برز تطور لافت ينطوي على دلالات تصعيدية جديدة في موقف "حزب الله" عبر حملاته وردوده على خصومه ومهاجميه في حادث الكحالة. وتمثل ذلك في ما اعلنه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد من رهن لمصير اتفاق الطائف بسلاح الحزب.
وقال رعد في كلمة القاها في الجنوب أن "تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقا غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه". وأكد "أننا لا نقاتل من أجل منصب ولا من أجل موقع سلطة، وبشهادة خصومنا نتنازل في السلطة عن كل ما يعطل عملنا في المقاومة، وهذا هو الثبات على الحق، ولأن المقاومة بهذا المستوى من الجهوزية في الدفاع عن الوطن، يأتي حلفاء إسرائيل، ويشغلون بعض الأغبياء عندنا في البلد ليحرضوا ضد المقاومة، فهؤلاء قاصرو النظر، وعلينا أن نتحملهم لأنهم أهل بلدنا، ولكن عليهم أن ينتبهوا أن الغلط لا يمكنه أن يتكرر، ولا تجعلوننا نفكر أبعد من أنكم قاصرو النظر وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم باتفاق الطائف، علما أنه من لا يريد المقاومة، فهذا يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا إلى أين تأخذون وتجرون البلد" .
وكتبت" النهار": لم ينحسر النقاش السياسي والإعلامي على رغم مرور أيام على حادث الكحالة، وانما ارتفع للمرة الأولى تلويح بمعادلة توازي وتوازن بين الطائف وسلاح المقاومة على ما افصح عنها رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد الامر الذي يذهب بالاصداء الحادة لهذه الحادث الى ابعد مما توقعه المراقبون بدقة لمنسوب التعمق في الصراع السياسي الذي بلغه البلد بعد عشرة اشهر من ازمة الفراغ الرئاسي.
وكتبت" نداء الوطن": إنّ من اشتبك مع «حزب الله» في الكحالة ينتمي الى «التيار الوطني الحر»، ما يعني أنّ البيئة التي ظهرت في الكحالة هي ضده، علماً أنّ البيئة المسيحية بكل تناغمها حتى الحليفة معه، وبمعزل عن الصفقات التي تحاول قيادات ان تجريها من فوق، هي ضد فريق رعد».ولفتت الى أنّ «أهمية حادث الكحالة تكمن في أنها أعادت طرح المشكلة الأساسية أو ما يسمى مقاومة وهو مشروع خاص بـ»حزب الله». فكان هناك موقفان متناقضان: موقف البطريرك الماروني الذي يتحدث عن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، وأعاد الاعتبار الى الدولة والدستور والجيش والسلاح الواحد. وموقف رعد الذي قال إنّ كل من هو ضد المقاومة هو ضد اتفاق الطائف، وهو منافٍ للاتفاق وتزوير له. بينما في الحقيقة، إن كل من هو مع «حزب الله» هو ضد الطائف. فالطائف لم يتحدث إطلاقاً عن المقاومة، بل أعاد الاعتبار الى اتفاقية الهدنة وانتشار الجيش على الحدود، وحسم مسألة السلاح خارج الدولة. ودعا الاتفاق الميليشيات الى تسليم سلاحها، ومن ضمنها سلاح «حزب الله». فعمد النظام السوري الى ترقية «الحزب» الى مقاومة، فكان هذا هو أول انقلاب على الدستور من خلال رفض «الحزب» تسليم سلاحه. ومعلوم أن الطائف يضع التحرير في يد الدولة وليس في يد فئة».واعتبرت أن «كوع الكحالة أعاد النقاش الى مسألة أساسية تتعلق بمفهوم الدولة والطائف. وتبيّن أن «الحزب» طرف مأزوم يخشى معاودة النقاش في جوهر إشكالية سلاحه وخط إمداده من طهران الى بيروت».وخلصت الى القول: «السؤال الأساسي هو: بعد حادثتي الكحالة وعين إبل وفي ظل هذا الجو الذي أوجده «حزب الله» والتسعير السياسي الذي يقوم به بالكلام عن «ميليشيات»، فيما القتيل ينتمي الى «التيار العوني»، كيف يمكن للنائب جبران باسيل مواصلة حواره مع «الحزب»؟».
وكان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اعرب عن "حزنه وتالمه مع أهالي الكحالة الأحباء لمقتل عزيزهم المناضل في صمودها طيلة الحرب اللبنانية المرحوم فادي بجاني، الذي سقط ضحية شاحنة الأسلحة التي إنقلبت على كوع البلدة التابعة "لحزب الله". ويؤلمنا ايضا سقوط ضحية من صفوفه. فالحياة هي من الله وعطية ثمينة للبشر". وقال: "نسلم أمر التحقيق لمؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء، لإيماننا الدائم بالدولة ومؤسساتها. فإننا لن نخرج عن منطق الدولة، ولن ننزلق إلى العيش بدونها، وإلى الإحتكام لغيرها. وفي الوقت عينه نطالب جميع مكونات البلاد والأحزاب أن ينتظموا تحت لواء الدولة وعلى الأخص بشأن استعمال السلاح. فلا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة، وأكثر من سيادة. بهذا المنطوق يجب تطبيق إتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية بشأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها".