منذ بدء ما سُمّيت باجتماعات "المجموعة الخماسية" بشأن لبنان، والتي تضمّ ممثّلين عن كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر والجمهورية المصرية، إضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة، يُحكى عن احتمال ضمّ إيران إليها، لتصبح شبيهة بما يُعرف بالدول "5+1"، نظرًا للدور الجوهري والمساعد الذي يمكن أن تلعبه طهران في لبنان، خصوصًا من خلال "حزب الله"، المصنَّف على أنه أحد اللاعبين الأساسيّين على الساحة.
وعلى هامش الاجتماع الأخير الذي عقدته "الخماسية" في العاصمة القطرية الدوحة، أثير الأمر من جديد، في ضوء "الاستعصاء" الذي وصل إليه الاستحقاق الرئاسي، على وقع تلويح "أصدقاء لبنان" بإجراءات ضدّ معرقلي انتخاب الرئيس، حيث برز تصريح للمتحدّث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أكّد فيه "ترحيب" طهران بالمشاركة في حل الوضع السياسي في لبنان، مشدّدًا في الوقت نفسه على وجوب اتفاق اللبنانيين على حلّ أزماتهم.
وفي وقتٍ انتهى اجتماع الدوحة إلى معادلة "رمادية" لم توحِ بحدوث أيّ خرق، بعد رمي الكرة مجدّدًا في ملعب القادة اللبنانيين، ثمّة من أعاد طرح السؤال من جديد، فهل حان أوان ضمّ إيران إلى نادي "الخماسية" المعنيّ بالشأن اللبناني، وخصوصًا الاستحقاق الرئاسي؟ وهل يمكن لمثل هذا الخيار أن ينفع، خصوصًا إذا ما اقترن بجو التفاهمات في الإقليم، على وقع الحوار السعودي الإيراني الذي لا يزال اللبنانيون ينتظرون "نصيبهم" منه؟!
"جدوى" ضمّ إيران
ليست المرّة الأولى التي يُطرَح فيها، بشكل جدّي، احتمال ضمّ إيران إلى اجتماعات المجموعة الخماسية بشأن لبنان، فقد سبق أن أثير بعد الاجتماع الأول الذي عقدته اللجنة، وخلال الزيارة التي أجراها وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي، كما طُرِح أيضًا على هامش زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، والذي قيل إنّه سيتواصل أيضًا مع المسؤولين الإيرانيين في سبيل إنجاح مهمّته "المستحيلة".
ينطلق كلّ ذلك من وجود "قناعة راسخة" لدى كثيرين بأنّ وجود إيران في صلب النقاشات حول الملف اللبناني مفيد، بل قد يكون أساسيًا في مكانٍ ما، في ضوء "الموْنة" التي تمتلكها الأخيرة لدى "حزب الله"، المتهَم من كثيرين بأنّه "المتحكّم الفعلي" بأمر الاستحقاق الرئاسي، بتعطيله نصاب الجلسات طالما أنّ مرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لا يضمن الفوز فيها، أو بالحدّ الأدنى، برفضه البحث بأيّ "خيار ثالث" من شأنه إنهاء الفراغ.
ومع أنّ المسؤولين الإيرانيين يؤكدون أنّهم يفوّضون الملف اللبناني إلى "حزب الله"، وبالتالي لا يتدخلون بقراراته، ثمّة من يعتقد أنّ إشراك طهران في القرار الدولي حول لبنان قد ينجح في مكان ما في دفعها لإقناع الحزب بالتخلي عن فرنجية بالحدّ الأدنى، ما قد يتيح النقاش مع الفريق الآخر حول أفضل السبل الممكنة للخروج من المأزق، وبالتالي العبور إلى "التسوية" التي ترضي الجميع وفق قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" المتعارف عليها لبنانيًا.
"معوّقات" ضمّ إيران
لا يعني ما تقدّم أنّ ضمّ إيران إلى المجموعة الخماسية أضحى تحصيلاً حاصلاً، إذ إنّ الاعتقاد السائد أنّ مثل هذه الخطوة لن تبصر النور في القريب العاجل، للعديد من الأسباب والاعتبارات، بينها "تحفّظ" الولايات المتحدة، التي قلّصت أصلاً مستوى حضورها في اجتماع الدوحة الأخير، في رسالة قد تكون واضحة الدلالات، علمًا أنّ واشنطن لا تجاري حتى الآن الرياض في انفتاحها على الإيرانيين، خصوصًا أنّ الاتفاق بينهم حصل برعاية صينية.
ومن "المعوّقات" أيضًا التوجّس لدى الأطراف المكوّنة للمجموعة "الخماسية" من أصداء ضمّ إيران إليهم في الداخل اللبناني، فرغم اقتناع الجميع بأنّ طهران "مؤثّرة" في لبنان، قد لا يكون وجودها بشكل رسميّ في المجموعة خطوة "بنّاءة" برأي بعض الأفرقاء اللبنانيين، علمًا أنّ ما تعرّض له الفرنسيون على سبيل المثال من "نيران صديقة" في لبنان قد يكون معبّرًا، بعدما اتُهِمت باريس بتبنّي خيارات "حزب الله" بذريعة "الواقعية".
رغم هذه المعوّقات، يؤكد العارفون أنّ إيران لن تكون "مستثناة" من النقاشات الحاصلة بشأن لبنان، سواء في إطار التفاهمات الإقليمية التي لم تنتهِ فصولاً بعد، ولا سيما أنّ البند اللبناني مطروح على طاولتها، أو في إطار الاتصالات التي فتحها اجتماع الدوحة، سواء بين قطر وإيران، أو بين الفرنسيين وطهران، التي يُقال إنّ لودريان قد "يجسّ نبضها" قبل العودة إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل، لعلّها تسهّل المهمّة التي تقع على عاتقه.
قد يكون ضمّ إيران إلى المجموعة الخماسية بشأن لبنان نافعًا برأي كثيرين، باعتبار أنّ دور إيران في لبنان لا يقلّ شأنًا عن دور فرنسا والولايات المتحدة، وحتى عن دور الأعضاء العرب، أي السعودية ومصر وقطر. لكنّ الأكيد وفق العارفين، أنّ دور هذه الدول مجتمعةً، أي الـ5+1، لا يغيّر شيئًا في الواقع، إذا لم يقترن بإرادة حقيقية وجدية من اللبنانيين بأنفسهم، الذين تبقى الكرة في ملعبهم بالدرجة الأولى، شاء من شاء وأبى من أبى!