تسابق الدول الغربية الوقت من اجل اتمام تسوية سياسية ورئاسية في لبنان اذ ان هناك مخاوف جدية بدأت تظهر من ان يؤدي التقارب السعودي-الايراني الى الحد من التأثير الغربي والاميركي في المنطقة عموما ومن ضمنها لبنان، وهذا ما سيؤثر بشكل حاسم على واقع النفوذ الفرنسي مثلا الذي يسعى الرئيس ايمانويل ماكرون منذ سنوات لاعادة تكريسه.
بإسثتناء الولايات المتحدة الاميركية، لا توجد اي دولة غربية او اوروبية لديها القدرة على تحقيق تقدم او فرض شروط في الداخل اللبناني بشكل ذاتي، اذ ان هذه الدول لا تملك حواضن شعبية كتلك التي تملكها ايران او المملكة العربية السعودية القادرتان على تعطيل اي استحقاق او فرض اي تسوية.
بمعنى اخر، تستفيد فرنسا منذ سنوات من تراجع دور السعودية في لبنان وانكفائها بشكل شبه كامل عن التفاصيل السياسية واللعبة المحلية، لذلك تقدم الدور الفرنسي في اطار السعي لايجاد حلول للازمة لكن من دون اي نتيجة فعلية وفي اللحظة التي قررت فيها الرياض وضع فيتو على شكل معين من التسوية، تعطلت المحركات الفرنسية بالكامل.
حتى مجموعة الدول الخمس التي اجتمعت في باريس لم تستطع الاتفاق بسبب قدرة السعودية في لبنان، فالمبادرة الفرنسية التي لم يكن يعترض عليها بشكل فعلي اي من الدول الاعضاء الا الرياض، لم تجد طريقها الى الضوء، من هنا زاد الاهتمام الفرنسي بالحصول على موافقة سعودية..
ليس مستغربا حجم الاستعجال الفرنسي للوصول الى تسوية رئاسية، خصوصا ان الاتصالات التي تحصل في الايام الماضية باتت تعرض سلك متكاملة تضم رئاستي الجمهورية والحكومة وحاكمية مصرف لبنان وتوازنات مجلس الوزراء وغيرها، اذ تأخذ فرنسا دور الوسيط الذي يطرح وجهة نظر حزب الله في مختلف القضايا امام الرياض.
هذا الدور الفرنسي يجنب باريس الكأس المرّ، اذ ان التوافق بينها وبين السعودية اليوم وارضاء حزب الله وانهاء الازمة في لبنان او تجميدها، يضع حدا لامكان وصول التفاهمات الإيرانية السعودية الى الساحة اللبنانية، اذ سيكون عندها تحجيم الدور الفرنسي امرا طبيعيا في ظل التنسيق المباشر بين طهران والرياض.
تقول مصادر مطلعة ان الايام المقبلة ستشهد تفعيل فرنسا للاتصالات مع مجموعة الدول الخمسة بالتوازي مع تواصلها المستمر مع حزب الله بهدف اعذاء دفع للتسوية في لبنان من دون ان يكون محسوما قدرة باريس على تحقيق خرق لدى الجانب السعودي في هذه المرحلة بالذات.