قفز فجأة خيار تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في جلسة لمجلس الوزراء حدد موعدها غدا الى واجهة الأولويات المتوهجة على رغم حقل الألغام الذي يتربص بهذا الخيار بدءا برفض كل من القوى المسيحية الأساسية وحزب الله كلّ من منطلقه لتعيين حاكم جديد على يد حكومة تصريف الاعمال، وصولا الى الصعوبة الكبيرة في توفير أكثرية ثلثي أعضاء الحكومة لتعيين الحاكم الجديد .
وفي هذا السياق كتبت" النهار":فشلت كل المحاولات الاستيعابية بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ونواب الحاكم الأربعة ما دفع الامور في اتجاه دراماتيكي تمثل في "قرار جراحي" جرى تداوله بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري امس في عين التينة حيث بدا لافتا اندفاع بري نحو حض ميقاتي على الدعوة العاجلة الى جلسة لمجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد كخيار لا بد منه على رغم اختلاف موقفه عن موقف شريكه في الثنائي "حزب الله". ولم يتضح بعد ما اذا كان بري وميقاتي قد احتسبا تماما القدرة على توفير أكثرية ثلثي مجلس الوزراء لتعيين الحاكم ومن ثم امكان التوافق على الحاكم الأمر الذي يبقي الساعات الأربع والعشرين المقبلة قبل موعد الجلسة في الحادية عشرة قبل ظهر الخميس محفوفة بكل التوهج مع احتمال تطيير هذا الخيار والعودة الى الطلب من نائب الحاكم الأول تسلم مهماته بالوكالة كما من النواب الثلاثة الاخرين الاستمرار في تسيير المرفق. وترافقت هذه المعطيات مع اخبار عن امكان التمديد للحاكم نفسه تقنيا في ربع الساعة الاخير لتسيير المرفق فيما لو استقال النواب الاربعة.
وقد وجّه ميقاتي فعلا الدعوة إلى الوزراء لعقد جلسة حدّدها قبل ظهر الخميس المُقبل لدرس الوضعين المالي والاقتصادي مع إقتراب إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وسيناقش المجلس كل الخيارات المتعلقة بهذا الملف ومن ضمنها وضع الحاكمية بعد سلامة والفرص المتاحة لتعيين حاكم جديد . وجاء ذلك عقب لقاء بري وميقاتي.
وبحسب مصادر ديبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى تلقى مسؤولون لبنانيون "لا"قاطعة اذا اقدمت الحكومة على التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وهناك استغراب اوروبي وصل الى حدود الاستياء من دفع نواب الحاكم الاربعة الى الاستقالة او ممارسة ضغوط عليهم وان المطلوب منهم تحمل مسؤولياتهم والمهمات المطلوبة منهم وفق ما ينص عليه قاتون النقد والتسليف.
من جهة اخرى اوضح قيادي في "حزب الله" لـ "النهار" بأن "مشاركة وزيري الحزب في جلسة الخميس لم يتم حسمها بعد والمشاركة في هذه الجلسة شيء والتصويت على تعيين حاكم جديد للبنك المركزي شيء اخر". وقال "ما زلنا على موقفنا وثابتتنا وهي رفضنا تعيين حاكم جديد في هذه الجلسة وفي ظل حكومة تصريف الاعمال".
في المعلومات المتوافرة لـ"النهار" ان جلسة مجلس الوزراء ستطرح تعيين حاكم جديد بناء لمجموعة من أسماء المرشحين الذين سيعرضهم ميقاتي على الوزراء. وتؤكد المعلومات ان الجلسة ستنعقد وسيؤمن وزراء الثنائي الشيعي النصاب، ولكن ما هو غير مؤكد او محسوم فيتمثل باحتمال عدم الوصول الى التوافق على اسم المرشح. وتفيد المعلومات ان سلة الأسماء التي سيطرحها ميقاتي تتضمن كلا من: الوزيرين السابقين كميل أبو سليمان ومنصور بطيش، المصرفي سمير عساف، المصرفي كريم سعيد ( شقيق النائب السابق فارس سعيد) المدير العام للقصر الجمهوري أنطوان شقير، ونعيم أبو جودة. كما تردد اسم الرئيس السابق لجمعية المصارف جوزف طربيه.
