تسلّمت لجنة المال والموازنة من الحكومة دراسة مفصلة بعنوان "كيفية إعادة الإنتظام للقطاع المصرفي"، أعدها المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الحكومة سمير الضاهر هنا نصها:
للمصارف في البنك المركزي 85.2 مليار دولار لم يبق منها إلا نحو 10 مليارات
مصرف لبنان موّل الدولة بـ10 مليارات دولار فقط بما في ذلك تمويل الكهرباء
35 ملياراً لدعم الليرة وخسارة 30 ملياراً في هندسات وسندات وفرق فوائد ودعم قروض
تحميل الخسائر يبدأ برساميل المصارف والسندات وودائع الأطراف ذات الصلة
الضمان حتى 100 ألف دولار والباقي الى صندوق لاسترداد الودائع (بعد شطب معين)
تحويل ودائع 12 مليار دولار الى اسهم، وشطب 10 مليارات فوائد وودائع غير مشروعة
إعطاء أفضلية سرعة التسديد للودائع حتى مليون دولار، والباقي سيأخذ وقتاً يطول أو يقصر
36.5 ملياراً قيمة ودائع ما فوق المليون دولار ونسبتها 39% من إجمالي الودائع
الودائع غير المؤهلة (المحولة من ليرة الى دولار بعد 17 تشرين) 22 مليار دولار
للتأكد من مشروعية الوديعة على كل صاحب مليون وما فوق تقديم إثباتات ومستندات
إن النهوضَ بالقطاع المصرفي وإعادةَ هيكلتِه لیستعيد دورَە المحوري في تمويلِ الاقتصاد وتفعيلِه هو من ركائز برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي والمالي. ومن شروط التعافي، معالجة الفجوة المالية في القطاع، وتحديد الالتزامات والديون المستحقّة بين مكوِّناته، ومعالجة الخسائر الناتجة عن التخَلُّف عن تسديدها، واعتماد الحلول الناجعة من أجل إطلاق العجلة الاقتصادية. يقتضي ذلك أولاً تقييم الخسائر التي تكبّدها القطاع المصرفي، وخاصةً البنك المركزي جرّاء تدهور مراكز النقد الأجنبي لديه، ووضع الإطار القانوني لمُعالجة الخسائر مع ما يوجِبُه ذلك من إعادة رسملة مصرف لبنان.
ضخامة القطاع المصرفي الذي كان
يُمثِّلُ هذا الشُقّ من معالجة الأزمة المالية تحدياً هائلاً في لبنان نظراً لضخامة قطاعه المصرفي، واستطراداً لخسائرِه، مقارنةً بحجمِ الاقتصاد الوطني، إذ فاقت الأصولُ المجمَّعة للمصارف التجارية أربعةَ أضعاف الناتج المحلّي الكلّي، فيما تعدَّت الودائعُ ثلاثةَ أضعاف الناتج. ذلك يُمثِّل نسباً غير مألوفة في الاقتصادات العالمية، النامية منها والمتقدِّمة، ويحِدُّ من قدرةِ الدولة، أي الخزينة، للُّجوء إلى المال العام، من إيراداتٍ ضريبية وعائدات مؤسساتٍ إنتاجية وأُصولٍ عامة، لِسَدِّ فجوةِ مصرفِها المركزي، وإعادة ھیكلة دیون الخزينة. أضِف لذلك أن التلكؤ والتأخُّر في مواجهة الأزمة، وما حصلَ من أخطاءٍ في معالجتها، ومنها التمادي في السماح بتسديد القروض المصرفية على سعرِ صرفِ 1500 ل.ل. للدولار أو بالدولار المحلّي، زاد من حجم الخسارة التي تَمّ تحميلُها للمودعين.
