بالنظر الى نتيجة الخلاف الذي افتعله رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل مع حليفه حزب الله بعد ان حسم الاخير دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يظهر ان التيار لم يحقق اي من اهدافه المفترضة، اذ لم يستطع الضغط على حارة حريك للتنازل والتراجع عن دعم فرنجية، بل على العكس، قفز الحزب قفزات سريعة بإتجاه إلزام نفسه بفرنجية وهذا ما لم يكن ليفعله لو بقيت العلاقة ودية مع باسيل.
لم يكن ما قاله باسيل في احدى تصريحاته بعيداً عن الدقة، اذ ان الحزب، بغض النظر عما اذا كان قد صارح باسيل بذلك ام لا، لم يكن في وارد كسر حليفه، بل كان حريصا على الاتفاق معه على تسوية كاملة قبل الاعلان عن دعم فرنجية ، لكن استعجال باسيل واعتقاده انه قادر على احراج حزب الله وعزله لفرض شروطه السياسية عليه، حرر الحزب من القيود التي كان يفرضها عليه تحالفه مع التيار.
لم ييأس باسيل من استدراج الحزب الى الالتزام بتنفيذ مطالبه، فلجأ الى "القوات اللبنانية"على اعتبار ان التحالف معها سيجعل الحزب مضطرا المصالحة التيار لمنع نشوء تحالف مسيحي يملك حق الفيتو، وفي اسوأ الاحوال، اذا لم يبادر حزب الله الى تصحيح العلاقة مع باسيل وفق شروط الاخير، يكون رئيس التيار قد بات متحالفا مع القوات وعوّض خسارته لحليفه الشيعي وفك عزلته المسيحية. كل ذلك تبدد مع رفض القوات اللبنانية القاطع لاي تقارب مع التيار.
ينقل بعض المقربين من معراب ان القوات لا ترفض فقط التوافق على مرشح رئاسي مع باسيل، بل ترفض اي رئيس للجمهورية قد يكون لرئيس التيار حصة فيه، او علاقة ايجابية معه. قبل اسابيع قليلة، اوصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رسالة واضحة الى باسيل عبر احد الوسطاء تقول بأن التقارب مستحيل وان العلاقة الحالية هي افضل ما يمكن ان يصل اليه "التيار"مع "القوات".
كل ذلك حصل بعد ان فعل "التيار" ما فعله لارضاء "القوات"، عبر اشتباك مفتوح مع حزب الله، مجاملات علنية لمعراب على وسائل الاعلام وصلت الى حد استجداء اللقاء او التقارب. هكذا بات باسيل من دون حلفاء فعليين، وبدل ان يبتز هو الحزب رئاسياً من خلال تهديده بفك التحالف، اصبح اليوم بوضعية "لا معلق ولا مطلق"، اذ ان حارة حريك التي تكاد تقاطع التيار نهائياً، لم تفتح معه اشتباكا سياسيا حقيقيا يجعله يشعر انه بات في عداد الخصوم.
يعلم باسيل اليوم انه غير قادر على التراجع، اذ انه في الاصل غير قادر على التحكم بجمهوره بل ان جمهوره هو الذي يتحكم به، لذلك فإن النزول عن شجرة رفض فرنجية شبه مستحيل في الظروف الحالية، وعليه بات يسوق اليوم لفكرة البقاء خارج التسوية وخارج السلطة في حال وصل رئيس تيار المردة الى رئاسة الجمهورية. لكن حتى لو حصل ذلك، لا يستطيع باسيل البقاء من دون حلفاء بل هو بحاجة الى العودة الى التحالف مع حزب الله الذي قد لا يكون جاهزاً لاعادة الأمور إلى نصابها بسهولة، فهل يقوم باسيل بخطوات تصحيحية جدية مع حليفه السابق، وماذا لو عاد معتذرا ؟ كيف ستكون ردة فعل الحزب؟
يذكر ان باسيل قال في حديث تلفزيوني ليل امس" ان حزب الله لم يقل لنا "اقبلوا بالمعروض والا فلن يعود معروضا عليكم لاحقا" فنحن لا نتحدث مع بعضنا بهذا الاسلوب، والاساس عندنا هو موقفنا".
واكد انه "لم يطلب موعدا للقاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولا عقدة لدي في طلب موعد من أي كان ان كان سيحدث تغييرا فهذا كلّه في الشكليات، والطريقة التي اعتدنا على التعاطي فيها مع بعضنا البعض على مدى سنوات بإمكانها ان تسهم في إيجاد الكثير من الحلول".
وتابع: "لن أكون معارضة عبثية و"يلّي انعمل معنا من معارضة نكد وسباب ما رح نعملو مع غيرنا".