حسمت قوى المعارضة مقاطعتها العملية للحوار الذي ستدعو اليه فرنسا عبر مبعوثها جان إيف لودريان خلال الشهر المقبل وقطعت الطريق على نفسها أولاً للحد من تأثير باريس في الاستحقاق الرئاسي، الدفع بإتجاه المسار الذي اتخذته" اللجنة الخماسية" خلال إجتماعها الأخير في الدوحة والذي أوحى بأن التصعيد سيكون سيد الموقف في المرحلة المقبلة.
من وجهة نظر المعارضة فإن المبعوث الفرنسي لم يلتزم بالخيار الجديد والاستراتيجية المستجدة للدول الخمس والتي يجب ان تكون فرنسا جزءا منها، بل استمر بغطاء من باريس، بالعمل على تحسين شروط رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، اي مرشح "حزب الله" ، الرئاسية، وهذا أمر لا يمكن القبول به نهائياً خصوصا في ظل دعم المجتمع الدولي والدول العربية لفكرة ايصال رئيس سيادي.
وبحسب مصادر مطلعة فإن فرنسا اليوم تعمل بصفتها الشخصية فقط، اي أنها لم تعد تملك غطاءً اميركياً كما كان حاصلاً في السابق، وعليه فإن نفوذها محصور بقدرتها على التأثير على القوى السياسية الداخلية، وهذا الأمر بات محدوداً لدرجة كبيرة في ظل الخلافات في وجهات النظر مع القوى المسيحية التي كانت تشكل الكتلة السياسية الاساسية الداعمة لباريس.
وترى المصادر ان فرنسا لم تعوض حضورها لدى القوى المسيحية بالحضور لدى "حزب الله" الذي تربطها فيه علاقات مميزة، اذ ان للحزب مرجعية اقليمية واحدة وهو اذ تقاطع مع فرنسا، تقاطع معها على وجهة نظره وخياره الرئاسي الذي تبنته باريس، وليس العكس، لذلك فإن حدود تأثير فرنسا من دون غطاء دولي لم يعد كبيراً.
وتقول المصادر ان احد أهم العوامل التي خسرتها باريس هي الموقف السعودي، اذ ان الرياض حاولت مراعاة الفرنسيين بما يتعلق بالملف اللبناني لفترة طويلة، غير ان هذا الواقع تبدل وعادت المملكة الى التشدد أكثر، وباتت يوحي بعض المقربين منها بأن علاقتها الايجابية مع ايران لن تنعكس على العلاقة مع الحزب بل ان المواجهة معه هي الخيار الواقعي حاليا، مما يوجه ضربة قاضية للحراك الفرنسي.
لذلك يعتقد كثر من المعنيين ان ما سيقوم به المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان خلال شهر أيلول لن يكون سوى محاولة شكلية لاثبات إستمرار الحضور السياسي الفرنسي، ولن يؤدي فعليا الى اي خرق في مسار الازمة اللبنانية، بل ربما سيعمقها وسيظهر حجم التباعد بين الافرقاء اللبنانيين الذين لا يستطيعون حتى الجلوس الى طاولة حوار واحدة.