الوديعة هي عبارة عن دين غير مضمون
لذا فحجم الفجوة المالية يُنذِرُ أنه لا يمكن، على المَديَيْن القصير والمتوسِّط، لمصرف لبنان أن يُسدِّد للبنوك ودائعَها المستحقَّة بالعملات الأجنبية، ما يُشَكِّل عقبةً للبنوك لكي تعيد، حسب جداول استحقاقها، مجملَ اموال مودعيها الّذين لا مسؤولية لَهُم في تبَدُّدِها. غير أنَّ البنوكَ وودائعَها عرضةٌ للتعثُّر. ممّا لا شكَّ فيه أن الوديعةَ المصرفية هي حقُّ ائتَمَنَ المودعُ البنكَ عليها، إلّا أنَّها، بتعريفِها المالي، هي «دينٌ غير مضمون» (unsecured credit)، لا حماية فعلية لها خارج ما قد تُؤمِّنه أنظمةُ ضمان الودائع، حيثُما توجد. لِذا، وكما في معظم البلدان، ولأن هناك دائماً أخطاراً ناتجة عن تعثُّر البنوك، أُنشِئت في لبنان «مؤسسة ضمان الودائع» – قانون 33/2000، مُعدل بقانون 8/2019 – التي تحمي الوديعة المصرفية لِغاية 75 مليون ل.ل فقط، وليس بالمطلق. وبما أن هذه الحماية لم تَعُد ذات قيمة تذكر، فمن الممكن أن يعدَّل القانون لتأمين حماية أكبر للمودعين.
الودائع 93,5 ملياراً والأصول 21 ملياراً
يتجلّى هولُ الواقعة لدى مقارنة حقوقِ المودعين، التي توازي حالياً 93,5 مليار دولار، مع قيمة الأصول السليمة المتبقية في القطاع المصرفي ككل، والتي تُقَدَّر بـ21 مليار دولار وهي على درجاتٍ مختلفة من السيولة، أي القدرة على التصرف بها فورياً. وتتكوّن هذه الأصول من:
(أ) - حوالى عشرة مليارات دولار من احتياط البنوك الالزامي لدى مصرف لبنان، ما هو أقل من الاحتياط القانوني الذي يجب أن يوازي 13 مليار دولار (أي 14 بالمئة من قيمة الودائع)
(ب) - قرابة أربعة مليارات دولار من التوظيفات الخارجية للبنوك (تُقابلها توظيفاتٌ بمبلغٍ مماثلٍ من بنوك خارجية (وهي مستحقّة بقيمتها الاسمية، ما سوف يُقلِّص من قيمة الأصول السليمة)
(ج) - ستة مليارات دولار تُمَثِّلُ محفظةَ قروضِ القطاع الخاص غير المتعثرة
(د) - سندات اليورو بوند بقيمة سوقية ضئيلة لا تتعدى مليار دولار.
الفجوة وأسبابها... دعم الليرة أولاً
في تقييم الخسائر ومقوّماتِها، لقد قُدِّرت فجوةُ القطاع المصرفي بـ71,2 مليار دولار بين مصرف لبنان والمصارف التجارية.
* في مصرف لبنان، يُقَدَّر مجموعُ الخسائر بـ58,2 مليار دولار، منها:
(أ) - 53 مليار دولار معظمها نتيجة سياسة دعم الليرة على مدى سنينٍ طوال
(ب) - 2,8 مليار دولار نتيجة تخلّف الدولة عن تسديد سندات اليورو بوند وهبوط أسعارها
(ج) - 2,4 مليار دولار خسائر أُخرى
* في المصارف التجارية، يُقَدَّر مجموعُ الخسائر بـ13 مليار دولار، منها:
(أ) - ستَّة مليارات دولار نتيجة انهيار سعر الصرف
(ب) - ٢ مليار دولار نتيجة التخلّف عن تسديد سندات اليورو بوند وهبوط أسعارها
(ج) - خمسة مليارات دولار نتيجة تعثُّر محفظة قروض القطاع الخاص، وخسائر أخرى.
