يعيش العالم أجمع اليوم، وسط ظاهرة طبيعية، تُعتبر من أقوى التقلبات في النظام المناخي في اي مكان على وجه الارض. سُميت هذه الظاهرة "النينو"، وجعلت العالم في مرمى اللهيب والتقلبات المتطرفة التي قد تنذر بما هو أسوأ، وخصوصا انّ هذه الظاهرة تأتي اليوم وسط فوضى مناخية كبيرة تعصف بنا جراء اسباب عدة. فأين لبنان من "النينو" او "أل نينو"؟
بحسب العلماء، فإنّه من المرجح أن تجعل الظاهرة عام 2024 أكثر الأعوام سخونة في العالم، وسط خشية من أن يساعد ذلك في دفع العالم إلى ما بعد مرحلة ارتفاع درجة حرارة 1.5 درجة مئوية.
ظاهرة النينو
و"ال نينيو" تُعرف على أنها تيارات مائية تأتي مُحملة بالمياه الحارة من غرب المحيط الهادئ إلى شرقه، ومن المحتمل بفعل هذه الظاهرة ان ترفع درجة الحرارة إلى كوكب يزداد سخونة بالفعل بسبب تغير المناخ. تحدث ظاهرة النّينو في وقتٍ واحد فوق المحيط الهادئ الاستوائيّ الجنوبيّ؛ نتيجة تغيّر في ضغط الهواء. وبحسب العلماء يؤثر التّذبذب الذي يحدث نتيجة هذه الظاهرة، في الدّورة المناخية للاحترار والتّبريد بشكل كبير في حدوث تغيّرات ملحوظة على درجات حرارة المحيطات في المناطق المداريّة، وحدوث الوصلات الجويّة طويلة الأمد، بالإضافة إلى التّغير الذي يطرأ على الطّقس الموسمي في كل أنحاء العالم.
وليس الجفاف في استراليا والرياح الموسمية الصيفية الهندية الا نتيجة مباشرة لهذه الظاهرة، والتي من الممكن أن تؤدي ايضا الى مزيد من الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، والأعاصير والجفاف.
احترار وحرب
وفي لبنان، لغايته، الوضع يسير على ما يرام، فدرجات الحرارة وإن ارتفعت تبقى مقبولة "نسبيا" ولا شيء يستدعي اعلان اي حالة طوارىء مناخية، فهذا تموز وفيه "بتغلي الماي بالكوز"، وينتظرنا "اب اللهاب" ايضا، وهي مسألة طبيعية وخصوصا انّ الصيف تأخر ليبدأ في لبنان. فما هو الوضع على الخارطة المناخية مع ظاهرة النينو؟
يجيب رئيس حزب البيئة العالمي والخبير البيئي ضومط كامل في حديث لـ"لبنان 24" عن هذا السؤال مشيرا اولا الى انّه مما لا شك فيه أنّ العالم يعيش اليوم حالة لم يشهدها في السابق، ويقول: "هذه الحالة مرتبطة الى حد كبير بمجموعة من العوامل، اهمها الاحترار العالمي والاحتباس الحراري والتغير بدرجات الحرارة العليا، والتي أدت الى جفاف غير ملحوظ في بعض الدول". ويتابع كامل: "نضيف الى ذلك عوامل من نوع اخر تسببت بها الحروب الاخيرة، فنحن هنا نتحدث عن احتراق مئة مليون برميل من البترول يوميا وكميات كبيرة تُحرق من الفحم الحجري نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية".
التصحر والحرائق
وبحسب كامل فإنّ كل عامل من هذه العوامل يحتاج الى وقت طويل من الشرح لتبيان حقيقة الخطورة التي يعيشها العالم، ويتابع: "باختصار هذا هو الوضع عالميا، يُضاف اليه مشاكل تمدد التصحر وانخفاض مساحات الغابات وحرائق الغابات، وكل هذه العوامل تسبب في زيادة نسبة ظاهرة النينو التي يتوقع العلماء ان تمتد لخمس سنوات اضافية. والنينو ظاهرة يتأثر بها العالم اجمع وهذه حقيقة، ويحصل هذا في وقت قصير جدا، ما يؤدي الى اختلاف مناخي سريع على كل ارجاء الكوكب، تماما كما يحصل اليوم في العالم، ومن الممكن ان نشهد على مزيد من درجات الحرارة المرتفعة والفيضانات المتنقلة والجفاف والحرائق. ونحذر من تمدد هذه الظاهرة".
ويؤكد كامل: "طبعا لو لم يكن هناك احتباس حراري واستهلاك كبير للوقود الاحفوري، لما وصلنا الى هنا وتأثر العالم بشكل خطير بالنينو او بغيرها من الظواهر. امّا عن موقع لبنان، فنشير الى أنّه مع التخوف والتحذير من وصول هذه الظاهرة الى لبنان، فنؤكد انّ لبنان لا يتأثر بها مثل بقية الدول، وذلك لسبب رئيسي وهو وجود الغابات".
مواجهة
فالغابات بحسب كامل: "الاشجار والمساحات الحرجية تجعل هناك رطوبة في الجو وبالتالي امتصاص للحرارة العليا، وتلطيف الجو ايضا.. وعلى الرغم من انّ نسبة الغابات اصبحت متدنية في لبنان بفعل الحرائق وقطع الاشجار الا انّ ما تبقى جيد جدا وكفيل بأنّ يجعل لبنان يستوعب كل هذه العوامل الطبيعية المناخية. ولكن هذا لا يعني أن لبنان بمنأى عن الخطورة العالمية مع السنوات المقبلة، وهو ما يجب التنبه اليه او قد نعاني مثلما تعاني هذه الدول اليوم من جفاف وتمدد التصحر وربما فيضانات وما خفي كان اعظم".
ويؤكد كامل: "رطوبة الاشجار تساعدنا اليوم كثيرا، وهنا نعيد الحديث الى النقطة صفر، فماذا سيحصل في حال دمرنا ثروتنا الحرجية، ولو مرت هذه السنة بسلام، فمن يضمن أن نتمكن من المواجهة في السنوات المقبلة؟".