وتشير المعلومات الى ان ميقاتي سعى مدعوماً من بري الى وضع القوى السياسية امام مسؤولياتها في حسم مصير الحاكمية، تعييناً لحاكم جديد او تسليم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري الصلاحيات علماً ان استقالة النواب لم تعد محسومة. وقالت أوساط ميقاتي لـ"النهار" انه من غير الوارد اطلاقا طرح التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكل المداولات الجارية والتي ستجرى لا تتطرق اطلاقا الى التمديد. وتردد ان اجتماعا سيعقد اليوم بين ميقاتي والنواب الأربعة .
وافادت " نداء الوطن": ذكرت معلومات أنّ «حزب الله» يقف ضد خيار التعيين انسجاماً مع موقف حليفه «التيار الوطني»، وبالتالي لن يكون هناك نصاب في جلسة الخميس اذا ما طرح تعيين الحاكم، لأن وزيري «الحزب»، إضافة الى وزيري المهجرين عصام شرف الدين والسياحة وليد نصار سيقاطعون الجلسة ما يجعل عدد الحضور 15 وزيراً، علماً أنّ اكتمال النصاب يحتاج الى 16. وخلصت هذه المعلومات الى القول إنّ بري بضغطه لتعيين حاكم لمصرف لبنان يهدف الى «غسل يديه» من تبعات أزمة مالية لاحقاً، فلا يتحمّلها نواب الحاكم عندما تؤول اليهم الصلاحيات بعد انتهاء ولاية رياض سلامة.
وكتبت" الاخبار": جرى جرى التداول في عدد من الأسماء أمس، بينها ثلاثة مرشحين علنيين لرئيس الحكومة هم: كريم سعيد (شقيق النائب السابق فارس سعيد، وهو مقيم خارج لبنان ولديه أعمال في أوروبا) وسمير عساف (مصرفي مقرّب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طُرح اسمه أكثر من مرة لهذا المنصب) وكميل بو سليمان (مثّل القوات اللبنانية سابقاً كوزير للعمل، ويقول إنه يحظى بدعم أميركي لوصوله إلى منصب الحاكم). كما تردّد مساء أمس اسم الرئيس السابق لجمعية المصارف جوزيف طربيه كمخرج في حال رُفض المرشحون الثلاثة أو هم رفضوا المنصب، بذريعة أن لطربيه علاقات قوية بالقطاع المصرفي، ويمكن أن يتعاون في إدارة جديدة لمصرف لبنان.
ولم تتوقف الاتصالات حول هذا الملف حتى ساعات ليل أمس، وستستمر حتى صباح غد الخميس، بعدما تبين أن العوائق كثيرة أمام التعيين، أبرزها رفض حزب الله وتيار المردة تعيين حاكم بديل في ظل الظروف الحالية، فيما بدا المشهد السياسي أكثر ضبابية مع عدم وجود مؤشرات إلى إمكانية الوصول إلى حل، أو الذهاب إلى «ميني تسوية» محصورة بالحاكمية، في ظل تمسك كل طرف برأيه. وعُلم أن بري وميقاتي عملا طوال ساعات ليل أمس، على خطَّي البطريرك الماروني والقوات اللبنانية من جهة، وعلى خط حزب الله وسليمان فرنجية من جهة ثانية، للتوصل إلى حل.
وتقاطعت المعطيات حول صعوبات كبيرة تواجه مسعى بري وميقاتي، وعرض متابعون بعضها بالآتي:
أولاً، وجود خلافات عميقة بينَ نواب الحاكم الأربعة، إذ لم يتفق هؤلاء على الاستقالة الجماعية. الثابت الوحيد أن استقالة منصوري باتت محسومة. لكنّ الأخير حسم أنه لن يهرب من تحمل المسؤولية بتصريف الأعمال في حالة الاستقالة أو عدم تعيين حاكم جديد. وهو موقف بقية النواب الأربعة أيضاً.
