مقابل إصرار "الثنائي الشيعي" ومن يجاريه من الكتل النيابية المتماهية مع الخط السياسي نفسه على خيار ترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، تقف أحزاب المعارضة بكل تلاوينها السياسية عاجزة عن المواجهة المتكافئة، أقّله بالنسبة إلى رصّ الصفوف وتوحيدها، وتوافقها على مرشح غير النائب ميشال معوض، يكون مقبولًا بالتوازي من حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" والنواب "التغييريين" وبعض النواب المستقلين.
إلاّ أن ما أعلنته "القوات" مؤخرًا لجهة إصرارها على التمسّك بترشيح معوض كخيار غير قابل للمساومة من شأنه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، إضافة إلى رفض بعض النواب "التغييريين" تبنّي هذا الترشيح، الأمر الذي يعيق أي تحرّك قد يقوم به هذا الفريق أو ذاك النائب، سواء أكانت هذه المبادرات جماعية أو فردية.
فإذا لم يتمّ التوافق على مرشّح يكون مزدوج المهمات فإن الأمور الرئاسية ستبقى عالقة عند تفاصيل الافتراق الحبّي أو الاستمرار في حال المساكنة غير المنتجة. وعندما يُقال إن مهمات هذا المرشّح يجب أن تكون مزدوجة فهذا يعني أن عليه أن يحظى بتأييد شبه جماعي من قبل الفريق، الذي يزكّي ترشيحه، إضافة إلى إمكانية أن يكون مقبولًا، وإن بشروط يضعها من هم في الضفّة المقابلة. وهذا الأمر يتطلب مراجعة ذاتية وموضوعية لما يمكن أن ينتج عن المزايدات من كوارث تُضاف إلى مآسي اللبنانيين.
هناك حقيقة ثابتة، وهي أن الملف الرئاسي المرتبط به ملفات أخرى كثيرة، السياسي منها والاقتصادي، مطويٌ إلى أجل غير مسمّى، وأن الوضع العام باقٍ على جموده. وهذا يعني أن معاناة اللبنانيين، الذي شغلتهم الأعياد مرحليًا، مستمرٌ تفاقمها، مع ما ستحمله الأيام الطالعة من مفاجآت، بعد أن يعودوا إلى حياتهم الاعتيادية. وقد تكون هذه المفاجآت أكبر من أن يتحمّله أي انسان عادي، فكيف إذا كان هذا الانسان يعيش في ظروف غير طبيعية كتلك التي يعيشها الشعب اللبناني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن السهل إلى الساحل. فالكوارث شاملة ولا تستثني أحدًا، لأن الغلاء يطال الجميع على حدّ سواء.
المفترض من حيث المبدأ أن تتوافق أحزاب المعارضة على مرشّح جامع، من دون أن يعني أن إعادة النظر بترشيح معوض يُعتبر تراجعًا عن الثوابت، التي على أساسها كان هذا الترشيح، ولا اعتبار هذا الترشيح غير مطابق للمواصفات الرئاسية.
فالنائب معوض قالها أكثر من مرّة وقبل غيره، وهو أن التراجع عن ترشيحه لصالح مرشّح جامع وتتوافق عليه أغلبية مكونات المعارضة، يصبح أكثر من ضرورة وأكثر من حاجة ملحّة، يمكن من خلاله تأمين ظروف أفضل للمواجهة الرئاسية ديمقراطيًا، وبعيدًا عن المزايدات، التي لن توصل إلى أي نتيجة عملية، ولن تنهي بالتالي حال الفراغ، التي تعيشها البلاد منذ شهور.
هذه هي الحال التي سيعيشها اللبنانيون في ما تبقّى من وقت مستقطع إلى أن يحين موعد القمة العربية، التي ستعقد في جده في 19 الشهر المقبل، والتي سيكون لبنان ممثلًا فيها بالتأكيد برئيس حكومته نجيب ميقاتي، باعتبار أن لا مؤشرات داخلية حول إمكانية كسر الحلقة الرئاسية، التي يحاول البعض تفريغها من أي مضمون.