دخل التوتر في مخيم عين الحلوة، اليوم الأربعاء شهره الأوّل بعد إشتباكات عنيفة دامت لـ5 أيام مطلع آب الجاري بين حركة "فتح" وإرهابيي جماعتي "جند الشام" و"الشباب المُسلم". وحالياً، ورغم الهدوء الحذر القائم في المُخيم، تواصلت الإتصالات لإيجاد السّبل الكفيلة لتطويق نفوذ هؤلاء المسلحين ضمن منطقتين أساسيتين ضمن المخيم وهما التعمير والطوارئ، في حين أنه لم تُفلح مختلف الوسائل لتسليم هاتين الجماعتين للمطلوبين باغتيال المسؤول في حركة "فتح" أبو أشرف العرموشي.
بشكلٍ أساسي، فإنّ عدم تحقق أمر التسليم حالياً كاد يُمهّد لمعركة عسكرية جديدة أساسها القضاء على الإرهابيين في المُخيم وإنهاء وجودهم ميدانياً. وبشكل فعليّ، وحتى ساعات يوم أمس الثلاثاء، كان الترقُّب سيّد الموقف بين مختلف الأطراف الإسلامية والفلسطينية في المخيم، لاسيما بعدما قيلَ أنّ المدة التي أعطيت لتسليم المطلوبين قد جرى تمديدها حتى يوم الثلاثاء بعدما انتهت يوم الأحد الماضي.
مرحلة جديدة
وفي الوقت الحالي، يُمكن القول إنَّ الوضع في عين الحلوة دخلة مرحلة جديدة تولتها قيادة الجيش الآن، وذلك بهدفِ الضغط على الإرهابيين والتضييق عليهم بعدما أجمعت مختلف الأطراف على أنَّ الحل العسكري لإنهاء وجودهم ليس وارداً الآن مُجدداً.
في غضون ذلك، كشفت مصادر فلسطينيّة مُواكبة لإجتماع حركة "فتح" و "عصبة الأنصار"، يوم أمس، في مُخيّم عين الحلوة، أنَّ اللقاء الذي جمع عدداً من المسؤولين عن الجهتين تطرّق بشكلٍ أساسيّ إلى التأسيس لمُصالحة بين "فتح" و "عصبة الأنصار" لاسيما بعد حصول خلافاتٍ ميدانيّة إبّان الإشتباكات الأخيرة التي اندلعت في المُخيّم قبل شهرٍ من الآن بين "فتح" وجماعة "جُند الشام" الإرهابيّة، واستمرّت لمدة 5 أيّام تقريباً.
وقالت المصادر لـ"لبنان24" إنَّ التوافق الذي حصل بين الطرفين يُمهّد لتعاونٍ أكبر بهدفِ إرساء حالة الهدوء داخل المُخيم من جهة، وتشديد حالة الحصار على الإرهابيين المُتحصنين داخل منطقتي التعمير التحتاني وحي الطوارئ في عين الحلوة.
ووسط كل ذلك، بدأت جماعة "عصبة الأنصار" تتحسُّس "تضييق الخناق" عليها من قبل قيادة الجيش لاسيما بعدما مُنع المُتحدث باسمها الشيخ أبو شريف عقل من الإنتقال إلى خارج المخيم مثلهُ مثل رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب واللواء مُنير المقدح، القيادي في حركة "فتح".
وتقولُ مصادر ميدانيّة "لبنان24" إنَّ هذا التضييق الذي حصل أساسهُ خطّة يعتمدها الجيش بالتضييق على الإرهابيين وعلى الجهات التي يمكن أن تكونَ تورّطت في دعمهم أو في تغطيتهم نوعاً ما، وتضيف: "في الأساس، الكثير من قيادات عصبة الأنصار كانت تنتقلُ إلى خارج المخيم بعلم الدولة، وكان هذا الأمرُ يحصلُ بشكل دائم خلال الفترات الماضية. أما اليوم، فإنّ هذا الأمر بات مُختلفاً تماماً، وبالتالي سيُحاصر هؤلاء ضمن المخيم وسيكونُ عليهم حالياً إثبات التعاون مع فتح ومع الجيش من أجل إنهاء الوجود الإرهابيّ في عين الحلوة بأسرع وقتٍ ممكن".
ورجَّحت المصادر أنهُ في حال لم يحصُل هذا الأمر، عندها فإنّ الجيش قد يُوسع إجراءاته على أكثر من صعيد، وقد يضطرُ لاحقاً لتوقيف جهاتٍ أخرى مسؤولة ضمن "عصبة الأنصار" وغيرها من الأطراف التي كانت تستفيد من الدخول والخروج إلى المُخيم، وذلك مثلما حصل قبل يومين مع أبو سليمان السعدي، شقيق مسؤول عصبة الأنصار الراحل أبو طارق السعدي، الذي جرى توقيفهُ من قبل الأمن العام.
في الوقت نفسه، أثارَت تصريحات أخيرة للشيخ ماهر حمود بشأن ملف تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي، استياءً كبيراً لدى أوساط فلسطينية معنيّة، إذ اعتبرت أنّ حمود يُحرض الإرهابيين على عدم الإلتزام بشرط تقديم المتهمين بالقتل إلى العدالة اللبنانية التي انتقدها.
ما قالهُ حمود توقفت عندهُ أطراف فلسطينية عديدة، وتساءلت عن سبب هذه التصريحات في ظلّ المرحلة الحالية، وقالت: "هناك أجندات مشبوهة تفرُض نفسها وما يجري ليس عادياً والتمسك كبيرٌ جداً بتسليم المطلوبين لأنّ ما جرى مع العرموشي ليس حادثة عابرة بل اغتيالٌ مُنظّم".