ان الفرنسيين يعلمون ذلك جيدا ويتعاملون معه بشكل منطقي وعملي، اذ يعبرون عن جاهزية كبيرة لدعم وصول فرنجية في اطار تسوية كبيرة مع باقي الاطراف تؤمن لهم نفوذهم وحصتهم السياسية في مناصب دستورية اخرى لعل اهمها رئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان.
لكن الجولات الاخيرة جعلت من القطريين ايضا يقتنعون بعدم جدوى اقناع حزب الله بمرشح اخر غير فرنجية، وهذا انعكس ايضا على بعض القوى السياسية المعارضة لوصول رئيس المردة، اذ باتت ترى ان الحزب يريد تكرار تجربة ايصاله للرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا، وان مدة الفراغ ستصبح تفصيلا في معركة فرنجية الرئاسية.
لن يحقق حزب الله وصول حليف له لرئاسة الجمهورية فقط بل سيصبح بشكل قطعي الممر الإلزامي للرئاسة في الاستحقاقات المقبلة، اقله بنظر الطامحين لها، وعليه فإن حجم الهجمات السياسية والاعلامية عليه ستتراجع بشكل كبير من قبل القوى الراغبة بخوض معركة رئاسية في الاستحقاقات المقبلة.
يقول بعض المتابعين ان اصرار حزب الله على فرنجية سيفوت فرصة التسوية القريبة، لكنه قد يؤدي بعد فراغ طويل الى ايصال الرجل الى قصر بعبدا، خصوصا ان حاجة بعض الدول للتسوية ستتراجع مع تطورات الاقليم وسيبقى لبنان ساحة بعيدة عن التفاهمات في الاشهر المقبلة...