ثانياً، تعطّل محاولات بري وميقاتي لتأمين غطاء مسيحي من البطريرك بشارة الراعي والقوات اللبنانية لتغطية تعيين بديل من سلامة، علماً أنهما لم يعارضا المبدأ، لكن الغطاء لن يكون كافياً بسبب معارضة القوى الأساسية (التيار الوطني الحر وحزب الله) في الحكومة للتعيين.
ثالثاً، الفشل في الحصول على غطاء من رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية أو حتى التزام حضور وزرائه أي جلسة حكومية لتعيين البديل. وعُلم أن فرنجية نسّق مع حزب الله ليكون موقفهما واحداً في جلسة غد الخميس، خصوصاً أن الحزب أبلغ رئيس الحكومة أنه لا يزال متمسكاً بموقفه الرافض أن تعيّن الحكومة الحالية حاكماً جديداً للمصرف، وهو سيناقش حضور الجلسة والاعتراض من داخلها أو مقاطعتها بالمطلق.
رابعاً، تحذير التيار الوطني الحر من «تمادي حكومة تصريف الأعمال المستقيلة في ضرب الميثاق ومخالفة الدستور، فالشغور في منصب حاكم المصرف المركزي يُعالجه قانون النقد والتسليف»، بحسب بيان للهيئة السياسية للتيار أمس، مشيرة إلى أن «المخرج هو بتعيين حارس قضائي. وفي جميع الأحوال، من غير الجائز بقاء رياض سلامة بأي صيغة كانت ولا الاستمرار بسياسته».
وكتبت" نداء الوطن":أوضحت مصادر حكومية أنّ الرئيس بري يعلم أنّ حليفه «حزب الله» ليس موافقاً على التعيين من حيث المبدأ، وهو حالياً ليس في وارد إغضاب «التيار الوطني الحر» الرافض للتعيين في ظل الخلو في سدة رئاسة الجمهورية. إلا أنّ بري يتجاهل ذلك عمداً، ويمعن في إلقاء اللوم على القوى المسيحية في موضوع الحاكمية، كما يفعل في الاستحقاق الرئاسي، مؤكداً أنّ لدى ميقاتي الأسماء المرشحة، التي يرجّح أن تضم كميل أبو سليمان وجوزيف طربيه.
مصادر أخرى كشفت أنّ بري يضغط على طريقته، لعله يستطيع تجنيب النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري كأس الحاكمية المرّة، علماً أنّ الأخير وضع نفسه خارج سيناريوات قبول تطبيق القانون، واستقالته واردة جداً بين يوم وآخر، وقد يرفض تكليفه تسيير المرفق العام، ولن يربط ذلك بموقف نواب الحاكم الآخرين، إذ يبدو أنّ اثنين منهما يتريثان في الاستقالة، وربما يقبلان تسيير الأعمال اذا حصلا على تغطية قانونية لإقراض الدولة وتوافق على تحرير سعر الصرف.
ويقول المطلعون إنّ بري يمارس الضغوط في الأيام الأخيرة التي تسبق انتهاء ولاية رياض سلامة، لأنّه يتوجّس من استلام منصوري الحاكمية في ظل عدم وجود تشريعات تحمي «ولايته»، حتى أنّ هناك كلاماً قيل عن طلب بري من منصوري مغادرة البلاد بعد تقديم استقالته قطعاً للطريق على سيناريو تصريف الأعمال في الحاكمية.
ويلفت المطلعون الى أنّ تعيين حاكم جديد للمركزي أهون الشرور بالنسبة الى رئيس المجلس، ولكن دون تحقيق هذا الأمر ممانعة القوى المسيحية، وتحديداً «التيار الوطني الحر» الرافض إجراء أي تعيين في ظلّ الشغور الرئاسي. ويكشف هؤلاء أنّ «حزب الله» أبلغ «التيار» في الحوارات المستجدة مع رئيسه جبران باسيل حرصه على عدم السماح بحصول أي تعيين.
