كتب صلاح سلام في "اللواء": ٤٨ سنة مضت على ١٣ نيسان ١٩٧٥ ولبنان لم يعد إلى ما كان عليه عشية ذلك اليوم الأسود، بل ما زال بعيداً بمسافات فلكية عن حالة الإزدهار والبحبوحة، والمكانة العربية والدولية التي كان يتمتع بها.
٤٨ سنة مضت على إندلاع الحرب البشعة، ولبنان ما زال يُعاني من ويلاتها، ومضاعفاتها الإجتماعية والديموغرافية، ومن مخلفاتها المدمرة للبشر والحجر.
قبل ذلك اليوم الأسود، كانت مفردات الطائفية البغيضة محصورة في عدد محدود من السياسيين، لا سيما الحزبيين، ولم تكن هي اللغة المتداولة بين الطلاب والشباب، أو في قاموس التجارة ورجال الأعمال، على ما هي عليه في هذه الأيام الخرقاء.
كانت هيبة الدولة يجسدها شرطي السير، قبل تدخل القوى الأمنية والجيش في الأحداث الإستثنائية، وكان المشاغبون يتوارون بمجرد سماع أبواق سيارة شرطة الطوارئ والتدخل السريع.
كانت مواعيد الإستحقاقات الدستورية والإنتخابية مُقدسّة، ولم يتحمل رجل الإستقلال الشيخ بشاره الخوري، أول رئيس للجمهورية الوليدة، أكثر من ثلاثة أيام من الإضرابات الشعبية، فبادر إلى تقديم إستقالته في منتصف ولايته، ومن دون أن يتسبب بهدر نقطة دم واحدة.
لبنان قبل ١٣ نيسان ١٩٧٥، كان عنواناً للنجاح في ميادين الحداثة المختلفة، ديموقراطياً وإجتماعياً وإقتصادياً، تربوياً وصحياً وتنموياً، فضلاً عن جودة الحياة التي كان ينعم بها اللبنانيون وزوارهم من عرب وأجانب.
اليوم وبعد ٤٨ سنة، أصبح وطن الأرز مرتعاً لحفنة من السياسيين الفاسدين، ونموذجاً للدولة الفاشلة، وشعبه في مقدمة الشعوب التي تعاني من الفقر والبؤس في العالم!