كل المؤشرات السياسية توحي بأن حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حققت قفزة جدية نحو الامام، وبالرغم من غياب المعلومات الحاسمة من العواصم المؤثرة بتزكية انتخاب الرجل وتحديدا من المملكة العربية السعودية، الا ان الحراك السياسي الداخلي وكذلك النشاط الفرنسي المتزايد يوحي بتقدم جدي في المسار الرئاسي.
عمليا، يحتاج رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى دعم المملكة العربية السعودية فقط ليصبح رئيسا، لان هذا الدعم يؤمن له الغطاء العربي كما يؤمن له الاكثرية النيابية اللازمة اضافة الى النصاب الدستوري في جلسات الانتخاب، وهذا أهم ما يحتاجه الرجل حتى لو لم تدعمه الكتل المسيحية.
يعبّر فرنجية امام زواره انه جاهز ليكون رئيسا من دون دعم الكتلتين المسيحيتين الاساسيتين، كما انه مستعد ليكون رئيس النصف زائدا واحدا، وهذا امر محسوم بالنسبة اليه، خصوصا ان استغناء رئيس المردة عن دعم الكتل المسيحية غير ممكن من دون تسوية كبرى تؤمن له بدائل نيابية وسياسية.
لكن السؤال هنا لن يكون عن واقع فرنجية الرئيس ولا عن مصير عهده، بل عن الحضور المسيحي الذي قد يواجه مصيرا مشابها، مع اختلاف الظروف والمراحل، لمصير المسيحيين السياسي بعد مرحلة اتفاق الطائف، وقد بدأ بعض النواب يتحدثون عن التسوية التي تلوح في الافق والتي لا تناسب المواقف الحالية للقوى المسيحية.
اليوم، يجاهر "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بأنه لن يدعم فرنجية ولن يؤمن له الغطاء السياسي والطائفي، بل اكثر من ذلك، يبدو ان التيار سيقرر البقاء في المعارضة في حال وصول فرنجية الى السلطة، اذ انه يرغب بالابتعاد عن المشهد في محاولة لترميم واقعه الشعبي اولا، ولا يريد ان يكون جزءا من السلطة التي يرأسها فرنجية.
هذا الامر ينطبق بشكل او بآخر على حزب "القوات اللبنانية"، الذي وجد نفسه اليوم غير قادر بسهولة على النزول عن الشجرة والسير بفرنجية او تأمين النصاب الدستوري له، ما يعني ان دخوله في الحكومة في المرحلة المقبلة سيكون امرا متعذرا في ظل معركة المزايدات التي يقودها "التيار الوطني الحر"مسيحيا.والامر نفسه ينطبق على حزب الكتائب الذي اعلن رئيسه سامي الجميّل عدم القبول بأي مرشّح يتبنّى سياسة حزب الله.
اذن قد تجد" القوات والتيار والكتائب"ان المعارضة هي السبيل الوحيد لمواكبة التطورات، التي لن تكون تطورات آنية بل ربما ستكون تسوية كبرى ومسارا مستمرا يساهم في اعادة تحسين الواقع اللبناني على كل المستويات الاقتصادية والمالية والنقدية، ما سيضع المسيحيين خارج الادارة والسلطة من جديد.
امام هذا الواقع، جاء الموقف الفرنسي ليعيد وضع فرضيات جديدة مرتبطة بشكل تكوين السلطة، خصوصا ان التأكيدات التي جاءت رسمية من وزارة الخارجية اشارت الى انه لا يوجد مرشح محدد تتبناه فرنسا او تدعمه، وهذا الامر قد يعني ان تبدلاً ما حصل في الموقف الفرنسي لسبب ما، قد يكون مرتبطاً بتغيير بنيوي حصل خلال المفاوضات مع دول اقليمية او غربية، او بسبب "موجة" الغضب والاعتراض على السلوك الفرنسي التي تشهدها الساحة المسيحية بالذات. فهل نكون امام عملية احتواء لقوى المعارضة فقط ام ان فرنسا لا تريد فعلا تخطي المسيحيين ولن تسمح بعودتهم الى ما قبل العام ٢٠٠٥؟