حُسِم الأمر.. الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله سيُطلّ يوم الجمعة المقبل تكريماً للشهداء الذين سقطوا إبان المواجهات مع العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان. الإطلالةُ هذه كانت مُنتظرة ليس فقط في الداخل اللبناني بل في الداخل الإسرائيلي، وعند الأخير يكمنُ بيت القصيد.
حالياً، ينتظر الإسرائيليون ما سيقوله نصرالله عن حربهم ضدّ قطاع غزة وعن إعتداءاتهم ضدّ جنوب لبنان. لهذا، سيكون أمين عام الحزب حاسماً وجازماً في كل معطياته، حتى أنهُ سيُعطي لمحة شاملة عما حصل وعن كيفية إدارته للمعركة الحاصلة في الجنوب.. ولكن، هل سيُعلن الحرب؟ وهل سيُعطي إشارة بفتح جبهة الجنوب؟
فعلياً، كل شيء وارد طالما أن إسرائيل مستمرة في تصعيدها ضدّ غزة، لكن توقيت كلمة نصرالله يوم الجمعة، أي بعد 4 أيام من الآن، يعد كفيلاً لمنح الأميركيين والإسرائيليين الوقت لتهدئة التصعيد والذهاب نحو وقف الحرب، وإلا فإنّ الأمور ستكونُ معقدة. كذلك، يمكن القول إنّ ذهاب نصرالله باتجاه الظهور الإعلاميّ الآن يرتبطُ بـ4 أمورٍ أساسية:
الأول: وهو أن نصرالله لديه كافة تفاصيل الميدان سواء في غزة أو في جنوب لبنان، ولهذا ما كان ليظهر لو لم تكن لديه التفاصيل والمعطيات الأمنية والعسكرية والإستخباراتية التي تجعلهُ يُطلق موقفاً واحداً مما يجري الآن.
ثانياً: إنّ ظهور نصرالله الآن يعني أنّ آفاق المعركة باتت واضحة المعالم، كما أن مسارها المستقبلي بات جلياً جداً بالنسبة له. وعملياً، فإنّ الكلمة التي سيلقيها نصرالله هذه المرة ستكونُ مشابهة تماماً للكلمات التي ألقاها في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الماضية ضد قطاع غزة. حينها، كان يتحدث نصرالله عن الحرب هناك بشكلٍ علني ويُعطي موقف "حزب الله" وتحديداً عندما لم يكن الأخير مُنخرطاً في المواجهات بشكلٍ مباشر. أما الآن، فإن وجود الحزب كعنصر أساسي في المعركة لم يمنع نصرالله من كشفِ ما سيحصُل تباعاً على صعيد جبهة لبنان لأن هذا الأمر يريده الإسرائيليون بالدرجة الأولى.
ثالثاً: من الممكن أن تكون كلمة نصرالله بمثابة تمهيدٍ لتهديد جديد يطالُ تل أبيب. هذه المرة سيرفع نصرالله سقف التحدي لكنه قد يؤكد أن موقف "حزب الله" هو الالتزام بعدم الذهاب إلى حرب إلا إذا فرضت إسرائيل تلك الورقة عليه. الأمرُ هذا محسوم، فالحزبُ لو أراد المغامرة بالجبهة الجنوبية، لأقدم على فتحها منذ اليوم الأول لحرب غزة، لكنه لم يفعل ذلك. في الوقت نفسه، من الممكن أن يُهدد نصرالله بقصف المرافق الحيوية في العمق الإسرائيلي، كما أنه من الممكن أن يتحدث عن أسلحة نوعية قد يستخدمها الحزبُ في أي مواجهة، في حين أنه قد يكشف عن مفاجآت ميدانية حققها الحزب طيلة المواجهات.
رابعاً: إنّ ظهور نصرالله الآن يُعدّ نتيجة لحصيلة إتصالاتٍ اجريت مع الحزب لمعرفة موقفه وموقعه من المواجهة، كما أنّ أمين عام الحزب قد يذهب باتجاه كشف لمحة عن المحادثات التي أجريت في سبيل التهدئة.
ماذا سيقول نصرالله أيضاً؟
أمام كل ذلك، فإن نصرالله قد يقول الكلام الكثير عن الوضع الداخلي، إذ من المنتظر أن يتحدّث عن الإحاطة السياسية لعمليات "حزب الله" في الجنوب، كما أنهُ قد يوجه رسائل تقدير لكافة حركات المقاومة التي نفذت عمليات ضد إسرائيل من لبنان. كذلك، من الممكن أن يعطي نصرالله موقفاً تقديرياً لجهاتٍ سياسية تحرّكت في سبيل تحصين لبنان سياسياً في حال حصول أي عدوان. الأمرُ هذا مهم جداً بالنسبة لـ"حزب الله" وهذه الورقة لا يريد الأخير خسارتها لأن الاحتضان الداخلي أساسيّ بالنسبة له ولن يُفرّط به بتاتاً.