كتبت سابين عويس في" النهار": العنوان الأبرز لوصف التحرك الباسيلي يكمن في الاستحقاقات الداهمة على مستوى التعيينات في المؤسسة العسكرية، في ظل استمرار وزراء باسيل، بقرار منه، الامتناع عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، منعاً لإضفاء أي شرعية على تلك الجلسات التي يرفض التيار الاعتراف بها، رغم الحاجة الملحة في البلاد في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها وضرورة وضع خطة استباقية احترازية تؤمن الجهوزية الممكنة وإن ضمن الإمكانيات المتواضعة لمواجهة أي عدوان أو نشوب حرب على الأراضي اللبنانية.
من الواضح أن تحرك باسيل ينطلق من عاملين، الأول مسارعته الى إطلاق تحرك يكون بمثابة مبادرة في ظل تلكؤ أو تريّث قوى أخرى عن أي مبادرات لمواجهة التحديات الداهمة، والثاني يكمن في حاجته الى "سلّم" ينزله عن شجرة المعارضة والبقاء خارج السلطة، خصوصاً أن الظروف المستجدة تؤكد سقوط أو على الأقل تراجع أي مبادرات داخلية أو خارجية لمعالجة الأزمة المحلية الكامنة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولأن استحقاق التعيينات العسكرية ولا سيما على رأس مؤسسة الجيش لا يمكن التعامل معه باستخفاف أو تهميش، كما حصل مثلاً بالنسبة الى موقع حاكم المصرف المركزي، حيث أدى اعتراض نواب التيار على المشاركة في جلسة تعيين حاكم جديد، ما لم يكن من تسميتهم، الى تسليم النائب الأول للحاكم المنصب الى أجل غير مسمى في ظل استمرار تعطل إنجاز الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة.
لم تحمل زيارة باسيل للسرايا أي جديد يخرق مقاطعته للجلسات الحكومية، التي فُهم أنها ستكون مشروطة بعدد من المطالب، تجاوزتها حكومة ميقاتي، إذ إن الحكومة تجتمع بغطاء سياسي من الثنائي، وقد تجاوزت الحاجة الى أصوات وزراء التيار، خصوصاً أن باسيل لم يكشف عمّا يمكن أن يقدّمه للحكومة بعد أشهر طويلة من الهجمات والانتقادات لأدائها.
خسر باسيل بمقاطعته أكثر الملفات أهمية بالنسبة إليه، ملف النازحين والنفط من باب التنقيب والترسيم والحرب القائمة، حيث لم تلق معادلته "كاريش مقابل قانا" أيّ صدى.
وخسر باسيل أيضاً بزيارته السرايا اعترافه المباشر بموقع رئاسة الحكومة التي لم ينفك يهاجمها منذ خروج الرئيس الأسبق ميشال عون من بعبدا، بحيث جاءت الزيارة كاعتراف ولو متأخراً بالشريك الحكومي، والأمر ينسحب أيضاً على زيارته اليوم لعين التينة.
المفارقة، أنه لدى خروج باسيل من السرايا، كان وزير العدل هنري خوري، يدخلها من أجل الاجتماع بميقاتي، ما يعكس ازدواجية واضحة لدى التيار في مقاربة المشاركة في الحكومة. تنسحب هذه الازدواجية أيضاً على زيارة وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب لدمشق بتكليف من مجلس الوزراء، كما تنسحب على عمل وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار في ملف النازحين بتكليف أيضاً من مجلس الوزراء.
هل يمهّد باسيل لعودة وزرائه الى الحكومة؟
لم تلمس أوساط حكومية هذا الأمر حيث حملت الزيارة طابعاً بروتوكولياً أكثر من كونها غاصت في التحديات التي أشار إليها بيان المكتب الإعلامي لباسيل كهدف لجولته التشاورية. أما مشاركة وزراء التيار في جلسات الحكومة، فتقول الأوساط إن هذا الأمر هو في يد رئيس التيار وهذا قراره، أما بالنسبة الى رئيس الحكومة فهو مستمر في الدعوات الى جلسات وفق ما تقتضيه الظروف، والى دعوة كل الوزراء الى المشاركة.
في الموازاة، لم تخرج زيارة باسيل لجنبلاط عن السياق العام الذي حدّده الأول في بيان تحركه. وبدا جنبلاط مرتاحاً إلى نتائج اللقاء كما صرّح لـ"النهار"، إذ وصف الاجتماع بالجيد، مشيراً الى أنه تناول الأوضاع العامة في البلاد في ضوء المخاطر المحدقة، و"اتفقنا على كيفية مواجهة المشاكل المطروحة في شكل مشترك"، لافتاً إلى أن "الوقت اليوم ليس للحساسيات والخلافات الداخلية، أمام هول إمكانية الحرب الشاخصة أمامنا".