قبل حوالي الشهرين، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، بأنّ حوالي 9 من كل 10 أسر في لبنان، لا تملك ما يكفي من المال لشراء الضروريات. وفي تقرير مماثل مع بداية الازمة الاقتصادية في لبنان، أصدرت المنظمة عينها تقريرا أشارت فيه الى انّ آلاف من أطنان الطعام ترمى في النفايات، و30 بالمئة من أطفال لبنان ينامون ببطون خاوية، لعدم حصولهم على عدد كاف من الوجبات، في حين لا تملك 77 بالمئة من الأسر ما يكفي من غذاء أو مال لشراء الغذاء، كما جاء في تقرير "اليونسيف". وفي أحدث دراسة أعدتها الجامعة اللبنانية الأميركية بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، أظهرت أنه رغم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان وارتفاع نسبة الفقر، فإن 35 بالمئة من الغذاء يذهب هدراً سواء في المطاعم أو في المنازل.
انّها أزمة هدر الطعام، والتي باتت تحتاج الى حملات توعوية ربما لا تقل اهمية عن التوعية ضد آفات اخرى، او التوعية ضد السرعة في القيادة او المخدرات او التوعية من امراض معينة والى ما هنالك. وكأنها حالة تفضح حجم التناقض الذي نعيشه، ما يجعل الامن الغذائي للمواطنين اللبنانيين في خطر، والامثلة على ذلك كثيرة في بلد يعاني من ازمة اقتصادية خانقة.
ازمة عالمية
وحتما ليس ذلك بأزمة محلية، فوفقا لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن 17 بالمئة من جميع الأغذية المنتجة سنوياً، أي ما يوازي 931 مليون طن، تُهدر في المنازل ومنشآت البيع بالتجزئة وصناعة الخدمات الغذائية. وبحسب البرنامج فانه يشير الى انّ 61 في المئة من الطعام يتم هدره في المنازل، و26 بالمئة في المطاعم والبقية في السوبرماركت.
التوعية
انطلاقا من هنا، وبناء على وصف الواقع، لعل المفتاح الاول للمعالجة هو التوعية اولا واخيرا. وهدر الطعام كان السبب المباشر خلف اطلاق وزارة الاقتصاد مسابقة بين الطلاب الجامعيين لإعداد فيديو توعوي ومنشور حول هذه القضية. حيث بات من الملح اليوم أن تسعى الوزارات المعنية للقيام بحملات توعوية لتنبيه المواطنين الى السلبيات المرتبطة بهذا الموضوع والخطورة التي قد تترتب عن ظاهرة تطال حقيقة مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، طالما انّ المسألة ترتبط بالامن الغذائي والاستدامة.
شارك في المسابقة 9 جامعات، وفازت جامعة بيروت العربية بالجائزة عن فئة افضل مشروع توعوي عن هدر الطعام. واللافت في الفيديو الذي لم يتم الاعلان عن منصات عرضه بعد، انّ الطلاب الذين عملوا عليه استفادوا ايضا من توظيف "السوشيل ميديا" في مشروعهم لايصال فكرتهم المرتبطة بالتوعية ضد هدر الطعام.
فيديو توعوي
واستطاع الطلاب زهراء شكر، بلال الشيخ، ديانا أبو الحصن، فرغانة بلّوط، باشراف الدكتورة المشرفة ندى الدرّة وهي أستاذة مشاركة في تكنولوجيا سلامة الغذاء في كليّة قسم التغذية و تنظيم الغذاء في الجامعة، من الفوز بالجائزة. وتتحدث شكر لـ"لبنان 24" عن مشاركتهم في المسابقة، مشيرة الى انّ الفيديو لم يتم عرضه بعد، وهو فيديو توعوي في حوالي 45 ثانية يتحدث عن اهمية عدم هدر الطعام. وبحسب زهراء: "الفيديو عبارة عن مشهد تمثيلي كوميدي، يجمع الفكرة والعرض باسلوب اخراجي لطيف ومحبب للجمهور، وربما كان هذا السبب الذي خولنا الفوز، لانه لم يكن مجرد دعاية، بل رسالة هادفة، عملنا عليها مع الفريق بمشاركة احد الشباب المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي والذي يحظى بمتابعة كبيرة كي يتم نشر الفيديو على نطاق واسع عندما يحن وقت عرضه".
وتقول زهراء: "جمعنا الكوميديا مع المحادثة الجذابة، وعرضنا في اخر المشهد شعارا نتمنى ان يكون له تأثيرا في المرحلة المقبلة لدى الناس. واستفدنا من اختصاصات الفريق الجامعية المختلفة لتقديم المحتوى بافضل صورة، فنحن طلاب اعلام وتسويق وتغذية وهذا ما ساعدنا لجمع كل العناصر المطلوبة لانجاح المشروع".
السوشيل ميديا
واللافت في الفكرة كانت توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في محتوى هادف بعيدا من الابتزال الحاصل على تلك المواقع في عالم مفتوح بلا ضوابط وحدود، يتم افتراسه من قبل الجيل الشاب على وجه التحديد باطار غير لائق وغير اخلاقي. وبالتالي بحسب شكر: "فانّ هذا الفيديو هو تشجيع ايضا لايجاد محتويات هادفة لايصالها للجمهور، وهذا لا يعني ان يكون المحتوى جامد، بل على العكس يمكن للمضمون ان يكون اقرب الى الناس باطار تمثيلي معين او ربما اغنية او عرض فني.. المهم ان نحصل اثره على نتيجة ايجابية".
ويبقى ان تكون التوعية هي العنصر الاول على مائدة طعام اللبناني بلا استعراض او تكلف وهواء مفتوح على السوشيل ميديا لـ"show off" اللبناني المحب "للفزلكة" دون أن يعي خطورة هدر الطعام على المستوى البعيد.