شير دراسة جديدة قادها باحثو جامعة كولومبيا إلى أن نقص مادة التورين - وهي مادة مغذية ينتجها الجسم وتوجد في العديد من الأطعمة - هي الدافع لشيخوخة الحيوانات.
ووجدت الدراسة نفسها أيضا أن مكملات التورين (taurine) يمكن أن تبطئ عملية الشيخوخة في الديدان والفئران والقرود ويمكن أن تطيل العمر الصحي للفئران في منتصف العمر بنسبة تصل إلى 12%.
ودعا الباحثون في الدراسة التي نُشرت في 8 يونيو في مجلة Science إلى إجراء تجربة سريرية كبرى للمادة المضافة إلى العديد من مشروبات الطاقة، بعد أن أظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أنها قد تبطئ عملية الشيخوخة وتمنح حياة أكثر صحة.
ووجد الفريق أن مستويات المغذيات الدقيقة من التورين، أو حمض التورين، تنخفض بشكل كبير مع التقدم في العمر، لكن زيادة مستوياتها إلى مستويات أكثر شبابا عزز صحة الفئران والقرود وحتى إطالة عمر الفئران.
ومن غير الواضح ما إذا كان البشر سيستفيدون بنفس الطريقة - أو ما إذا كانت الجرعات العالية المطلوبة آمنة - لكن الباحثين يعتقدون أن الأدلة قوية بما يكفي لتبرير إجراء تجربة على نطاق واسع، لا سيما بالنظر إلى أن التورين يحدث بشكل طبيعي في الجسم كما أنه يستخدم بالفعل كمكمل غذائي بجرعات صغيرة.
وقال الدكتور فيجاي ياداف، الذي قاد الدراسة في جامعة كولومبيا في نيويورك: "تتناقص وفرة التورين مع تقدم العمر وعكس هذا الانخفاض يجعل الحيوانات تعيش حياة أطول وأكثر صحة. وفي نهاية المطاف، يجب أن تكون هذه النتائج ذات صلة بالبشر".
وأوضح البروفيسور هينينغ واكرهاج، اختصاصي فسيولوجيا التمارين الجزيئية في الفريق في جامعة ميونيخ التقنية، إن التجربة ستقارن كيف كان أداء البشر بعد تناول التورين أو مكملات الدواء الوهمي يوميا. مضيفا: "من المحتمل أن يكون من الصعب للغاية معرفة ما إذا كانوا يعيشون لفترة أطول، ولكن على الأقل يمكننا التحقق مما إذا كانوا يعيشون بصحة أفضل لفترة أطول وهذا بالطبع هو هدف الطب".
واستقر فريق ياداف على مادة التورين كمحرك محتمل لعملية الشيخوخة في عام 2012 عندما وجد تحليل لمركّبات الدم أن مستويات الأحماض الأمينية تنخفض بشكل كبير مع تقدم العمر في الفئران والقرود والبشر. ووجدوا أنه بحلول سن الستين، تراجعت مستويات التورين في الشخص العادي إلى ثلث تلك التي شوهدت لدى الأطفال في سن الخامسة.
ودفع هذا الاكتشاف الفريق إلى اختبار تأثير التورين الإضافي على الفئران في منتصف العمر. وأشار ياداف: "مهما فحصنا، كانت الفئران الحاصلة على التورين أكثر صحة وبدت أصغر من الفئران في مجموعة الدواء الوهمي. وعظامها كانت أكثر كثافة وعضلات أقوى وذاكرة أفضل وجهاز مناعي أكثر شبابا".
وتابع: "جعل التورين الحيوانات تعيش أكثر صحة وعمرا أطول من خلال التأثير على جميع السمات المميزة للشيخوخة".
وإلى جانب تحسين الصحة، عاشت الفئران التي تناولت التورين لفترة أطول، بحيث زاد متوسط العمر بنسبة 10% للذكور و12% للإناث. ويعني هذا ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر إضافية بالنسبة للفئران، أي ما يعادل سبع أو ثماني سنوات بشرية. والجرعة المماثلة للبشر ستكون من ثلاثة إلى ستة غرامات في اليوم.
ونظر الباحثون بعد ذلك في ما إذا كان تعزيز التورين يفيد الحيوانات التي كانت أقرب بيولوجيا إلى البشر.
ووجدت تجربة استمرت ستة أشهر على قرود المكاك في منتصف العمر أن تناول مكمل التورين يوميا يبدو أنه يعزز الصحة عن طريق منع زيادة الوزن وخفض نسبة الجلوكوز في الدم وتحسين كثافة العظام والجهاز المناعي.
وتشير أدلة أخرى إلى أن مكملات التورين قد يكون لها بعض التأثير في البشر. وقام ياداف وفريقه بتحليل البيانات الطبية من 12 ألف مشارك أوروبي تتراوح أعمارهم بين 60 وما فوق. وأولئك الذين لديهم مستويات عالية من التورين كانوا أقل عرضة للسمنة، ومرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وانخفاض مستويات الالتهاب.
وأفاد الباحثون في الورقة البحثية بأن الحصص الشاقة من تمارين الدراجة تعمل على تعزيز مستويات التورين.
ومن دون تجربة كبيرة لإثبات سلامة أو أي فوائد لمكملات التورين، لا ينصح العلماء بزيادة تناوله من خلال الحبوب أو مشروبات الطاقة.
جدير بالذكر أن التورين يُصنع بشكل طبيعي في الجسم ويوجد في وجبات اللحوم والمحار، لكن النظم الغذائية الصحية تعتمد إلى حد كبير على النباتات. وتحتوي بعض مشروبات الطاقة على مادة التورين، لكن الخبراء يحذرون من أنها تحتوي أيضا على مواد أخرى قد لا تكون آمنة عند تناولها بمستويات عالية.(ذي غارديان)