طرأ فصل جديد في ملف ملاحقة حاكم مصرف لبنان تمثل في ابلاغ ألمانيا لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق الحاكم رياض سلامة "بتهم فساد وتزوير وتبيض الأموال والاختلاس"،بحسب ما ذكر مصدر قضائي رفيع لوكالة رويترز، في وقت بقيت مذكرة التوقيف الدولية بحقه طاغية على باقي الملفات.
واعطيت تفسيرات متناقضة أمس لتصريح الناطق باسم الخارجية الأميركية بأن «من المهم أن تحترم الحكومة اللبنانية العملية القائمة لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان»، بين من رأى فيها دعوة للحكومة إلى تعيين بديل لرياض سلامة بعد انتهاء ولايته، وآخرين اعتبروا أن واشنطن رفعت حمايتها عن الحاكم.
وقال الناطق باسم الخارجية إنه «مع احترامنا للتقرير الصادر عن شركائنا الألمان، ونترك لهم الشأن بالتعليق عليه كما فعلنا عند صدور التقرير الفرنسي خلال الأسبوع الماضي، نرى أنه يعود للحكومة اللبنانية اتخاذ قرار من يتسلم منصب حاكم مصرف لبنان، وسنتعامل مع الحاكم المعيّن بصفة رسمية. وعلى نطاق أوسع أقول إنه من الضروري جداً أن تحترم الحكومة اللبنانية الخطوات المتبعة لتعيين حاكم جديد، وتركز على مهمة إرساء الاستقرار في النظام الاقتصادي والقيام بإصلاحات مؤثرة».
وكتبت" الاخبار": بعد أسبوع على إصدار القاضية الفرنسية أود بوروزي مذكرة اعتقال بحق الحاكم، أصدر القضاء الألماني مذكرة مماثلة بالتهم نفسها، بناء على ملف أعدّه المدعي العام في دائرة ميونيخ الأولى، والذي كان حضر كل الاستجوابات التي أجراها الوفد القضائي الأوروبي في لبنان.وعلمت «الأخبار» أن ألمانيا بدّلت صفة سلامة و5 شركاء له من مشتبه فيهم إلى متهمين منذ تشرين الثاني الماضي بعدما تثبّتت من الجرائم المرتكبة على أراضيها. والشركاء الخمسة هم: رجا سلامة، ندي رياض سلامة، مروان عيسى الخوري (ابن شقيقة سلامة)، ماريان الحويك وغبريال إميل جان (يتولى إدارة شركات مملوكة من آل سلامة). علماً أنه، بخلاف باريس، لا وجود لقاضي تحقيق في ألمانيا، وقد يعمد المدعي العام إلى تحويل المتهمين إلى المحكمة مباشرة. واستند القضاء الألماني إلى المادة 261 من قانون العقوبات لطلب التعاون من لبنان بداية، ثم إجراء التحقيقات مع سلامة. كما استند إلى المادة نفسها لإصدار مذكرة التوقيف. وتبلغ عقوبة المتهم بهذه المادة من 6 أشهر إلى 10 سنوات سجناً في الحالات الشديدة الخطورة، وهي عندما يتصرف الجاني بشكل احترافي أو كعضو في عصابة تكرر جريمة غسيل الأموال. ووفق المعلومات، فقد ثبت استخدام سلامة الاقتصاد الألماني لتبييض أمواله المختلسة، مع الشركاء الخمسة، في ثلاثة أماكن مختلفة من ألمانيا.
وعلم أن التحقيق الألماني لا يزال مستمراً، وينتظر الرد اللبناني ليشمل آخرين. إذ إن الوفد القضائي الألماني الذي حضر في وقت سابق إلى لبنان طلب الاستماع إلى شهود كثر، وموظفين سابقين وحاليين في المصرف، من بينهم: محمد بعاصيري، ناصر السعيدي، أحمد جشي، بطرس كنعان، نعمان ندور، رولا خوري، رجا أبو عسلي، خليل غلاييني، رائد شرف الدين، محمد الحسن. كما طلب الاستماع إلى رؤساء مجالس إدارات مصارف كمروان خير الدين وريا الحسن وسمير حنا؛ وشركاء للحاكم كشقيقه رجا ومساعدته الحويك. وبحسب المصادر القضائية، فإن مدعي عام دائرة ميونيخ الأولى كانت أقسى من بوروزي خلال التحقيق مع رجا ورفعت نبرة صوتها في وجهه خلال الاستجواب.
وأفاد مصدر قضائي مطّلع "النهار" بأن القضاء اللّبناني لم يتبلّغ ما أعلن عنه المدعي العام الألماني من صدور مذكرة توقيف غيابية عن القضاء الألماني بحقّ سلامة. وأضاف أن المذكرة الصادرة قد تندرج في إطار توحيد الملف الأوروبي المفتوح في نحو خمس دول أوروبية بحق سلامة.
وفي غضون ذلك ابلغ حاكم مصرف لبنان القضاء اللبناني أنه سيحضر اليوم إلى قصر العدل ليستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان إلى إفادته عن مذكرة التوقيف الغيابية الفرنسيّة الصادرة بحق والمعلمة على النشرة الحمراء للإنتربول الدولي. ويرجح ان يستمع القاضي قبلان إلى افادة سلامة ويقرّر تركه رهن التحقيق ويمنعه من السفر.
وإلى ذلك، عادت أوراق تبليغ رجا سلامة وماريان الحويك إلى قاضي التّحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل أبي سمرا مع إتمام التبليغين إلى الجلسة الفرنسيّة للتّحقيق معهما في ٣١ حزيران المقبل بالنسبة إلى رجا و١٣ حزيران بالنسبة إلى الحويك. ورجحت مصادر متابعة أنهما سيمثلان أمام قاضية التحقيق الفرنسية في الموعد المحدد لكل منهما.
ولفتت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» الى أن القضاء اللبناني سيضع يده على الملف، ولن يعطي التوجيهات للأجهزة الأمنية لتنفيذ المذكرة الدولية (الأنتربول) بحق سلامة. وكشفت بأن لا قرار بإقالة سلامة في مجلس الوزراء في ظل انقسام حاد في الموقف من هذا الملف عدا عن أن أي قرار بالإقالة يحتاج الى ثُلثي مجلس الوزراء. موضحة أن الأجهزة الأمنية ستلتزم بما يقرره القضاء وتنفذ الإشارات القضائية.وحضر الملف على طاولة جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، حيث شدّد نائب رئيس المجلس الياس بو صعب على أن «الأفضل لسلامة أن يستقيل وهذا كان رأي معظم النواب».
وكتبت" الديار": حدّد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات اليوم موعداً للاستماع الى سلامة، بعد إصدار مذكرة التوقيف الفرنسية، وكلف المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان القيام بالمهمة، في ظل عدم حدوث اي تطور في الملف، وفق ما اشار مصدر قضائي لـ» الديار» ليلاً، مؤكداً انه سيُترك رهن التحقيق وسيُمنع من السفر ليس اكثر، وهذا يعني لاحقاً لا إقالة ولا تنحي.