طرفان اساسيان لا يريدان وصول رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، الأول هو رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والثاني هي قوى وأحزاب المعارضة، ولكل طرف أهداف مختلفة عن الطرف الآخر في السياسة وفي الرئاسة وهذا كان واضحاً قبل جلسة الإنتخاب الأخيرة.
لكن السؤال اليوم هو ، ماذا لو تنازل "حزب الله" عن ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ودعمه للرئاسة؟ ماذا سيكسب وماذا سيكسب خصومه؟ ومن سيكون الخاسر الأكبر؟ من الواضح أن "حزب الله" وحركة "امل" ليسا في وارد التخلي عن دعم فرنجية، أقله في المدى المنظور، اذ ان تحليل ما جرى في الجلسة الأخيرة يصب في صالحهم، وفق مصادرهم.
لكن تنازل الحزب عن فرنجية سيعني حتماً حصوله على ثمن كبير مقابل ذلك، لأنه اليوم يوحي لكل من يفاوضه أنه مستعد لدفع هذا الثمن لإيصاله، إن كان في توازنات مجلس الوزراء أو في إسم رئيس الحكومة وغيرها من الأمور المرتبطة بالسلطة، وهذا يوحي بأن حارة حريك تنظر الى هذا الموقع بصفته بالغ الأهمية بالنسبة اليها.
في المعادلة الداخلية، لا يمكن لحزب الله المتقدم في الإقليم، والمتجاوز للازمة الإقتصادية، أن يحصل على منصب قيادة الجيش أو على حاكمية مصرف لبنان، فهذه المناصب خاضعة لضرورة موافقة الاميركيين على من سيتم تعيينه فيها، وهذا ينطبق على منصب رئاسة الحكومة الذي لن يكون خاضعا، وفق المعادلة المذهبية والاقليمية، للحزب.
حتى الثلث المعطل الذي فرض لصالح الحزب وحلفائه في إتفاق الدوحة، لن يحصل "حزب الله" عليه بعد خلافه مع "التيار الوطني الحر"، لذلك فإن المنصب الدستوري الوحيد الذي يمكن ان يكون من حصة حلفاء حارة حريك هو رئاسة الجمهورية، ومن هنا ينبع تمسك الحزب به.
أما في حال تخلى الحزب عن هذا الموقع، فإن الخاسر الأول سيكون قوى المعارضة، إذ ان الحزب سيكون جاهزاً عندها للتفاهم السهل مع رئيس "التيار" جبران باسيل، الذي سيكون مستعداً للقبول بأي مرشح قريب من الحزب غير فرنجية، عندها ستصبح قوى المعارضة خارج التسوية وسيؤمن باسيل الاكثرية المطلوبة والميثاقية والنصاب الدستوري.
كما أن الحزب سيحصل على مكاسب سلطوية كبرى على حساب حليفه السابق "التيار الوطني الحر" وخصومه السياسيين، لذلك فإن طرح مسألة التنازل عن فرنجية ضمن التوازنات الحالية سيكون مربحا للحزب، إلا في حال تبدلت التوازنات الداخلية وشعرت "حارة حريك" بضرورة تقديم تنازل سياسي ورئاسي لإحتواء تقدم خصومها النيابي...