أين ذهبت الودائع يا ترى؟
في تحديد توظيفات المصارف التجارية ووجهة استعمال أُصولها، ســاهمت عوامــلٌ وإجراءاتٌ عدَّة في استنفاد الودائع المصرفية المقوّمة بالــدولار، كان من الممكن تفادي مفعول بعضها، أهمها عاملان:
(أ) - العامل الأول كان انكشافُ البنوكِ المُفرِط على المخاطر السيادية، أي الجمهورية اللبنانية بشِقَّيها: الخزينة (سندات اليورو بوند، حالياً 7 مليارات دولار)، ومصرف لبنان (احتياط الزامي، شهادات إيداع، وتوظيفات أُخرى تقول المصارفُ أن لا خيار كان لها سوى إيداعها بمصرف لبنان التزاماً بتعاميم الأخير. وقد شكّل الانكشافُ هذا خروجاً صارخاً من جانب البنوك على المعايير الاحترازية وقواعد إدارة مخاطر الائتمان التي هي لُبُّ العمل المصرفي. زِدّ على ذلك، تقاعس السلطات الرقابية عن التحذير حول خطورة انكشافٍ بهذا الحجم- ولم تكُن المصارفُ غير مُدرِكة به- والنهي عنه وحَثّ البنوك على تقليصه كونه بالعملة الأجنبية وليس بالليرة اللبنانية. فقد تعدَّى انكشاف المصارف التجارية على المخاطر السيادية اكثرَ من خمسة أضعاف قيمة رساميلها (حوالى 22 مليار دولار قبل الأزمة)، في حين تُحدِّد المعايير الدولية سقفاً للانكشاف على مُدينٍ واحدٍ لا يفوق 20% من رأس المال. بتعبيرٍ آخر، تجاوز هذا الانكشافُ الحدَّ الاحترازي بخمسةٍ وعشرين ضعفاً.
{ملاحظة: يقول خبراء الرقابة أن هذا المعيار الاحترازي لا يسري على الدولة ومصرفها المركزي. هذا جواب صحيح عندما يكون الانكشاف بالعملة الوطنية التي يُصدِرها البنك المركزي، إنما يغدو الإبراء غير مقنعٍ حين يكون الانكشاف بعملة أجنبية لا تصدرها السلطة النقدية - وهذا مَثَل الدولار في لبنان}.
(ب) - أمّا العامل الثاني، فتمثَّل بسياسة البنك المركزي بالاستحواذ غير المقَيَّد عبر فترات طويلة من الزمن على الودائع بالعملات الأجنبية لتمويلِ نظامِ الربطِ الثابت بين اللّيرة اللبنانية والدولار الأميركي، والمثابرة بسياسةِ دعمِ العملة الوطنية رغم نضْب التدفقات المالية الوافدة، خاصةً بعدما غدا ميزانُ المدفوعات سلبياً منذ العام 2011، ليتفاقم الوضع بعد سنة 2015.
ماذا فعل مصرف لبنان بالدولارات؟
في استعمال مصرف لبنان للودائع في حوزته: بلغ مجملُ انكشاف المصارف التجارية لدى البنك المركزي 85,2 مليار دولار، استعملها الاخير على النحو الآتي:
(أ) - 10 مليارات دولار من الاحتياطي الالزامي مُتوفِّرة كسيولة
(ب) - 35 مليار دولار لدعم سعر الصرف
(ج) - 10 مليارات دولار تمويل الدولة (بما فيه كهرباء لبنان)
(د) - 20 مليار دولار كلفة فرق فوائد دائنة ومدينة (هوامش سلبية) بما فيه وقع «الهندسات» المالية
(ه) - 5 مليارات دولار للقروض المدعومة من سكنية وتكنولوجيا وغيرها
(و) - 5,2 مليارات سندات يورو بوند.
أهداف تأهيل القطاع المالي
في استعادة الملاءة لمصرف لبنان، وإعادة هيكلة المصارف التجارية، تهدف خطةُ تأهيل القطاع المالي إلى:
(أ) - إستعادة الملاءة لمصرف لبنان، تبدأ بتحديد احتياجاته من خلال تدقيق كامل لميزانيته، وبمساهمة الدولة بمبلغ 2,5 مليار دولار عبر سندات سيادية، وإغلاق العجز تدريجياً في رأس مال البنك بالعملة اللبنانية
(ب) - إعادة هيكلة ورسملة المصارف التجارية التي هي قادرة على الاستمرار عبر ضخ رؤوس أموال جديدة بعد استيعاب الخسائر الموجودة
(ج) - حَلّ (تصفية) المصارف العاجزة عن الالتزام بمعايير الملاءة والسيولة المطلوبة ضمن فترات السماح المتاحة.
وتجري مقاربة إعادة هيكلة أو حَلِّ المصارف في إطار قانون «معالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها».
