بعدما أعلنت روسيا يوم الإثنين الماضي رفضها تمديد اتفاقية الحبوب، بدأت حكومات مختلف الدول تقييم التأثير الذي ستشكله هكذا خطوة على مستوى الجوع في العالم.
وبحسب صحيفة "The National" الإماراتية، فإن أوكرانيا تُعدّ من أهم منتجي زيت دوار الشمس والقمح والذرة في العالم، إلا أنه وعندما شنت روسيا غزوها في شباط من العام 2022، وحولت العديد من مناطق شرق البلاد الصالحة للزراعة إلى ساحة حرب، تأثرت أسعار القمح بشدة عالمياً. وقفزت عقود القمح بنسبة 60 في المئة في غضون أسبوع، ولكن بحلول شهر تموز، وقعت الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وأوكرانيا صفقة للسماح بتصدير الغذاء بأمان عبر البحر الأسود الذي تسيطر عليه البحرية الروسية عبر ثلاثة موانئ أوكرانية، تشورنومورسك، وأوديسا ويوجني. وبحلول شهر آب، استقرت الأسعار نسبياً، إلا ان أسعار القمح بقيت مرتفعة ما دفع دول العالم إلى تأمين مصادر جديدة للحبوب.
وتابعت الصحيفة: "بالنسبة إلى دول الخليج، ومصدري النفط الرئيسيين مثل العراق، كان من السهل التحكم في تأثير ارتفاع أسعار القمح. أما بالنسبة إلى مستوردي الطاقة، مثل سوريا وتونس والأردن، فكان الضغط الاقتصادي كبيراً. ولم يقتصر الضرر على هذه الدول فحسب، فشمل أيضاً كلًا من مصر، التي كانت تستورد 25 في المئة من قمحها من أوكرانيا، ولبنان، الذي كان يستورد 80 في المئة منه".
استقرار أسعار المواد الغذائية
وبحسب الصحيفة، فإن أمرين ساهما في استقرار الأسعار العام الماضي: صفقة البحر الأسود، التي سمحت بنقل حوالي 30 مليون طن من المواد الغذائية من موانئ أوكرانيا، وزيادة الإنتاج في مناطق زراعة القمح حيث استغل المنتجون ارتفاع الأسعار. إلا أن هذه العوامل الإيجابية أصبحت موضع شك الآن. والأمر لا يتعلق بانتهاء الصفقة فحسب، وإنما لأن درجات الحرارة القياسية ستؤثر قريبًا على المحاصيل".
وتابعت الصحيفة: "لا يزال لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، يعتمد على صادرات القمح الأوكرانية. وبعد مرور أكثر من 500 يوم على الحرب، لا يزال أكثر من نصف الاستهلاك اللبناني من القمح يُستورد من هناك. وحذر الخبراء والمنظمات الحقوقية من أن عدم تجديد مبادرة حبوب البحر الأسود سيزيد من تعميق انعدام الأمن الغذائي في الدولة المضطربة وسيكون له عواقب وخيمة على السكان الذين يكافحون بالفعل للحصول على السلع والخدمات الأساسية.
وحذرت جنيفر مورهيد، مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في لبنان، في تقرير يوم الاثنين، من أن "لبنان الآن هو البلد الذي يعاني من أعلى معدل تضخم في أسعار المواد الغذائية في العالم، بنسبة مذهلة تبلغ 352 في المئة"."
وأضافت الصحيفة: "يعاني لبنان من نقص مزمن في القمح والدقيق منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في عام 2019. وأدى انقطاع إمدادات القمح بسبب الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم أزمة الخبز ما دفع إلى ارتفاع في الأسعار في وقت أدى فيه ارتفاع التضخم، إلى جانب انخفاض قيمة العملة المحلية، إلى إضعاف القوة الشرائية للمواطنين اللبنانيين. وبعدما أصبحت البلاد غير قادرة على تخزين القمح بعدما دُمرت الصوامع الرئيسية جراء انفجار المرفأ في الرابع من آب 2020، ها قد أصبح لبنان يعتمد على شحنات القمح المنتظمة، الممولة من البنك الدولي، لضمان الاستمرارية".
ورأت الصحيفة أن "الوضع في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، لا يزال هشاً أيضاً، حيث تشتري البلاد سنويًا حوالي 10 ملايين طن من الأسواق العالمية. في ظل النمو السكاني السريع وأزمة العملة الأجنبية، وسعت مصر زراعة القمح المحلي واعتمدت تشريعات تُلزم المزارعين ببيع الحكومة نسبة من محصولهم. ولكن في ظل أزمة نقص المياه التي تضرب البلاد والنزاع المستمر مع إثيوبيا المجاورة بشأن سد النهضة الضخم الذي تعتزم أديس أبابا بناءه، هناك علامات استفهام حول مدى استدامة ذلك".
وبحسب الصحيفة فإنه من غير المرجح أن يتأثر العراق بانهيار صفقة الحبوب لأن البلاد لديها احتياطيات استراتيجية كافية من القمح من مشترياتها من الحبوب المحلية من المزارعين هذا الموسم. وبحسب رئيس مجلس الحبوب العراقي حيدر نوري، كان موسم 2022-2023 "الأكثر نجاحاً" حيث تم شراء 5.194 مليون طن من القمح. وأضاف: "وصلنا إلى اكتفاء ذاتي يفوق كل التوقعات"."