أظهرت دراسة نشرت الأسبوع الماضي في مجلة "JAMA Network Open" الطبية، أن معدلات الإصابة بالسرطان آخذة في الارتفاع بين الأميركيين الأصغر سنا، الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما، خاصة بين النساء.
وبحسب الدراسة فإنه بين عامي 2010 و2019، زادت حالات التشخيص بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عاما بنسبة 19.4 في المائة.
ومن بين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاما، بلغت الزيادة 5.3 بالمئة، حيث يشكل سرطان الثدي أكبر عدد من حالات الإصابة بذلك الداء الخبيث بين الشباب.
ولفتت الدراسة إلى أن معدل تشخيص سرطان الثدي في المراحل المتأخرة لدى الشابات والسيدات الصغيرات في السن آخذ في الارتفاع، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
فبالنسبة للنساء اللواتي تحت سن 40 عاما، ارتفع معدل الإصابة لديهن بنحو 3 في المائة كل عام من عام 2000 إلى سنة 2019، وفقا لبيانات جمعية السرطان الأميركية.
وعلى الرغم من هذه الاتجاهات، فإن هناك القليل من النصائح المقدمة للنساء الأصغر سنا فيما يتعلق بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، إذ يوصي الأطباء بإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية فقط للنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 40 سنة و74 عامًا.
وتعقيبا على ذلك، قال رئيس قسم جراحة الثدي في مستشفى بريغهام في بوسطن، تاري كينغ: "لا ينبغي أن يكون سن الأربعين هو المرة الأولى التي تناقشين فيها موضوع سرطان الثدي مع طبيبك".
ويقول الخبراء إن النساء الصغيرات في السن والمصابات بسرطان الثدي، غالبا ما يعانين من ضائقة عاطفية أكثر من السيدات المتقدمات في العمر.
فالإصابة بذلك المرض في سن مبكرة، تؤدي إلى "الشعور بالعزلة"، لأن "الشابة قد لا تتماشى مع التوقعات المجتمعية للتقدم في العمل أو الزواج أو إنجاب الأطفال".
وبالمقارنة مع السيدات الأكبر سنا، فإن الشابات أكثر عرضة لتشخيص الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة متأخرة وعدوانية، كما أنهن يواجهن خطرًا متزايدًا لعودة الورم الخبيث في حالة الشفاء منه.
وفي هذا الصدد، قال كبير المسؤولين العلميين في جمعية السرطان الأميركية، ويليام داهوت: "من الواضح أن إصابة أي شخص بسرطان الثدي أمر كارثي، بيد أن إصابة شابة صغيرة بذلك المرض هو أمر مدمر تماما".
ويرى كثير من الخبراء أنه لا يوجد دليل قوي على فعالية محتملة للتوصية بإجراء فحوصات شاملة لسرطان الثدي للنساء الأصغر من 40 عامًا.
ونبهوا إلى أن هناك مصدر قلق آخر، متمثل بالأضرار المحتملة لتلك الفحوصات بين الشابات وصغيرات السن، والتي تشمل "الخسائر النفسية للنتائج التي قد تظهر إيجابية ولكنها كاذبة (النتائج الخادعة)، وبالتالي التعرض المستمر لجرعات صغيرة من العلاج (دون حاجة لها)".
وتعتقد المسوؤلة في الجمعية الأميركية للسرطان، ديبرا مونتيتشيولو، أنه يجب على جميع النساء اللواتي بلغن سن الخامسة والعشرين عاما "الحصول على تقييم للمخاطر".
وشددت على ضرورة أن يتم فحص السيدات اللاتي يتعرضن لخطر أكبر بشكل منتظم، لافتة إلى أهمية أن تكون جميع النساء قادرات على الوصول بسهولة إلى التصوير الشعاعي للثدي أو غيره من الفحوصات.
يقول الخبراء إنه لا توجد تفسيرات واضحة لإصابة المزيد من النساء بسرطان الثدي في سن أصغر، لكنهم أشاروا إلى عوامل خطر محتملة.
وهنا أوضحت رئيسة قسم الأورام النسائية في منطقة شمال كاليفورنيا، إليزابيث سوه بورجمان، إن "الوراثة تعد عامل خطر معروف للإصابة بسرطان الثدي".
واستطردت: "لكن النتائج لا تشير إلى ذلك، فمعظم النساء اللاتي يصبن بسرطان الثدي في سن مبكرة ليس لديهن عامل خطر وراثي".
وترى سوه بورجمان أن أحد العوامل المساهمة المحتملة هو أن "المزيد من النساء يؤخرن حملهن الأول، إذ يعد الحمل لأول مرة في سن 35 عامًا أو بعد ذلك، أحد عوامل خطر الإصابة بسرطان الثدي".
ونبهت إلى أن إحدى النظريات تزعم أنه "بعد سن 35 عامًا، يكون لدى الثدي المزيد من الوقت لتراكم الخلايا غير الطبيعية"، مضيفة أن التغيرات التي تحدث للثديين أثناء الحمل "يمكن أن تسرع من تطور تلك الخلايا غير الطبيعية، لتتحول إلى خلايا سرطانية".
وأكدت الطبيبة أن "الحيض المبكر وانقطاع الطمث المتأخر يعد من العوامل الخطيرة، باعتبار أن الثديين يتعرضان لهرمون الأستروجين لفترة أطول".
ويمكن أن يؤثر نمط الحياة والنظام الغذائي والوزن واستهلاك الكحول والتلوث البيئي أيضًا على احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، بحسب الخبراء.
وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون العرق أيضًا عاملاً خطيرا مساهما، فالنساء من أصول أفريقية أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي في سن أصغر، من النساء البيض.
كما أنهن السيدات من أصول أفريقية أكثر عرضة للإصابة بنوع عدواني من السرطان يدعى سرطان الثدي الثلاثي السلبي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الخبراء لا يزالون عاجزين عن تفسير ذلك، بيد أنهم لمحوا إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتعرض للتلوث يمكن أن تكون سببا في ذلك.