لذلك يشير هؤلاء إلى صعوبة حصول التعيين، خصوصاً أنّ «الحزب» لا يريد تعكير صفو الحوار مع «التيار»، حتى لو كان بري من أشد المطالبين بتسمية خلف لسلامة، لافتين إلى أنّ مجلس الوزراء في جلسته الخميس سيطرح حكماً بند التعيين، لكن النقاش قد ينتهي إلى سحب البند والطلب إلى النواب تسيير المرفق، وتصريف الأعمال، في حال أصروا على الاستقالة، علماً أنّ اجتماعاً ثانياً سيجمعهم اليوم بالرئيس ميقاتي.
ووفق معلومات «البناء» فإن «الرئيس بري يرفض تسلم النائب الأول للحاكم من دون ضمانات لأن ذلك سيعيق عملهم وخاصة إذا أرادوا الاستمرار بالسياسة النقدية المتبعة منذ أكثر من عام ما سيترك تداعيات سلبية كبيرة على الأوضاع النقدية والمالية والاقتصادية، وقد تفلت الأمور من أيدي النواب الأربعة وتذهب الى فوضى في سوق القطع ويرتفع الدولار الى مستويات خطيرة».
وذكرت «الديار»، ان الاتصالات بدأت مساءً مع المرجعيات، لتأمين نصاب الجلسة والموافقة، على ان يكون الموعد الذي أعلنه رئيس المجلس النيابي مبدئياً، لطرح هذه المسألة على طاولة مجلس الوزراء، وعُلم بأنّ شخصية مصرفية معروفة جداً، تحظى بدعم خارجي مرشحة لنيل هذا المنصب.
وذكرت مصادر معارضة لـ «الديار» أنّ اعلان موعد التعيين بهذه السرعة لن يمّر، وبهذه الطريقة المحضّرة مسبقاً، لانّ الاطراف المسيحية الاساسية، وفي طليعتها «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، غير موافقة على هذا القرار المفاجئ، وبالتالي فهو مخالف للدستور ويتعدى صلاحيات رئاسة الحكومة، الامر الذي سيخلق المزيد من الخلافات التي ستتخذ الطابع الطائفي، مع إشارة المصادر المعارضة الى انّ حزب الله رافض ايضاً للتعيين، مما يعني انّ نصاب حضور الجلسة مهدّد.
واعتبرت مصادر سياسية ل" اللواء" انه بالامكان تمرير قرار التعيين، إذا اجريت جولة اتصالات مسبقة، مع المعنيين، لتوضيح ابعاد هذا التعيين في هذا الظرف الصعب، لمنع الفراغ في هذا الموقع المسيحي المهم في الدولة، والتفاهم على الاسم المطروح لتولي هذا المنصب، الا انه برغم كل ماتردد عن إيفاد اكثر من موفد وشخصية، لجس النبض والاستحصال على الموافقات المطلوبة لتعيين حاكم جديد، الا ان تسويق هذا الطرح، مايزال دونه صعوبات ورفض شبه قاطع حتى اليوم.
ومن وجهة نظر المصادر فإن سقوط قرار تعيين حاكم جديد بسبب الرفض المسيحي الحاصل واستمرار تضامن حزب الله مع هذا الرفض، سيعطي حافزا للحكومة، للتأكيد بانها حاولت مابوسعها لمنع الشغور في حاكمية المصرف المركزي ولم تفلح بذلك، وتلقي بمسؤولية التداعيات السلبية الناجمة عن هذا الفراغ، للاطراف والجهات التي عطلت التعيين، او لتبرير الانطلاق بالخطوة التي حكي عنها، بالتمديد للحاكم الحالي لاشهر معدودة، تحت عنوان تحاشي الفراغ بموقع الحاكم، وبهدف منع تدهور الاوضاع المالية والنقدية.