مبادئ إعادة الإنتظام المصرفي
يرتكز برنامج إعادة الإنتظام للقطاع المصرفي على مبادئ أساسها:
(أ) - مشاركةُ الدولة إلى أقصى طاقتِها في استعادة الملاءة لمصرف لبنان على أن تُراعي مساهمتُها قدرتَها على تأمين أولويات نفقاتها واستدامة ديونها (وهي أساس الأزمة في لبنان)، ما هو في مصلحة المواطنين أجمعين. إنما يُمكن للدولة أن تزيد من مساهمتها عندما تتوفَّر عوامل عدَّة، أولها تحقيق نموٍ اقتصادي مستدام يُوسِعُ قاعدة إيرادات الدولة، عبر عائداتها الضريبية من جهة، وتحسين إدارة أصولها وزيادة أرباحها أضعافاً مضاعفة من جهةٍ أُخرى.
(ب) - احترام التسلسلِ الهرمي المعهود عالمياً في تحمُّل الخسائر المصرفية عن طريق استنفاد رأس مال المساهمين أولاً، تتبعه سنداتُ الدين وودائعُ الأطراف ذات الصلة.
(ج) - اعتبار الحقوق محفوظة للودائع، مع اليقين أنّ استرجاعَ كامل قيمتِها قد يتطلَّب فترات طويلة من الزمن، تقصر أو تطول تبعاً لجدّية الإصلاحات المطلوبة وسرعة تنفيذها واسترجاع الثقة في القطاع المصرفي والتعافي الاقتصادي.
حماية حقوق المودعين
في حقوق المودعين وحمايتها، أهمّ ما تقترحه خطةُ الحكومة هو:
(أ) - حماية جميع الحسابات، وليس فقط الصغيرة منها، لغاية مئة ألف دولار، أو أكثر، حيث يسمح واقعُ المصرف المالي والذي سوف تُحدَّد على أساسِه قيمةُ استرداد الودائع (*). هناك أصول في القطاع المصرفي قد تكفي لدفع هذه الودائع بالدولار، اما إذا تعذَّر ذلك فعندها تُدفع الودائع لغاية المئة ألف بنسبة معيَّنة بالدولار وأُخرى بالليرة على أساس سعر صرف السوق. إن تسديد مئة ألف دولار لكل أصحاب الودائع يعني أن 88% من المودعين سوف يستردُّون كاملَ ودائعِهم على فترة محدَّدة من الزمن. ويجب التنويه أنّ هذا البند لا ينطبق على الزيادات في أرصدة المودعين بعد 31 آذار 2022.
(*) يقتضي توضيح ما قد يكون تناقضاً بين الجزم أن كلَّ الودائع مضمونة لغاية مئة ألف، فيما، بنفس الوقت، يتوقف ذلك على قدرة كل بنك.
(ب) - أمّا أرصدة الودائع التي تتعدّى مئةَ ألف دولار، فستُحوّل إلى «صندوق استرجاع الودائع» (يٌفسَّر لاحقاً) وجزءٌ الى أسهمٍ لإعادة رسملة المصارف في إطار معالجة كل مصرف على حدة، مع إعطاء افضلية من حيث سرعة التسديد للودائع لغاية مليون دولار. كما أنه سيصار إلى توحيد الحسابات عبر القطاع المصرفي لكُلِّ مودع على أساس قواعد إجرائية واضحة لفصل الحسابات سيقوم بها المصرف المركزي (ولجنة الرقابة على المصارف) بناءً على أرقام مدققة، على البنوك أن تصدرها.
(*) هنا إيضاً يقتضي توضيح موضوع ضمان الحسابِ، أو المودعِ عبرَ حساباته.
الودائع بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة
في نسبِ توزيع الودائع حسب أحجامها، تتألف هذه النسب من مجموع 93,5 مليار دولار من الودائع القائمة في نهاية 2022 كالآتي:
- ودائع ما دون مئة ألف دولار: قيمتها 15,7 مليار دولار، تُمثِّل 17% من مجموع قيمة الودائع
- ودائع ما بين مئة ألف ومليون دولار: قيمتها 41,2 مليار دولار، تُمثِّل 44% من مجموع الودائع
- ودائع ما بين مليون و5 ملايين دولار: قيمتها 19,1 مليار دولار، تُمثِّل 20% من مجموع الودائع
- ودائع ما فوق 5 ملايين دولار: قيمتها 17,4 مليار دولار، تُمثِّل 19% من مجموع الودائع.
معالجات لتخفيض حجم الفجوة
في توصيف الودائع ضمن فئات مختلفة، لا يمكن إعطاء أرقام موثوقة حولها قبل نتائج التدقيق المالي وتقييم أصول كلّ المصارف بدءاً بالـ14 الكبرى التي تُمثِّل 85% من مُجمل القطاع.
