يملك المهاجم البوسني إدين دجيكو فرصةً لتتويج مسيرته بأعرق الألقاب على مستوى الأندية في كرة القدم، ويقف ناديه السابق مانشستر سيتي الإنجليزي في طريقه نحو رفع كأس دوري أبطال أوروبا، وهو ما لم يكن يتوقعه أحد عند تعاقده مع إنتر الايطالي قبل عامين.
في سن السابعة والثلاثين ومع الاقتراب من نهاية مسيرته الاحترافية، أمضى دجيكو عامين ناجحين في إنتر منذ وصوله من روما في صيف 2021.
وضمّ نيراتزوري دجيكو كبديل بسعر جيّد للبلجيكي روميلو لوكاكو الذي عاد بصفقة عالية إلى تشلسي الإنجليزي، وهو دليل صارخ للمشاكل المالية التي أجبرت ناديًا متوجًا للتو بلقب الدوري الإيطالي على الإتيان بلاعب أقل قيمة.
وبعد أن اكتفى بسبعة أهداف في الموسم السادس والأخير له مع روما، بدا ذلك إشارة لبداية نهاية مسيرة مهاجم نشأ في طفولة مؤلمة في البوسنة التي مزّقتها الحرب، ليصبح الهداف التاريخي لبلاده ولاعبا متوجاً بعدة ألقاب على مستوى الدوريات.
لم يرفع أي كأس خلال 6 أعوام في روما رغم أنه لعب في فرق ضمّت أمثال المصري محمد صلاح، والحارس البرازيلي أليسون بيكر، والمخضرم دانييلي دي روسي وفرانتشيسكو توتي في آخر مسيرته.
ولا شك أن الإنجاز الأكبر مع فريق العاصمة يبقى بلوغ نصف نهائي دوري الأبطال 2018 عندما عاد من تخلف بثلاثة أهداف ذهابًا ضد برشلونة الإسباني إلى تأهل بفضل الأهداف المسجلة خارج الديار إيابًا، وذلك بعد عام من تسجيله 39 هدفًا في جميع المسابقات في موسم 2016-2017، وهو رقم قياسي للاعب في تاريخ النادي.
ورغم أن دجيكو لم يتجاوز عتبة الـ20 هدفًا في الموسم منذ ذاك الإنجاز أمام برشلونة، فهو يُعدّ عنصراً أساسياً في تشكيلة المدرب سيموني إنزاغي في إنتر والقطعة التي تربط خط الهجوم.
وقال إنزاغي في تشرين الثاني الماضي: "إدين لاعب رائع يساعد الفريق في الهجوم والدفاع. يضيف الكثير للفريق وسيستمر في ذلك. إذا كان الأمر بيدي، سأجدّد عقده".
وسجّل البوسني 5 أهداف فقط في 2023 ولكن من المحتمل أن يبدأ أساسياً في إسطنبول نظراً لارتقائه الى المستوى في اللحظات الحاسمة.
ولهذا السبب، يحبّذ إنزاعي تواجده في التشكيلة الأساسية واستعداده لتمديد عقده لموسم آخر رغم تراجع مستواه التهديفي وتقدمه في السن.
لم يحرز دجيكو لقب الدوري الإيطالي بعد أن حل إنتر وصيفاً في 2022 بفارق نقطتين عن الجار ميلان، لكن تحت قيادة إنزاغي رفع كأس إيطاليا والكأس السوبر المحلية مرتين، ليضيفها إلى لقبين في الدوري الإنجليزي مع سيتي ولقب البوندسليغا مع فولفسبورغ 2009 الذي أطلقه إلى أوروبا.
ويقف الآن دجيكو أمام مباراة العمر ضد الفريق الذي ساعده في الوصول إلى ما هو عليه اليوم. مع هذا، فإن إدراكه هدف التعادل ضد كوينز بارك رينجرز في المرحلة الأخيرة عام 2012، هيأ هدف الفوز الشهير للأرجنتيني سيرخيو أغويرو (3-2)، ليحقق مانشستر سيتي لقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ 1968.
والنجاح على أرض الملعب سبقته طفولة صعبة خلال حرب البوسنة في أوتوكا، وهي منطقة على مشارف سراييفو مليئة بالمباني البرجية المؤلفة من 30 طابقًا على مرأى من القناصين الصرب المتربصين في التلال.
وكان الأطفال في الحارة ينتظرون انتهاء إطلاق النار في الصراع العرقي المرير قبل أن يخرجوا لركل الكرة.
وذات يوم خلال الحصار الدموي لساراييفو، أنقذت والدة دجيكو حياته، بعد أن منعته من الخروج للعب مع أصدقائه، الذين قُتل سبعة منهم بعد وقت وجيز بقنبلة انفجرت على أرض الملعب.
وعندما اختير صبيًا ليلعب في صفوف الشباب مع جيليزنيتشار، أحد أفضل الأندية في البوسنة، كان عليه أن يتدرّب في قاعة الرياضة بالمدرسة، نظرًا لأن ملعب الفريق كان على خط المواجهة ومليئاً بالخنادق.
وتركت هذه التجربة التي نشأ فيها أثرًا كبيرًا على دجيكو الذي يقوم بأعمال إنسانية للأطفال المرضى في وطنه مع زوجته عمرة التي أنجبت منه 4 أطفال.
وقال والده مدحت قبل عامين: "إدين صلب وقوي ومستقر. لقد مرّ بالكثير في حياته وفي كرة القدم. يعرف كيف يتعامل مع الضغوط وكيف يتكيّف معها".
(العربية نت)