(أ) - في ما وُصِفَ بودائع «غير مؤهلة»، تعتبر الخطّةُ ودائع غير مؤهلّة للتسديد كلياً بمبلغها الإسمي، تلكَ الأموال، أكانت دون أو فوق المئة ألف دولار، التي حُوِّلت بعد تشرين الأول 2019 من الليرة اللبنانية الى دولار على سعر الـ1500 ليرة الرسمي للدولار الواحد. وتُقدَّر قيمة هذه الودائع حالياً بـ22 مليار دولار (مقابل 31,5 ملياراً في منتصف 2021).
(ب) - في الودائع ذات الفوائد «الفائضة»، تلحظُ الخطةُ اقتطاعَ جزءٍ من رصيد ودائع ما فوق المئة ألف دولار حيث سوف تُعَدَّل قيمتُها بحسم «فائض الفوائد» المستحقة عليها منذ سنة 2015. وتُقدَّر قيمة هذه الفوائد بخمسة مليارات دولار.
(ج) - في التأكُّد من مشروعية الودائع، تقترح الخطّةُ إلزامَ أصحاب الودائع التي تتجاوز قيمتُها مليون دولار تقديم الأدِلّة والأوراق الثبوتية للمصارف حول مصدر الأموال. وتناهز تقديرات قيمة الأموال التي قد يشوبها الشكّ بمشروعيتها خمسة مليارات دولار، ما يوازي 5,3% من مجموع الودائع.
(د) - في التحويل الطوعي لودائع الى الليرة اللبنانية، سوف يُسمح لمن أراد بتحويل قسمٍ من ودائعه الى الليرة على سعر صرف أقلّ من سعر السوق على ألّا يتجاوز المبلغُ الإجمالي أربعةَ مليارات دولار، ما يوازي 4,3% من مجموع الودائع، ضمن سقف محدَّد لكلِّ مودعٍ بداعي ضبط الكتلة النقدية.
(ه) - في تحويل الودائع إلى أسهمٍ في البنوك القابلة للاستمرار، يُحول جزءٌ من الودائع إلى أدوات مالية مساهمة للمشاركة برأس مال المصارف الموضوعة لديها بقيمةٍ قد تُناهز 12 مليار دولار.
6 أنواع من الودائع
نتيجة تصنيف الودائع تبعاً للفئات التالية:
(أ) - مضمونة لغاية مئة ألف دولار (15,7 + 16,4 = 32,1 مليار دولار، يُحسمُ منها مبلغ 4,3 + 6 = 10,3 مليارات دولار عائدة لودائع غير مؤهّلة، ما يؤول إلى ضمان مبلغ 32,1 - 10,3 = 21,8 مليار دولار)
(ب) - غير مؤهّلة (22 مليار دولار على مجمل الودائع، بما فيها 10,3 مليارات للشطر ما دون سقف المئة ألف دولار العائد للفقرة (أ) أعلاه
(ج) - مُتَّخمة الفوائد (5 مليارات دولار)
(د) - غير مَوثوق بمشروعيتها (5 مليارات دولار)
(ه) - محوّلة طوعياً لودائع الى الليرة اللبنانية دون سعر صرف السوق (4 مليارات دولار)
(و) - محوّلة إلى أسهم وحقوق في المصارف (12 مليار دولار)
خُلاصةً، تُصنَّف هذه الودائع تبعاً لفئات سِتّ تبلغ قيمتُها 69,8 من مجموع 93,5 مليار دولار.
إسترجاع ودائع ما فوق الـ100 ألف دولار
إنشاء «صندوق استرجاع الودائع» (Deposit Recovery Fund): تدرس الحكومةُ جدوى وآليَّةَ إنشاءِ «الصندوق» بهدفِ تسديد أكبر قدرٍ ممكن من الودائع لأصحاب الحسابات التي تفوق مئة ألف دولار. لِذا:
(أ) - من ناحية المطلوبات، يُحوَّل إلى الصندوق، رصيدُ الودائع التي تفوقُ قيمتُها المئةَ ألف دولار ولم تَتُمّ معالجتها (والتي لم تُحَدَّد قيمتُها بِدَقَّةٍ بعد)، ليتلقّى أصحابُها، بدلاً عن ودائعهم، حقوقاً مالية في الصندوق.
(ب) - من ناحية الأصول في المقابل، تُحَوَّل إلى الصندوق الموجودات المصرفية الفائضة عن المبلغ المطلوب لتغطية الودائع إلى حدِّ مئة ألف دولار، بما في ذلك توظيفات المصارف وشهادات الإيداع المملوكة من قبلها في البنك المركزي، إضافةً إلى حقوقِ مصرف لبنان المكفولة من إيرادات أموال مسروقة ومهرّبة وغير مشروعة. (إضافةً، يُمكِن مطالبة مساهمة مالية من المصارف توازي نسبةً من أرباحها.)
وتنظر الآليةُ إلى الصندوق كإطارٍ شفّاف للمساهمة بتعويض كبار المودعين من خلال استثمار أصوله بإشراف هيئة مستقِلَّة من القطاع الخاص يكون للمودعين دورٌ أساسي في إدارتها.
مساهمة الدولة في درء الفجوة
من الطبيعي أن يتطلّع المودعون إلى الدولة، رأس الهرم والمسؤولة عن السياسات العامة، لِمُساهمتِها في تأمين حقوقهم عبر سدِّ فجوة المصرف المركزي، وما لذلك من وقعٍ على مصير ودائعهم. ولمّا كان من الواضح أن الإيرادات الضريبية- التي لم تتعدَّ 750 مليون دولار لعام 2022، ولن تتعدّى ذلكَ بكثير سنة 2023- لن تشكِّل في المَديَيْن القصير والمتوسِّط القاطرة لإسعاف القطاع المصرفي، لِذا تَتَّجِه الانظار نحو عائدات أُصولِ الدولة ومؤسساتِها المُدِرَّة للمداخيل، عَلَّ يُمكِن تخصيص بعض عائدات هذه الأصول إلى صندوق استرجاع الودائع عندما تتعدّى هذه العائدات مستويات مُّحدّدة مقارنةً بمعايير دولية.
قيمة أصول الدولة المدرَّة للمداخيل
بِغَضِّ النظر عن موضوع تخصيص عائدات أصول الدولة المُدِرَّة للمداخيل لاستعمالات محدّدة، كمساهمة في تسديد الودائع مثلاً، من الضروري العمل- وهذا من صلبِ خطة الحكومة للتعافي- على تحسين فعاليّة هذه الاصول وزيادة انتاجيتها من خلال إطار حَوْكَمَة مختلف، أوَّله منح عقود إدارة هذه الأصول إلى القطاع الخاص المحترف. وبدءاً ذي بدء من الضروري إجراء تقييم دقيق وشامل لمؤسسات القطاع العام المُدِرَّة للمداخيل بمساعدة شركات استشارية عالمية تُضفي قيمةً موثوقةً على أُصولها. وسيتطلّب ذلك مُتَّسعاً من الوقت يصعب قبله التكهُّن بمصداقية عن حجم مساهمة الدولة، ووقعه على مسألة الودائع. للذِكر هناك دراسة أُجريَت في هذا الصدد، قبل اندلاع الأزمة، آلت إلى تقييم هذه الأصول ضمن هامشٍ واسعٍ ما بين 10 و 15 مليار دولار).
عقارات الدولة 1.3 مليون م²
أمّا في ما يتعلّق بالأملاك العامة، فللدولة 92,867 عقاراً من أراضٍ مبنية وخالية، منها:
(أ) 60,480 عقاراً ممسوحاً، مساحتها الإجمالية 860 مليون م²، مُبَيَّنَة في كل محافظة،
(ب) 32,387 عقاراً غير ممسوح، ما يُمثِّل أكثرَ من ثلثِ محفظة الدولة العقارية.
ولو اعتبرنا افتراضياً أنّ معدلَ مساحة العقارات متساو بين الأراضي الممسوحة وغير الممسوحة، يُمكن تقدير مجموع مساحة هذه الأخيرة بـ460 مليون م²، ما يرفع مجملَ مساحة الأملاك العامة إلى 1,320 مليون م²، أو 1,320 كلم²، ما يقارب 13% من مساحة الجمهورية اللبنانية. وليكتمل الملف، يجب أن تُقْتَرَن مواصفاتُ العقارات، بعد تبيان مساحاتها كُلّها، بقيمتها الماليةِ تبعاً لأسعار الامتار المربعة عبر كلّ المناطق العقارية.